اقتصادصحيفة البعث

“سترة” المأسسة..!   

 

كلنا يعرف أن السياسة العامة المتبعة تجاه الملفات والأجندات الاقتصادية لم تكن بتلك الموضوعية المأمولة التي تخدم الواقع أكثر مما تؤذيه، بل يسيطر التعتيم على ذهنية الإدارات الحكومية التي طالما أشاعت مفهوم التستر ضماناً وأماناً، في تشبيك غير مفهوم بين الأداء الإداري والإنتاجي ومحاولة “تسييس” صورة القطاع العام وحتى الخاص أمام الرأي العام المحلي والخارجي، ومحاولة تجنب شماتة الأطراف التي تضمر وتعلن العداوة لمقدراتنا، كما يتهكم بعض الخبثاء في إشارة إلى ذهنية موروثة “تخوّن” كل من يشير بالنقد إلى مواضع الخلل والفساد وسوء استخدام المنصب الحكومي.

اليوم، دعونا نتفق جدلاً على أن في الأزمات إيجابية ما، ولو أن الكثيرين لن يتفقوا معنا على هذه الفكرة، وبالتالي فإن خيط الإيجاب هذا يتعلق بهزة توقظ المجتمع الاقتصادي من خدره، وتنشد التغيير والتجدد الذي يلغي أزمان التخفي خلف الإصبع.

في المقلب الآخر، هناك بطولة من النوع الخارق الذي بدا جلياً في القدرة المجتمعية على الصمود والمواجهة أمام كل هذا السيل الهائل من الضغوط والحصار والعقوبات الكفيلة بإنهاء كبريات الاقتصاديات العالمية، إلا أن الوصفة السرية التي تمتلكها أصغر دولة كبرى – كما يسميها البعض – قلبت الموازين بنوع من الصمود الذي يمني المواطن نفسه به الآن، في مقاومة مخرز الظروف الداخلية والخارجية.

نعم ثمة اعتراف بالمزايا التفضيلية الوطنية مع عدم تجاهل الإشارة بالبنان إلى مواضع الخلل والتنبه إلى حقيقة التأثر والتأثير في الظروف والأحداث القريبة والبعيدة، لأننا جزء من العالم الأرضي والافتراضي، ولكن في الوقت نفسه من الضروري تأكيد الخصوصية المرتبطة بسرعة التكيف ومعايشة التطورات، المحلية والإقليمية والدولية، بإرادة وطنية بحتة لا يمتلكها من يدعي الغنى والقوة العظمى.

بالعموم، من السذاجة التعامل مع الظروف الاقتصادية التي يعيشها المواطن بتراخ مصحوب بالتعامي عن الحقائق التي تشهد عليها فصول الضغوط التي تتعرض لها الأحوال المعيشية للمواطن، ومعه جموع القطاعات الإنتاجية والخدمية المترافقة مع مناخات حياتية مؤرقة وخانقة تظهر فصولها في الضربات التي يتعرض لها المواطن، ومعه معظم الشركات والمؤسسات العامة، حتى بلغت الخسائر الفردية والمؤسساتية جراء الحصار، وقلة حيلة العمل، حداً أثر في القدرات الاقتصادية الحالية والمستقبلية للبلد، لدرجة بات التفاؤل والرجاء من علوم الغيب.

علي بلال قاسم