أخبارصحيفة البعث

الرئيس الأمريكي ليس خياراً شعبيّاً

تقرير إخباري:

ما زال المجتمع الأميركي يبحث عن أسلوب جديد لاختيار رئيسه القادم، وخاصة أن المعايير المتبعة خلال المرحلة السابقة أثبتت فشلها، حيث إن سلسلة من الرؤساء الذين تولّوا هذا المنصب لم يكونوا قادرين على جذب اهتمام ولاياتهم وأفرادها أو حتى التأييد من أحزابهم، وهنا بدأ العديد من المهتمين بالشأن الأميركي يرى أن منصب الرئيس في تلك البلاد يعدّ تحصيل حاصل لسياسات النافذين ورؤساء الأموال.

أما بخصوص ما تمرّ به الولايات المتحدة من اعتراضات على رئيسها الحالي جو بايدن، فقد تبيّن أن تصنيف الأداء الوظيفي للرئيس بايدن وصل إلى نسب منخفضة جداً، حيث كشف خبير استطلاعات الرأي الجمهوري دارون شو أن أرقام عدد المؤيّدين للرئيس بايدن انهارت في خريف عام 2021 بعد كارثة الانسحاب من أفغانستان وبداية التضخّم المفرط، ولكنها عادت وارتفعت بنسبة ضئيلة على خلفية  انتخابات التجديد النصفي والصعود والهبوط الاقتصادي، بالإضافة إلى العديد من عمليات طرح السياسة التشريعية.

وحاول العديد من المستطلعين التركيز على الأنواع المختلفة من الجماهير فيما يتعلق بقبول بايدن كرئيس، وتبيّن أن الأغلبية العظمى غير راضين عن أدائه الوظيفي لإدارة ملفّات البلاد، وفي هذا الوقت تعمل إدارة بايدن على إظهار الشعور بالاستقرار في وقت تواجه فيه مجموعة من الإخفاقات المصرفية، فضلاً عن التضخّم الذي لا يزال مرتفعاً، فالرئيس الأميركي يواجه تحدّياتٍ صعبة في الولايات المتحدة وخارجها مع استمرار التوترات مع الصين وروسيا، وهذا لم يمنع بايدن بطبيعة الحال من الترشح لولاية ثانية رغم أن عمره أصبح مشكلة مزعجة له ولإدارته ولحزبه، وإذا ما خاض حملة أخرى في عام 2024، فسيطلب بايدن من الأميركيين أن ينتخبوا رئيساً سيكون عمره 86 عاماً في نهاية فترة ولايته الثانية.

إن رغبة بايدن لا تؤيّدها استطلاعات الرأي التي تُظهر أن العديد من الأميركيين يعدّون بايدن أكبر من اللازم ولا ينبغي عليه الترشح مرة أخرى، بينما يصرّ كبار المسؤولين والمستشارين الديمقراطيين الحاليين والسابقين، على أنّ بايدن ظل منخرطاً فكرياً وطرح أسئلة ذكية في الاجتماعات واستجوب مساعديه بشأن نقاط خلافية، واتصل بهم في وقت متأخر من الليل، وآخر الأمثلة في هذا المجال جاء عن ملاحظاته حول خطابه عن الإجهاض، الذي استمرّ بتنقيحه حتى اللحظة الأخيرة، لكن هؤلاء أقرّوا بأن بايدن يبدو أكبر سنّاً ممّا كان عليه قبل سنوات قليلة، وهي مسؤولية سياسية لا يمكن حلّها من خلال سياسات البيت الأبيض التقليدية مثل تغييرات الموظفين، وعلى الرغم من أنّ طاقته على التنقل لم تنضُب بعد، فإن مساعديه يراقبونه بحذر خشية أن يتعثّر أثناء المشي أو أن يتلعثم في الكلمات خلال المناسبات العامة، ويحبسون أنفاسهم منتظرين أن يصل إلى نهاية خطابه من دون زلة.

أما التقارير الطبية فقد أكدت إصابته بالرجفان الأذيني لكنه مستقر ومن دون أعراض، وأن مشية بايدن أصبحت أكثر صلابة وأكثر ثقلاً ممّا كانت عليه قبل عام، بينما يسبّب له الارتجاع المعدي المريئي السعال، ومع ذلك فإن هذه التقارير باتت غير مجدية أمام ما يراه الأميركيون من سقطات كبيرة لرئيسهم بايدن.

وبالمحصلة، لا يبدو أن الرئيس الأمريكي يتم انتخابه فعلياً وفقاً لرغبات الناخب الأمريكي، وإنما هو خيار اللوبي الداعم له سواء أكان ذلك على مستوى حزبي أم على مستوى اقتصادي، فالمهم إذن هو مدى تنفيذ الرئيس توجّهات هذا اللوبي، ولا أهمية مطلقاً لصحّته الجسدية، ما دام سيؤمّن تمرير رغبات هذا اللوبي وقراراته، وبالتالي يضطرّ هؤلاء إلى مراقبة صحة بايدن بشكل دائم حتى يتمكّنوا من إيجاد مبرّراتٍ سريعة لسقطاته الكلامية والحركية.

 

ميادة حسن