في ملف المنتخب الوطني لكرة القدم الخطوة الأولى بدأت بعد عناء طويل
البعث الأسبوعية-ناصر النجار
أعلن اتحاد كرة القدم عن تعاقده مع المدرب الأرجنتيني هيكتور كوبر قبل شهرين من الآن لقيادة منتخبنا الوطني لكرة القدم، وكوبر مدرب محترف عالمي سيرته الذاتية معروفة وانجازاته مع الفرق والمنتخبات محفوظة، وبدأت التعليقات على هذا التعاقد مباشرة لنسمع أغرب تعليقين، أولهما: أنه مدرب كبير في السن، وثانيهما: أن أسلوب لعبه دفاعي.
ولسنا هنا بصدد التعليق على العمر لأن المدرب في هذا العمر قادر على توظيف تراكم الخبرات من السنوات الطويلة التي قضاها في الملاعب العالمية في المنتخب إضافة إلى وجود مساعدين عدة قادرين على القيام بالمهام العملية على أرض الملعب، وأيضاً لسنا هنا بصدد التذكير بمهام المدير الفني الذي يضع الاستراتيجية وخطة العمل وأسلوب اللعب.
أما عن كون أسلوب لعبه دفاعي فهذا هو المطلوب لأن أسوأ شيء في كرتنا هو الخط الخلفي، ولكن نسأل: وهل كرتنا تتبع النهج الهجومي؟
نقطة البداية
كرتنا باتت بلا هوية ولا شخصية وهي بحاجة إلى من يصنع لها هويتها وشخصيتها، والمنتخب مؤخراً تجمع بقيادة المدرب الأرجنتيني لمدة عشر أيام لعب خلالها المنتخب مباراتين مع تايلاند ومع البحرين وهنا نسجل الملاحظات التالية:
في البداية لا أحد يقنعنا أن اللاعبين الذين ذهبوا إلى المعسكر هم من اختيار كوبر، فمهما اطلع عبر مشاهدة الفيديو على لاعبينا لا يمكنه أن يكوّن قناعة تامة باللاعبين المدعوين، لذلك نقول: هؤلاء اللاعبين قدمهم اتحاد الكرة عبر مسؤوليه لرؤيتهم وامتحانهم وتجريبهم، ونعتقد أن هؤلاء اللاعبين لا يشكلون في الوقت الحالي العناصر الأفضل، لذلك يبدو أن كوبر في المعسكر القادم سيستغني عن ثمانية لاعبين على الأقل.
كما أن كوبر لن يكون سعيداً بمتابعة الدوري المحلي ونجزم أنه لن ينتقي منه إلا بعض اللاعبين من صغار السن الذين كان بعضهم مع المنتخب الأولمبي وهنا نجد ضرورة التنسيق بينه وبين المدرب الهولندي مارك فوته بما يدعم المنتخب الأولمبي والمنتخب الأول.
كوبر يدرك أن موعد الامتحان النهائي لعمله سيكون بعد ثمانية أشهر في نهائيات الأمم الآسيوية لذلك سيفكر مطولاً بتهيئة فريق منسجم فيه روح الشباب مع عامل الخبرة ومن هنا سينظر بوضع اللاعبين المحترفين بأوروبا لانضمام بعضهم إلى المنتخب والرؤية القادمة ستكون مركزة على خط الدفاع الأكثر اهتزازاً لأن خط الهجوم بوجود الخريبين والسومة فاعل شرط وجود المساندة الحقيقة من خط الوسط.
في الحديث عن خط الوسط نعتقد أن محمد الحلاق وعمار رمضان أقنعا المدرب بمهارتهما وإمكانية تطوير أدائهما ويمكن الحديث نفسه ينطبق على محمد ريحانية الذي يحتاج إلى جهد أكبر وخبرة أكثر، اما في وسط الملعب فمازالت القناعة باللاعبين ملهم بابولي وأوليفر كاسكاو وسيمون أمين غير كافية وخصوصاً أن المدرب يبحث في فكره عمن يكون قادراً على قيادة الفريق على أرض الملعب وهو أمر مهم ويجب أن يكون هذا القائد وسط الميدان.
مشكلة خط الدفاع أن اللاعبين المجربين لم يكونوا بالمستوى المقنع وأغلبهم من كبار السن، وقد يلجأ إلى الاعتماد على لاعب أو اثنين ليكونوا ضمن التشكيلة الاحتياطية، وربما أعجب المدرب بفهد اليوسف وعبد الرحمن ويس.
أولى الخطوات
الخطوة الأولى الصحيحة خطاها المنتخب لذلك من الصعب أن نحلل أداءه وأن تقيمّ مستوى مدربه، فبناء منتخب لا يقوم بيوم وليلة، وأي مدرب بحاجة إلى فترة لا تقل عن ستة أشهر ليبدأ نتاجه بالظهور، والمشكلة التي تعيق منتخبنا أن فترات تواجد اللاعبين قليلة وهي مقتصرة على أيام الفيفا.
