مجلة البعث الأسبوعية

نسبة الأستاذ إلى الطالب وأحقية حامل “الماستر” بالتدريس في الجامعات الخاصة مشكلات تطفو على السطح من جديد!

البعث الأسبوعية – غسان فطوم

عاد أساتذة الجامعات من جديد لنبش بعض التجاوزات والمخالفات التي ترتكبها بعض الجامعات الخاصة، في الوقت الذي تتحدث فيه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن رقابة دائمة على مجريات العملية التدريسية في تلك الجامعات، وفق ما نصّت عليه القوانين والأنظمة، لكن هناك من انتقدها لجهة “تراخيها” في ضبط المخالفات لدرجة وصلت إلى قول عدد من الأساتذة والطلبة إن الجامعات الخاصة لا تستحق هذه الأقساط الكبيرة لقاء ما تقدّمه، فلا قيمة مضافة تقدّمها، سواء لجهة نوعية وجودة مقرراتها وتميّز تخصّصاتها، أو فيما يتعلق بالحصول على فرصة عمل بعد التخرج قياساً بمخرجات الجامعات الحكومية!.

مشكلات عدة..

في هذا السياق وعلى منصة “دكاترة الجامعات في سورية” تمّ إثارة عدة مشكلات أبرزها ما يتعلّق بمخالفة نسبة الأستاذ إلى الطالب، حيث طالب أحد الأساتذة بضرورة أن تتوازن وتعود إلى (١– ٢٠)، وأنه لا يجوز قبول طلاب على أساس الماجستير في تدريس النظري، مشيراً إلى عدة مآخذ على التدريس في بعض الجامعات الخاصة، ومطالباً بالرقابة الصارمة من أجل جودة المنتج وليس من أجل زيادة الأرباح!.

إلى مجلس التعليم العالي

أستاذ آخر وجّه سؤالاً إلى مجلس التعليم العالي: لماذا السماح للجامعات الخاصة باستقدام حملة الماستر في تدريس المقررات النظرية لا تتوفر فيهم معايير القدرة على التدريس؟، فيما ذهب بعض الأساتذة إلى القول “إن المشكلة في مجلس التعليم العالي أنه يصدر قرارات تصبّ في مصلحة رأس المال وليس في مصلحة الطلاب أو الأساتذة”،

ولم يتردّد أساتذة آخرون بالقول إن قبول حملة الماجستير كمدرّسين لبعض المواد النظرية “نص مصيبة” مقارنة بغضّ النظر على مخالفات أخرى!!.

تقزيم التعليم!

وبرأي الأساتذة أن اعتماد الجامعات الخاصة على حاملي الماجستير بالتدريس النظري، ما هو إلا محاولة جشعة منها لتقزيم التعليم العالي –على حدّ قولهم- مطالبين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بألا تتساهل وأن تشدّد على إعداد المدرّسين الأكفياء القادرين على التدريس وإفادة الطلبة.

أذن مصغية

ما سبق اعتبره الكثير من أعضاء الهيئة التدريسية أمراً مهماً يجب أن يناقش بجدية، متسائلين: هل هنالك أذن مصغية من قبل المعنيين، مؤكدين إن لم تتمّ معالجة هذه النقاط بأسرع وقت فعلى الجامعات الخاصة السلام، ليعلّق أحدهم “للأسف الشديد زيادة الأرباح هي ما تهمّ أصحاب الجامعات الخاصة بالدرجة الأولى”. فيما طالب آخرون بأن يتمّ اختيار الأساتذة وفق أسس أكاديمية وخبره تدريسية وليس بشكل عشوائي!، وبرأي البعض أن زيادة رواتب وتعويضات المدرّسين في الجامعات الحكومية هي الحلّ الأمثل والذي يمنع أعضاء الهيئة التدريسية من الهروب للتدريس في الجامعات الخاصة التي تقدّم تعويضات مجزية حتى لحملة الماجستير.

يوجد شك..؟

أحد الأساتذة تساءل: ما الفائدة من إرسال موفدين إلى الخارج إن كان بعضهم يرفض العودة، وإن عاد بعضهم، وهم قلة قليلة، فشهاداتهم يُشكّ بها ولا تؤهلهم للتدريس في الجامعة؟، موضحاً أن بعض الجامعات تمنح شهادة مدرّس باحث بعد ثلاث إلى أربع سنوات حسب الاختصاص، البعض من الطلبة قد يكتفي بذلك، ويأتي، علماً أن ذلك غير كافٍ، لأن الحصول على شهادة دكتوراه لا يكتمل إلا بتقديم الطالب لبحثه لمجلس علمي من خارج الجامعة، وقد يأخذ من الوقت أكثر من ستة أشهر ليحصل بعدها على درجة الدكتوراه التي تؤهله فيما بعد للتدريس.

وأضاف: ما سبق يبدو غائباً عن المعنيين، فالوقائع تشير إلى أن “التعليم العالي” اختصرت وقالت: “شهادة المدرّس الباحث تكفي احصلوا عليها وارجعوا”، فكيف ولماذا يحصل ذلك؟!.

على الطرف الآخر

ما طُرح من آراء لم يؤيده جانب من الأساتذة، معتبرين إن كان هناك من مشكلة فهي محدودة أو قليلة، وخاصة ما يتعلّق بالأطروحة المقدّمة في نهاية الدراسة في مرحلة الدكتوراه، من دون أن ينفوا وجود بعض الحالات (حالات محدودة جداً).

