ثقافةصحيفة البعث

في معرض سلام الأحمد.. الوجوه مرآة وأقنعة

آصف إبراهيم

نحو أربعين لوحة متنوعة في مواضيعها ومقاساتها وتقنياتها الفنية ضمّها المعرض الفردي الثاني للفنانة التشكيلية الشابة سلام الأحمد الذي افتتح أمس في صالة صبحي شعيب لاتحاد الفنانين التشكيليين وسط مدينة حمص.

تقوم لوحات سلام على مشهد بصري يتماهى بعده الجمالي مع الحامل الفكري المعبّر عن مكنونات النفس البشرية المتعبة، فهي تقدم الوجوه كمرآة عاكسة لما يعتمل في داخلنا، ولاسيما المرأة التي تحتلّ الحيّز الأكبر من معرضها، حيث يشدّنا حضورها إلى مجالات أبعد من التعبير الجمالي إلى عوالم تغوص عميقاً في تفاصيل القضايا الاجتماعية التي تؤرّق حياتها، وتمنحها ملامح لا تخلو من الكآبة سواء في اللون أو التقاطيع التعبيرية التي تحيلنا إلى حالة الانكسار والأسى التي تقيد حركتها ويجعلها منطوية على ذاتها مثيرة للشفقة والعطف.

تحاول سلام الاشتغال على تقنيات فنية تصويرية ونحتية متنوعة، لكنها تركز على موضوع أساسي يشغل جلّ فنها وهو الإنسان الذي تقرأ حالاته النفسية من خلال الوجه الذي تراه حيناً قناعاً يخفي ما يجول في النفس وتارة أخرى تقدّمه كمرآة تقارب من خلالها حالات شعورية مختلفة، لكنها لا تتوقف عند هذا النمط المؤطر بحالة اليأس التي خلفتها سنوات الحرب وشوّهت رؤيتنا للجمال، بل تقودها رؤيتها التعبيرية إلى الطبيعة وتكويناتها الجمالية الواقعية، ومفرداتها الرمزية، تمزجها مع مفردات جمالية تشكل الأنثى عنصرها الأساسي بكلّ ما يشكله حضورها التكويني الحسي والجسدي من تأثير آسر على المتلقي يضفي على المعرض عمقاً فكرياً ورونقاً جمالياً يشي بموهبة فنية عالية قادرة على تطويع الريشة واللون وغيرها من أدوات الفن التشكيلي لخدمة هواجسها النفسية والحياتية وتجسيد فضاءات خيالية تسمو بالواقع إلى فلسفة تشكيلية درامية تجعل من الفن رسالة غنية بحواملها الفكرية والأخلاقية.

تقول سلام: اللوحة من خلال أسلوبها ومضمونها تعبّر عن حالتي النفسية، حيث أعمل على خلط مجموعة من الألوان الزاهية المفرحة مع الألوان القاتمة المحزنة لأحقق حالة بصرية متوازنة. والمرأة بطلة لوحاتي والعنصر الأساسي في مواضيعها لأنها ترمز للحياة والجمال والمحبة، وهي عبر سماتها المتنوعة تمتزج مع الفكرة الفنية لتعطيها الجانب الجمالي في الشكل والروح.

الفنانة الشابة سلام الأحمد خريجة كلية الحقوق وعضو في اتحاد الفنانين التشكيليين صقلت موهبتها الفنية في معهد صبحي شعيب للفنون وفي رصيدها الفني نحو 36 مشاركة في معارض جماعية، وهذا المعرض الفردي الثاني لها.

حصلت على شهادات تقدير عديدة ساهمت في رسم جدارية “طريق السلام” بكلية الطب البشري بدمشق مع فريق سلام التنموي وفي جدارية “وطن شرف إخلاص” مع فريق مدى الثقافي.