خرازي: لسورية دور مهمّ في الشرق الأوسط.. وعلاقاتنا تعمّدت بدماء الشهداء
دمشق – بسام عمار
أكّد رئيس مجلس العلاقات الخارجية في إيران، وزير الخارجية السابق، الدكتور سيد كمال خرازي، أن العالم يشهد اليوم تطوّراتٍ متسارعة وجذرية، وأن الأزمة الأوكرانية ستشكّل نظاماً عالمياً سيتمخّض عنه تغيير في مواقع البلدان ومكانة أي بلد في النظام المستحدث، تفرضها قدرته وقوته أمام التحدّيات، مشيراً إلى أنه تمّت صياغة هذه الحقيقة من خلال سياسة المقاومة التي دأبت عليها إيران وسورية على مدى نصف قرن، وخاصة خلال العقد المنصرم، ما أثار عداء الغرب والكيان الإسرائيلي لهما.
وتابع خرازي، خلال ندوة سياسية أقامها اليوم المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين، بالتعاون مع مكتبة الأسد، تحت عنوان “السياسة الخارجية الإيرانية”: إن أمريكا خلال العقود الأخيرة أضرمت حروباً كبرى ومدمرة في منطقة الشرق الأوسط بدعوى مكافحة الإرهاب، وضمّت إليها دولاً أخرى تسبّبت بمقتل الملايين وتشريد أكثر من ذلك، إضافةً إلى تفشّي ظاهرة التطرّف، والإطاحة بالحكومات، مشيراً إلى أن سبب فشلها المستمر في المنطقة هو عدم معرفتها بها وبتراثها الحضاري وبعقيدتها الدينية، وتكامل جبهة المقاومة ضدّ نظام “إسرائيل” العنصري.
وأضاف: فشلت كل الرهانات والسياسات الأمريكية الرامية لإسقاط الدولة السورية رغم المبالغ المالية المقدّرة بمليارات الدولارات، وبشهادة المعنيين بالسياسة الخارجية والأمن، إضافةً إلى عدم نجاح سياساتها بحجّة دعم الديمقراطية في كل من إيران وأفغانستان والعراق ومصر وليبيا، مؤكداً أن إيران اختارت نهج مقارعة النزعة السلطوية للقوى العظمى، وقد أثمر هذا الصمود قوة ومنعة، وبالتالي فإن الموجّه الرئيسي للسياسة الخارجية هو دبلوماسية محور المقاومة، ومن أهم أهدافها التقدّم العلمي والتطور الاقتصادي والارتقاء بالأمن الوطني والقدرات الدفاعية الرادعة.
وأشار خرازي إلى أن “إيران تعدّ السعودية بلداً كبيراً ومؤثراً في المنطقة وفي العالم الإسلامي، وليس للبلدين أن يلغي أي منهما الآخر، وأنهما كقوّتين رئيسيتين يجب أن تستخدما قدراتهما لترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة”، لافتاً إلى أن “الأزمة اليمنية من أهم مصادر القلق، وإيران رأت منذ البداية أنه لا حل عسكرياً لها، ويجب استمرار وقف إطلاق النار وتهيئة الأجواء للحوار اليمني اليمني، وفك الحصار، وتشكيل حكومة بناءً على إرادة الشعب وإيران مستعدّة للمساعدة في تحقيق ذلك”.
كذلك أكّد أن بلاده تدعم، في إطار النظم السياسية القائمة، وبعيداً عن أيّ تدخل أجنبي، وبناءً على إرادة الشعب اللبناني، تشكيل حكومة قوية فاعلة، وتحثّ جميع الأطراف السياسية للإسراع بتشكيل هذه الحكومة، لأن لبنان القوي اقتصادياً قادر على لعب دور فعّال في المنطقة.
ونوّه رئيس المجلس بأن جرائم الصهاينة في فلسطين مستمرة بلا رادع ولا حدود، وأضفى ظهور أفراد وأحزاب شديدة التطرّف في حكومة الكيان الإسرائيلي، القلق حيال أرواح الرجال والنساء والأطفال الفلسطينيين، مؤكداً أن بلاده ستستمر ودون تردّد بمواجهة هذا النظام العنصري وغير الشرعي، وستقابل أي تحرّك يؤدّي إلى تهديد إيران أو بلدان المنطقة.
وأعرب الدكتور خرازي عن أن الكارثة الزلزالية في سورية كشفت زيف ادّعاءات الغرب، واهتمامه بحقوق الإنسان من خلال عدم مدّ المنكوبين بالمساعدات اللازمة، مشيراً إلى أن الأواصر بين الشعبين الإيراني والسوري ستبقى وثيقة بعدما تعمّدت بدماء الأبطال السوريين والإيرانيين الذين واجهوا العدوان والإرهاب، ومشدّداً على أن إيران ستستمر في دعمها لسورية شعباً وجيشاً وحكومة، موجّهاً التحية للسيد الرئيس بشار الأسد.
وطالب خرازي الدول الغربية باحترام السيادة الوطنية لسورية، ووحدة وسلامة أراضيها، وانسحاب جميع القوات الأجنبية التي دخلت دون موافقة الحكومة السورية، مشيراً إلى أن سورية كان لها دائماً دور مهم في المجريات السياسية في منطقة غرب آسيا “الشرق الأوسط”، وحان الوقت لإعادتها إلى جامعة الدول العربية، وإعادة إعمارها وعودة النازحين، وبداية عهد جديد من الطمأنينة والحياة السياسية إليها.
من جهته، أمين مجلس العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، لفت إلى أن المشكلة الرئيسية بالنسبة للاتفاق النووي الإيراني هي الضمانات بعدم خروج الولايات المتحدة منه مجدّداً، إضافةً إلى تقديم وثائق كاذبة من الكيان الصهيوني إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول منشآت بلاده النووية.
بدوره، أشار مدير المعهد الدبلوماسي الدكتور عماد مصطفى إلى أن نقطة الالتقاء المشتركة بين سورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دعم فلسطين والوقوف إلى جانبها.
حضر الندوة عدد من مديري الإدارات في وزارة الخارجية والمغتربين، وسفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية المعتمدون بدمشق، وقادة وممثلو الفصائل الفلسطينية، وفعاليات علمية وثقافية واجتماعية ودينية.