من هذا المبدأ نعتقد أن الهجوم الذي مارسه البعض على المنتخب واللاعبين غير منطقي وليس وقته الآن، وكما قلنا سابقاً أن المعسكر الحالي كان ليتعرف المدرب على اللاعبين وليتعرف على إمكانياتهم وكيف سيوظفها مستقبلاً.
وهنا نعود إلى المربع الأول الذي هو الأساس في عمليتي البناء والتطوير في كرة القدم ألا وهو الاستقرار، فكما نلوم أنديتنا على عدم استقرار فرقها فنياً من خلال كثرة تبديل المدربين، فإن هذه العلة المقيتة يجب ألا نكرسها مع المنتخب وأن نعمل على دعم المنتخب وكوادره.
وعلى هذا المبدأ فإننا نثني على قرار اتحاد كرة القدم باستمرار تعاقده مع المدربين الهولنديين في الفئات العمرية، لأن الزمن الذي مضى يجب أن يستغل تماماَ، فالمدربين الهولنديين تعرفا على أجواء كرتنا وأسلوب لعبها وتابعا الدوري وتعرفا على اللاعبين المميزين فيه، ورغم أنه خاض تجربة نهائيات أمم آسيا للشباب ولم ينجح فيها مثلما كنا نتوقع إلا أنه من الظلم أن نقطع الطريق على شبابنا وهم في بداية مشوارهم لنأتي بمدرب جديد ونعود لنبدأ من الصفر معه.
قد يكون هناك بعض الإشكاليات وبعض العقبات والعثرات التي قد يتحملها الإداريون أو اتحاد كرة القدم ويمكن مراجعتها ودراستها وإيجاد الحلول لها وقد يكون هناك أخطاء فنية أو بدنية يمكن العمل على حلها وتلافيها ، وهذا بالطبع أفضل من العودة إلى الصفر خصوصاً أن المدربين الهولنديين أثبتا فعالية وجدية متناهية مع العلم أن العمل بالفئات العمرية يتطلب جهداً كبيراً وخارقاً وبالأخص أن العمل بالأندية على مستوى الأداء والبناء ضعيف جداً وهو لا يخدم منتخباتنا الوطنية بالفئات العمرية، لأن اللاعب الذي يصل إلى المنتخب ينقصه الكثير وسبق لفوته أن قال: ليس كل لاعب جيد في الدوري يصلح ليكون بالمنتخب، فلاعب المنتخب يحتاج إلى مواصفات فنية وبدنية ونفسية خاصة، وهذه الحلقة المفقودة يجب العمل عليها، لأنه كلما كان العمل الجماعي والتنسيق والانسجام بين الأندية والمنتخب متواصلاً وجيداً كان النتاج سريعاً مثمراً.
وعلى هذا الأساس سمعنا أن اتحاد كرة القدم سيتدخل رسمياً في هذا الركن المهم من أركان كرتنا ويتبنى رعاية الفئات العمرية الصغيرة عبر بطولة المحافظات التي ستجبر الأندية على إعداد فرقها، وستضع كل لاعبي المحافظات أمام مجهر اللجان الفنية التي ستشكل بإشراف المدرب الهولندي.
خطة مستقبلية
بغض النظر عن الواقع الحالي وما آلت إليه نتيجة منتخبنا في مباراتيه مع تايلاند والبحرين وردود الشارع الكروية وأصداء معسكر المنتخب الأول فإن استراتيجية اتحاد كرة القدم بنيت على أسس وخطط سليمة إنما تحتاج إلى التنفيذ وكلما كانت نسبة التنفيذ عالية وجيدة كلما كانت الحصيلة النهائية جيدة وعالية المستوى.
فالمحور في عملية البناء ليس منتخب الرجال، لكن الاهتمام بهذا المنتخب ضرورة ملحة ترتقي على مستوى المهمة الوطنية، وبناء عليه فإن اتحاد كرة القدم منح جل اهتمامه لمنتخبه الأول ووضع خطة طويلة الأمد للقواعد التي سيتبناها بالكامل وفي هذا الخصوص فإن صلاح الدين رمضان رئيس اتحاد كرة القدم تبنى فكرة الأكاديميات في برنامجه الانتخابي وهو يبحث عن أسلوب يتناسب مع كرتنا وبيئتنا ليبدأ التنفيذ، مع الإشارة إلى وجود عوائق كثيرة يتم تذليلها يمكن وصفها بالعوائق المالية وضعف الموارد والإمكانيات.
