أخبارصحيفة البعث

مدفيديف: علاقات روسيا مع الغرب في أسوأ حالاتها

موسكو – تقارير:

لا يحتاج العالم الغربي إلى تصريح أوضح من هذا حتى يدرك أن الوضع في أوروبا خاصة والعالم عامة، بات ينذر بكارثة كبرى مع تزايد العداء بين الغرب وروسيا على خلفية السياسات الغربية المتبعة تجاه موسكو خلال العقود الماضية الطويلة، وربما قبل ذلك بمئات السنين، ولكن هذا العداء ربما كان أشدّ وضوحاً الآن مع تبجّح الغرب في الإعلان عنه على جميع المنابر، حيث أعلن نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري مدفيديف أن علاقات روسيا مع الغرب في أسوأ حالاتها تاريخياً.

ونقلت وكالة “تاس” عن مدفيديف قوله اليوم: “إن قرار المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخلق إمكاناتٍ سلبية هائلة للعلاقات الروسية مع الغرب التي تعدّ سيئة جداً بحدّ ذاتها”، مضيفاً: “علاقاتنا مع الغرب كانت دون ذلك في غاية السوء، ربما هي في أسوأ حالاتها في كل التاريخ”.

وتعليقاً على كلام وزير العدل الألماني ماركو بوشمان الذي صرّح بأن سلطات ألمانيا ستكون ملزمة بالامتثال لقرار المحكمة الجنائية الدولية واعتقال الرئيس الروسي إذا وصل إلى أراضي ألمانيا، قال مدفيديف: “هل يفهم أن هذا سبب للحرب، إنه إعلان حرب أم أن الوزير الألماني لم يتعلّم في المدرسة بشكل جيد”.

وأضاف مدفيديف: “هذا الأمر لن يحدث بتاتاً، لكن لو وصل رئيس دولة نووية فعلياً إلى أراضي ألمانيا على سبيل المثال وتم اعتقاله هناك، سيكون هذا إعلان حرب على روسيا الاتحادية، وفي هذه الحالة ستتوجّه وتطير جميع وسائلنا المتوفرة مستهدفة البوندستاغ ومكتب المستشار الألماني وغيرها”.

وأكد مدفيديف أن الغرب لا يريد وجود دولة مثل روسيا بمساحتها الهائلة وترسانتها النووية القوية التي لا تطيع الأمريكيين، ولذلك يريد زعزعة استقرارها السياسي وتفتيتها إلى أجزاء لا تستطيع الدفاع عن نفسها.

وأشار مدفيديف إلى أن “ما يسمّى العالم الأنجلوساكسوني يحاول مواصلة التحكّم بالعالم عبر النظام القائم على القواعد الذي صمّموه لأنفسهم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، ولكن الغرب اصطدم لاحقاً برفض روسيا والصين لهذا النظام وهو أمر أثار امتعاضه كثيراً، لذا فإن السنوات القادمة لن تكون هادئة”.

من جانبه، حذر السفير الروسي لدى الولايات المتحدة أناتولي أنطونوف من أن الغرب بقيادة واشنطن يدفع بقراره تزويد نظام كييف بقذائف اليورانيوم المنضّب العالم نحو خط خطير تلوح بعده آفاق الحرب النووية بشكل أكثر وضوحاً.

ونقلت وكالة نوفوستي عن أنطونوف قوله: “يبدو أن الغرب بقيادة واشنطن قد قرّر بشكل لا رجعة فيه وضع البشرية على خط خطير يلوح بعده الهرمجدون النووي بشكل أكثر وضوحاً”.

وكان البيت الأبيض زعم أن ذخيرة اليورانيوم المنضّب “هي نوع شائع من الأسلحة المستخدمة منذ عدة عقود ولا تشكّل خطراً متزايداً”.

وقال السفير الروسي: “فعلاً من الصعب التعليق على هذا النوع من الهراء، لقد وصل المسؤولون الأمريكيون إلى قاع آخر بتصريحاتهم غير المسؤولة”، مضيفاً: “إن سيلاً مستمراً من الأسلحة الفتاكة يتدفق إلى أوكرانيا ويتم بواسطتها قتل المدنيين وتدمير المناطق السكنية والمدارس والمستشفيات ورياض الأطفال”.

