دراساتصحيفة البعث

الصين ليست ساحة معركة

عناية ناصر

يواصل كبار المسؤولين الأمريكيين، وحلف الناتو، خلق جو معادٍ ضد الصين بين حلفاء أمريكا وشركائها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولكن في الوقت نفسه، تسعى الولايات المتحدة إلى مزيد من الانخراط والمشاركة مع الصين لإدارة ما يُسمّى بمنافسة أفضل مع الصين، حيث ترغب الولايات المتحدة في التعاون مع الصين في بعض القضايا ذات الاهتمام الكبير بالنسبة للولايات المتحدة، مثل التمويل والاقتصاد وتغير المناخ والصراع الروسي الأوكراني.

علق محللون صينيون حول المسألة بالقول إن عدم صدق الجانب الأمريكي واضح للغاية، لذلك ستكون الصين حذرة بالمثل عندما تتعامل مع الولايات المتحدة، فإذا  رفضت الولايات المتحدة تصحيح أخطائها من أجل تصحيح العلاقات الثنائية التي تضرّرت من قبل الجانب الأمريكي منذ عام 2018، واستمرت بدلاً من ذلك في حث حلفائها واستخدامهم لاحتواء الصين، فلا ينبغي لواشنطن أن تتوقع من الصين أن تتعاون في تلك المجالات.

كان وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن في الفلبين لإجراء محادثات حول نشر القوات والأسلحة الأمريكية في المزيد من المعسكرات العسكرية الفلبينية لتكثيف الردع ضد تحركات الصين حول جزيرة تايوان وبحر الصين الجنوبي.

وفي مقابلة مع صحيفة “الفاينانشيال تايمز”، في وقت سابق من الشهر الماضي، استبعد الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس إعادة فتح القاعدتين العسكريتين الأمريكيتين السابقتين في “سوبيك باي”، و”كلارك”، قائلاً إنه أمر مخالف لدستور بلاده السماح بقواعد أجنبية على أراضيها.

وكان قد تعهّد الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بتعزيز العلاقات بينهما وبحثا “التحديات”، بما في ذلك “السلوك القسري للصين” في المنطقة وفق مزاعمهما. وقد أشار ستولتنبرغ أيضاً إلى وسائل الإعلام أن حادثة مثل الأزمة الروسية الأوكرانية في أوروبا يمكن أن تحدث أيضاً في آسيا، معتبراً الصين بأنها “تهديد” للسلام الإقليمي. في المقابل، قال ماو نينغ، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، رداً على تصريحات رئيس الناتو إنه فيما يتعلق بقضايا النقاط الساخنة مثل الصراع الروسي الأوكراني، فقد لعبت الصين دائماً دوراً نشطاً في تعزيز السلام والتفاوض، وأنه يتوجب على الناتو إعادة التفكير بعناية في الدور الذي لعبه في أمن أوروبا. وقال ماو: “ما أريد أن أؤكده هو أن منطقة آسيا والمحيط الهادئ ليست ساحة معركة للصراعات الجيوسياسية، ولا نرحب بعقلية الحرب الباردة أو مواجهة التكتلات”.

وقالت إذاعة صوت أمريكا في تقرير لها إن الخبراء الأمريكيين لديهم توقعات ضعيفة بشأن الزيارة المحتملة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى الصين، لأنهم يعتقدون أنها لن تعيد ضبط أو إصلاح العلاقات مع الصين. وحتى الآن، لم يؤكد الجانب الصيني زيارة بلينكين، وعزا لو زيانغ، الخبير في الدراسات الأمريكية في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، السبب الذي جعل الجانب الصيني يحمل مثل هذه التوقعات الضعيفة هو معرفتهم التامة بأن الولايات المتحدة لن تغير موقفها العدائي تجاه الصين، كما كانت تعلم أن واشنطن لن تكون صادقة في إصلاح العلاقات الثنائية، ولذلك ستتخذ الصين أيضاً موقفاً حذراً في التعامل مع الولايات المتحدة، ولأن الولايات المتحدة لن تتخلى عن محاولتها لاحتواء تنمية الصين، في المقابل لن تتخلى الصين أبداً عن شرعيتها، والتنمية الصحيحة.

عندما تحدث القادة والمسؤولون الأمريكيون عن إقامة حواجز التوتر بين الصين والولايات المتحدة، فإنهم يتحدثون في الواقع عن وضع قواعد ومعايير غير عادلة صادرة عن الولايات المتحدة، ويريدون من الصين أن تتبع هذه القواعد لاحتواء التنمية في الصين في نهاية المطاف.

ومع ذلك، فإن الصين تأمل في أن يكون وضع الحواجز هو التأكد من أن واشنطن لا تفعل أي شيء لاستفزاز المصالح الجوهرية للصين مثل قضية تايوان. وعليه لن تحصل الولايات المتحدة على ما تريده من الصين إذا لم تظهر واشنطن نوايا مخلصة لتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها منذ أن شنت حرباً تجارية مع الصين في عام 2018.