رمضان أوضح لـ “البعث الأسبوعية” أن التجربة الإيرانية في تبني المواهب وبناء القواعد جيدة وتناسب كرتنا، والاتحاد الإيراني تبنى فرقاً عمرية تبدأ من سن الثماني سنوات حتى فرق الرجال، ولدى الاتحاد الإيراني ملاعبه الخاصة وفندقه الكبير من طراز النجوم الخمسة، والاتحاد أيضاً يتحمل نفقات هذه الفرق ومصاريفها من أجور وإقامة وإطعام ومواصلات وتجهيزات.
ويضيف رمضان: هذه التجربة الجيدة والناجحة سنقوم بتجربتها محلياً والتأسيس لها بشكل ملائم للإمكانيات المتاحة، وبهذه الطريقة ستكون الأمور محصورة بالاتحاد ومنظورة أمامه، ولن نسمح بأي خلل بالتنفيذ، فاللاعب الأجدر هو الذي سيحافظ على موقعه ضمن المنتخب ولن يكون هناك أي مجاملة لأي كان، فالواسطة لن يكون لها أي تأثير على الكوادر واللاعبين، فمن يثبت وجوده يبقى وغير ذلك لن يكون فالمنتخبات الوطنية نعتبرها خطاً أحمر.
آليات التنفيذ
في ذات الوقت أكد عبد الرحمن الخطيب نائب رئيس اتحاد كرة القدم أن العمل في تطوير كرة القدم متعب ومجهد ويحتاج إلى متابعة يومية وعمل دؤوب وإمكانيات كبيرة.
وأضاف الخطيب: اتحاد كرة القدم رأى أن يلتمس في مناهجه سلوك الخطين مباشرة دون أي إبطاء، فالجمهور له حق علينا بأن يرى منتخبنا في حالة أفضل مما ظهر عليه سابقاً، وتم البحث في الفترة السابقة عن مدربين عالميين كثر والبعض يعرف كم خاب أملنا ببعض المدربين الذين أبدوا موافقتهم الأولية ثم غيروا رأيهم من خلال بعض الأشخاص الذين أساؤوا لبلدنا، اليوم تم الاتفاق مع المدرب الارجنتيني هيكتور كوبر والمشوار معه طويل ونحن نراقب عمله عن قريب ولا أحد يؤثر على قراره الفني، لن نستعجل النتائج في هذه الفترة فالمنتخب بحاجة إلى عمل وجهد كبيرين ونأمل أن يصل إلى النهائيات وهو في أتم الجاهزية ليقدم لجمهورنا عرضاً يرضيه ونتائج تليق بكرتنا.
وأشار الخطيب إلى أن خطوة المنتخب الأولى لا تكفي ونحن بحاجة إلى سلسلة من المنتخبات ليغذي بعضها البعض وليكون المنتخب البديل جاهزاً ليحل مكان الأساسي، لذلك تم توجيه المدربين الهولنديين للإشراف على المنتخبات الوطنية (الأولمبي والشباب والناشئين والأشبال) لتكون هذه المنتخبات جاهزة على الدوام وليحل الأولمبي عوضاً عن الرجال، والشباب بدلاً من الأولمبي وهكذا في حلقة دائرة كاملة.
وحول التجربة الأخيرة التي خاضها اتحاد كرة القدم مع منتخب الشباب بين الخطيب أن الحصيلة الرقمية كنتيجة قد تكون غير سعيدة أو مرضية لاتحاد الكرة أو للجمهور والمتابعين، ولكن كرة القدم ليست نتيجة فقط، منتخب الشباب في أدنى الحدود كشف لنا ذخيرة الكرة السورية من المواهب والخامات وهذا يرسم خريطة طريق واضحة المعالم.
القواعد الأساسية
اتحاد كرة القدم أكد أكثر من مرة أنه يهدف إلى العناية أيضاً بالجيل الجديد لكرتنا من خلال عنايته بالأشبال والناشئين، لكن كيف سيكون ذلك.
نائب رئيس اتحاد كرة القدم عبد الرحمن الخطيب كشف عن إقامة بطولة للمحافظات لفئتي الأشبال والناشئين، واتحاد كرة القدم سيقوم بالإنفاق على هذه الفرق وبطولاتها وسيتكفل بدفع أجور المدربين والإداريين لكل فريق وكل ذلك من خلال تخصيص ميزانية مستقلة.
وشدد الخطيب على أن فوائد هذه الخطوة بأنها ستكون تحت إشراف اتحاد كرة القدم الذي سيعين الكوادر الفنية والإدارية لفرق المحافظات، وسيكون
تشكيل فرق المحافظات من خلال بطولة المحافظة للناشئين والأشبال، ومن خلال بطولة المحافظات يتم تشكيل منتخب سورية للناشئين وللأشبال، وبذلك نكون قد أنجزت خطوات مهمة على صعيد التدريب والتأهيل وعلى صعيد الانتقاء والاختبار.