مجلة البعث الأسبوعية

بــدأت حــرب مـــن نــوع جديـــد !..

د. مهدي دخل الله

إنها حرب القيم في مواجهة العدمية والفردانية . في 07/12/2020/ اتسم حديث الرئيس الأسد في افتتاح ملتقى وزارة الأوقاف بالتركيز على مسألة لم تكن حاضرة بقوة بين الحروب المتعددة التي تتحكم بالعالم اليوم . كان القائد الأول الذي أثار هذه المسألة واضعاً إياها في مركز اهتمامات المجتمع . إنها مسألة التصدي لليبرالية الجديدة التي تنتشر انتشار النار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمسلسلات والسينما والكتب بدعم كبير من الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة ..

شرح الرئيس الأسد بعمق ، لكن بإيجاز ، أهداف الليبرالية الجديدة وأدواتها . أوضح في حديثه الأهداف بأنها السيطرة على الإنسان والمجتمعات عبر ضرب إنسانية الإنسان وتعزيز سيادة الغريزة والمال . أما الأدوات فأوضحها ضمن اربع مجموعات : 1- تسويق الانحلال الاخلاقي -2- فصل الإنسان عن المبادئ والقيم والانتماءات ( الزواج المثلي و ترويج المخدرات بذريعة الحرية الفردية ) -3- تأكيد مرجعية الفرد على حساب مرجعية المجتمع ( الفردانية ) -4- نبذ العقائد . كما شرح طرق مواجهة الليبرالية الجديدة اجتماعياً ..   

بعد ذلك بسنتين صدرت تعديلات على الدستور الروسي تدعو إلى مواجهة الليبرالية الجديدة عبر التأكيد على القيم الاجتماعية والأخلاقية وروابط الأسرة عند الأجيال . مؤخراً تحدّث الرئيس بوتين ، في خطابه السنوي أمام الدوما ، عن حماية الأسرة والطبيعة البشرية للجنسين ، وندّد بما يسمى ( حق التحول الجنسي وزواج المثليين ) ،  وتصدى بقوة لمفاهيم الليبرالية الجديدة .

في أمريكا نفسها تصاعد الصراع بين المحافظين التقليديين ويمثلهم ترامب والحزب الجمهوري من جهة ، والليبراليين الجدد ويمثلهم الرئيس بايدن وغالبية حزبه الديمقراطي من جهة أخرى . قال ترامب أنه إذا وصل مرة أخرى للرئاسة فسيلغي فوراً قوانين المثلية والتحول الجنسي التي أقرها بايدن وسيضع المسؤولين عن انحراف الأجيال في السجن ..

في أوروبا هناك أيضاً صراع اجتماعي وثقافي بين التيارين ، تيار الحفاظ على ارتباط الفرد بقيم المجتمع ، وتيار الفردانية والليبرالية الجديدة المنفلت من عقاله .  وقد أثار هذا الصراع دائرة أوسع من « الحرب الثقافية » في أوروبا بين من ينادي بالعودة إلى القيم الكاثوليكية والمشاعر القومية اللاتينية ( فرنسا وإيطاليا واسبانيا ) ضد الثقافة الأنكلوساكسونية ( ألمانيا وبريطانيا ) الداعية إلى الانحلال والسيطرة ..