صحيفة البعثمحليات

على غير ودّ!

معن الغادري

منذ أكثر من ثماني سنوات وحتى اللحظة، أي عقب تطهير حلب من الإرهاب نهاية عام 2016، شهدت العلاقة بين المسؤول والإعلام الرسمي، تأرجحاً واضحاً والكثير من التوتر والتشنج، لأسباب عدة يأتي في مقدمتها، اعتقاد البعض أن مهمّة الإعلام هي مجرد “تحصيل حاصل”، ويجب أن تنحصر مهمته فقط في تمجيد إنجازاتهم وتلميع صورهم، ودون ذلك يعدّ من المحظورات، وللأسف هذا الاعتقاد والظنّ راج في حلب أكثر من أي مكان آخر، مع كثير من التعالي والفوقية ممن هم في سدة المسؤولية.

وفي الواقع ما دفعني للكتابة مجدداً عن هذا الموضوع، هو النقاش المفتوح الذي جرى خلال أعمال مؤتمر فرع حلب لاتحاد الصحفيين مؤخراً، والإجماع حول هذه الجدلية والإشكالية ذات الطبيعة غير المسؤولة، وتأكيد الجميع أن هذه العلاقة الشائكة ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة طبيعية لحالة غير صحية تنامت واتسعت رقعتها عمودياً وأفقياً خلال الآونة الأخيرة، في ضوء ما شهده الوسط الإعلامي في حلب، وربما في باقي المحافظات ولكن بنسب أقل، من تسلّل لمن هبّ ودبّ من المتطفلين، وما اعتراه من ضعف ووهن وتلوّن. وبطبيعة الحال وعلى الرغم من العلاقة غير الودية بين الطرفين، واستمرار المحاولات بتهميش دور الإعلام الوطني، أصرّ البعض من الزملاء وهم قلة جداً على التحرّر من هذا القيد الوهمي، إيماناً منهم بأن الإعلام شريك حقيقي في عملية البناء والتنمية، وليس مجرد وسيلة –حسب رأي صاحب القرار في المحافظة– للتلميع والتظهير و”البروظة”!.

وسط هذا الجدل، على الجميع إدراك أن الإعلام عندما يصوب على الأخطاء فإنه يقدم خدمة مجانية للمسؤول، إن كان لديه فعلاً النية والرغبة في الإصلاح، وهو ما لا نلمسه في حلب، بل على العكس كلّ ما أثير حول عدد غير قليل من ملفات الفساد ومنها الملف التمويني في المحافظة، قوبل بدعاوى قضائية تحت بند الجريمة الإلكترونية، بهدف تمييع هذه الملفات وتوفير الحماية للفاسدين، وتقييد وتشتيت عمل الإعلاميين، إلا أن هذه الجهود والمساعي الحثيثة فشلت أمام كلمة الفصل لقضائنا العادل، وهو ما أدركناه ووثقنا به منذ اللحظة الأولى. ولكن الذي لم ندركه ونفهم معانيه ومغازيه حتى الآن هو كيف لمدير أو مسؤول -وحصرياً في حلب- عندما يُعفى من مهمته لأي سبب كان، يعود إلى موقعه ومكانه بعد أسبوع أو أسبوعين معززاً ومكرماً وبطاقة وصلاحيات أوسع.

على العموم وبعيداً عن الغوص في هذه التفاصيل، وتأجيلها لوقت لاحق، من المفيد التذكير بضرورة تحلي المسؤول بالتواضع، وأن يخفّف ما أمكن من مظاهر البريستيج والبهورة الزائدة والزائفة، وأن يتّسع صدره لأي نقد موضوعي هدفه المصلحة العامة تمثلاً بمقولة (رحم الله من أهدى إليّ عيوبي)، وكل رمضان والجميع بخير.