وتشدّد هذا الجانب من الأساتذة برفض فكرة أن الشهادة الجامعية التي يحصل عليها البعض من الخارج ممكن أن يُشكّ بها لدرجة المستحيل أن يحصل ذلك –حسب قولهم- لأنه غالباً تقييم الرسالة يكون في مكان مستقل عن الجامعة التي درس بها، أي لا علاقة للمشرف بالموضوع أساساً، موضحين أن أغلب المشرفين في هذه المرحلة يتخلون عن الطالب لأن الجامعة لن تدفع لهم أجراً، عدا عن أن تلك الأطروحة وملخصها وتقييمات المحكّمين تنشر على الانترنت بشكل مفتوح على موقع وزارة التعليم للجميع لمدة لا تقلّ عن ثلاثة أشهر قبل الدفاع، وفي حال وجود مخالفات لا يتمّ منح الشهادة، بل وفي حال اكتشاف وجود مخالفات فيما بعد يتمّ أيضاً سحب الشهادة وتنشر كامل المعلومات عن الشخص الذي تمّ سحب شهادته والأسباب أيضاً بشكل مفتوح على موقع الوزارة، وعند تكرار هذا الأمر مرتين أو ثلاثاً يغلق المجلس ولا يسمح فيه بإجراء المناقشات.

في وزارة التعليم العالي ..يقولون أن هناك متابعة دائمة لشؤون الجامعات الخاصة ويدللون على ذلك بإطلاعك على العديد من المخلفات لبعض الجامعات الخاصة والكثير من الغرامات، والوزارة دائماً تؤكد أنها لا تسمح بالتجاوزات.

جميل هذا الكلام ولكن لماذا تحصل المخالفات في ظل هذه الرقابة ..يسأل أساتذة الجامعة؟!.

اتحاد الطلبة يوضح

الأستاذ فايز اسطفان عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الطلبة رئيس مكتب التعليم الخاص وفي تعليقه على ما سبق أوضح أنه بسبب النقص الحاصل بعدد أعضاء الهيئة التدريسية في بعض التخصصات لاسيما الطبية منها، سمح مجلس التعليم العالي منذ بداية عام 2017 للجامعات الخاصة بتكليف حملة الماجستير في التدريس لديها، لكنه وضع شروط لذلك منها: أن يكون المكلف متفرغاً للتدريس في الجامعة تفرغاً كلياً، وأن يكون لدى المكلف خبرة بالتدريس في مجال اختصاصه لا تقل عن عامين دراسيين، وألا تزيد نسبة المكلفين في كل برنامج من حملة درجة الماجستير على 20 بالمئة من أعضاء هيئة التدريس حملة الدكتوراه، مع مراعاة توزع المقررات “داعم وتخصص” والتوافق بين اختصاص المكلف في درجة الماجستير والاختصاص المطلوب تدريسه وفق ما تقرره لجنة التأهيل ومعادلة الدرجات العلمية في مجلس التعليم العالي، وألا يقل النصاب التدريسي للمكلف على 12 ساعة في الفصل الدراسي.

وبيّن اسطفان أنه بعد تطبيق القرار لعدة سنوات، قام مجلس التعليم العالي بتعديل بعض البنود بالقرار السابق في نهاية عام 2022، حيث أضاف شروطاً جديدة تلزم الجامعة الخاصة بتحديد المقررات التي سيقوم بتدريسها المكلف من حملة الماجستير بما يتفق مع اختصاصه في الشهادة، على أن تكون من ضمن مقررات المستوى الأول حتى المستوى الخامس في الخطة الاسترشادية المعتمدة أصولاً في الكلية، وألا يتجاوز عددها 4 مقررات على الأكثر في العام الدراسي الواحد، وألا يقل نصاب المكلف عن 12 ساعة معتمدة.

وأشار رئيس مكتب التعليم الخاص إلى أن هناك نقص كبير بأعضاء هيئة التدريس لاسيما بكليات الصيدلة لا يمكن تغطيتها بدون الماجستيرات، والقرار المذكور كان حلاً اسعافياً يمنع عرقلة شديدة للعملية التدريسية ككل في الجامعات الخاصة بظل النقص والنزف المستمر  لأعضاء الهيئة التدريسية في سورية.

ستعود ولكن!

أما بخصوص نسبة أستاذ إلى طالب، فهي ضمن قواعد الاعتماد 1 / 20، لكن وبسبب النقص الحاصل أيضاً بأعضاء الهيئة التدريسية، تم تعديلها منذ عدة سنوات لتصبح 1 / 35 بشكل مؤقت، على أن تعود إلى ما كانت عليه بعد ترميم النقص الحاصل.

ولفت اسطفان إلى وجود خطوات جادة حالياً من اجل افتتاح دراسات عليا في الجامعات الخاصة، بهدف تشكيل كادر تدريسي خاص بها، بالإضافة لرفد الجامعات الحكومية بكوادر تدريسية إضافية.

بالمختصر، إن ما تمّ إثارته وعرضه من آراء يستحق الاهتمام والوقوف عنده مطولاً من قبل الوزارة لمعرفة حقيقة الأمر، فمن خلال المعطيات نجد كلا الرأيين (مع أو ضد) فيهما وجهة نظر تستحق النقاش للوصول بالمحصلة إلى مخرج ومنتج جامعي مميز، سواء لجهة إعداد الكوادر التدريسية، أو لجهة الرسالة (ماجستير أو دكتوراه)، مع التأكيد على تشجيع البحث العلمي في كلّ الجامعات العامة والخاصة واعتباره جزءاً من الاعتماد الأكاديمي، وغير ذلك ستبقى جامعاتنا ومخرجاتها في موضع الشك، وهذا بالتأكيد لا يخدم سعيها في تحسين موقعها على سلم الترتيب العربي والإقليمي والعالمي.