وشدّد السفير الروسي على أن الصحفيين الغربيين بالذات أكّدوا مراتٍ كثيرة العواقب السلبية الخطيرة لاستخدام هذا النوع من الذخيرة بسبب تراكم الغبار المشع الشديد السمية الذي يصعب تطهيره ويمكن أن يسبّب السرطان، والأمريكيون يعرفون ذلك جيداً لأنهم استخدموا هذه الذخيرة في العراق ويوغسلافيا وهو ما تسبّب بإصابة الكثيرين هناك بأمراض قاتلة وولادة أطفالهم بعيوب خلقية.

وكانت نائبة وزير الدفاع البريطاني أنابيل غولدي تعهّدت في بيان نشر على موقع مجلس العموم البريطاني أمس الأول بنقل ذخيرة اليورانيوم المنضب إلى نظام كييف.

من ناحيتها، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الغرب غير مهتم بالتوصل إلى تسوية في أوكرانيا، ومستعد للتضحية بالشعب الأوكراني كله من أجل تحقيق أهدافه العدوانية، وإلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا.

وأوضحت زاخاروفا خلال مؤتمر صحفي في موسكو أن مواصلة الغرب إمداد نظام كييف بكميات كبيرة من الأسلحة تؤكد نواياه العدوانية تجاه روسيا واستعداده للتضحية بالشعب الأوكراني، لتحقيق أهدافه بإلحاق هزيمة استراتيجية بها.

وأشارت زاخاروفا إلى أن الغرب غير مهتم بالتوصل إلى تسوية في أوكرانيا، حيث يمدها بالأسلحة لإطالة أمد الصراع، كما أنه غير مهتم بتحقيق السلام في أي منطقة من العالم، مبينةً أنه يجب تغيير تسمية “صندوق السلام الأوروبي” إلى “صندوق الحرب” بعد تخصيصه المزيد من الأموال لصالح قوات كييف.

ولفتت زاخاروفا إلى أن خطط بريطانيا لتزويد نظام كييف بقذائف اليورانيوم المنضب تصرف متهور يدل على نية الغرب تدمير أوكرانيا، موضحة أنه لا يمكن التنبؤ بتداعيات ذلك لأن تأثير الإشعاع بعد استخدام القذائف يستمر لعقود طويلة ومن المستحيل السيطرة عليه.

إلى ذلك، أكدت روسيا ضرورة أن تضطلع المنظمات الدولية المعنية بالتزاماتها وتقدّم تقييماً عاماً للأعمال الإجرامية التي يرتكبها نظام كييف، بما في ذلك استخدام السكان المدنيين دروعاً بشرية.

ونقلت وكالة تاس عن كريستينا سوكاتشيفا ممثلة الوفد الروسي في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قولها خلال جلسة للمجلس أمس: “نودّ مرة أخرى أن نلفت انتباه المجلس إلى الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي من نظام كييف”.

وأضافت: “يوجد تحت تصرّف وكالات إنفاذ القانون الروسية المزيد والمزيد من الأدلة على مثل هذه الأعمال الإجرامية في كييف مثل قصف المناطق السكنية وتجهيز نقاط إطلاق للنار في المباني السكنية والمدارس والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية واستخدام السكان دروعاً بشرية”.

ولفت الوفد الروسي خلال الجلسة الانتباه إلى القمع المتزايد في أوكرانيا ضد أي شخص لا يوافق على تصرّفات السلطات، حيث تقوم التشكيلات النازية الجديدة علانية وبإفلات من العقاب بقمع الأشخاص الرافضين لسياسات السلطات.

وقالت سوكاتشيفا: “في ظل هذه الخلفية تتّبع الدول الغربية مساراً من التصعيد المتعمّد للوضع في أوكرانيا، وتزوّد كييف بجميع الأنواع الجديدة من الأسلحة الثقيلة”، مشيرة إلى أن موسكو “لفتت انتباه المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان والإدارة التي يرأسها مراراً إلى هذه الحقائق الصارخة”.