صحيفة البعثمحليات

غيابه يعيق الاستثمارات.. السجل الزراعي هوية تنظيمية للقطاع الزراعي

دمشق – محمد العمر

رغم صدور السجل الزراعي منذ خمس سنوات، إلا أنه للفلاح لا يعدّ إلزامياً، أي على أرض الواقع غير موجود، وحسب رؤية خبراء الزراعة والاقتصاد فإن القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، أسوة بغيره من القطاعات الأخرى كالصناعي والسياحي والتجاري، يفتقر لوجود تنظيم زراعي يمثل قاعدة بيانات للعاملين يوثق فيه نشاطاتهم وممارساتهم الزراعية المتضمنة زراعة المحاصيل المختلفة وتربية الحيوانات، خاصة وأن أهمية هذا السجل في كونه يمثل حاجة للفلاح وللمستهلك وللقطاع الحكومي من خلال وجود المعلومات الوافية لعملية التخطيط والتنظيم الزراعي وأي مشروع زراعي يُقام.

أداة فاعلة للاقتصاد

مدير عام اتحاد غرف الزراعة يحيى المحمد أكد أن القطاع الزراعي يعاني اليوم من غياب السجل الزراعي والذي يعدّ آلية لتنظيم العمل الزراعي كعدد المداجن والمباقر وعدد العاملين بمجال إنتاج الزيتون أو المحاصيل الأخرى، لافتاً إلى أن التشاور والتعاون في القطاع الزراعي يتمّ بكل مكوناته من نقابات واتحادات، ووزارة الزراعة بوصفها الراعي الأساسي له، لكن القطاع الزراعي بحاجة لفكرة أساسية لتنظيمه وتعريفه ومعاملته كقطاع اقتصادي، لأنه يتوجب أن يكون القاطرة الأساسية لاقتصاد سورية للوصول إلى المرحلة المطلوبة. وأوضح المحمد أن المطالبة بالسجل الزراعي ليس لتعقيد الإجراءات، أو كوثيقة إضافية أو كتنظيم، وإنما يعتبر أحد الأدوات الفاعلة والصورة الحقيقية لأي نشاط اقتصادي زراعي قائم في البلاد، رغم وجود سجل صناعي معرّف بتفاصيله ومثله السجل التجاري والسياحي.

بدوره المستشار في اتحاد غرف الزراعة السورية المهندس عبد الرحمن قرنفلة أكد أن الغاية الرئيسية من السجل الزراعي هو تنظيم إيقاع عمل القطاع الزراعي والذي يساهم في ضبط حجمي الإنتاج والاستهلاك مما يساعد في الاستقرار، فالتنظيم الزراعي -وفق رأيه- جيد من حيث الفكرة، لكن مشكلته في التطبيق، لافتاً إلى أن أي تشريع لا يشارك به الفلاح ستكون نهايته الفشل، وغياب السجل الزراعي يشكل واقعاً من الفوضى في القطاعين النباتي والحيواني، ويكون تحدياً كبيراً أمام الاستثمارات الزراعية بالمستقبل، لكن بطبيعة الحال القطاع الزراعي حالياً يسير بخطواته التقليدية، حيث تقوم وزارة الزراعة وأجهزتها المعنية بترخيص زراعة المحاصيل الاستراتيجية، بينما تبقى باقي الزراعات دون تنظيم، إضافة إلى عدم التزام الفلاحين بالتقيد في تنفيذ الخطط الزراعية، مما يؤدي إلى حدوث حالات فوائض في الإنتاج، وحدوث فجوات لا تُحمد عقباها.

وأوضح أنه من المفيد أن يترافق إصدار تشريع إحداث السجل الزراعي بتشريع مرافق للزراعة التعاقدية، بحيث يزرع الفلاح المحاصيل أو الزراعات التي يتعاقد على زراعتها مع تجار يقومون بتصريف إنتاجه من خلال خطط معدّة مسبقاً تقدّر احتياجات السوق المحلية من المنتجات الزراعية وحاجة أسواق التصدير.

يحتاج إلى هوية

ويوافق الخبير الاقتصادي محمد علوش آخرين من أن الاستثمارات الزراعية بحاجة إلى تنظيم زراعي من خلال توفر سجل يقيد البيانات وكافة المعلومات المرتبطة بالمشاريع، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، إذ يجب ألا يُستهان بالاستثمارات الزراعية فهي -حسب قوله- لا تقلّ كرأس مال عن المشاريع الصناعية، فالاستثمارات الزراعية تفوق بتكاليفها أي استثمارات أخرى، وهي استثمارات ناجحة أينما كانت، لأنها ذات طابع رأسمالي ضخم تجلب كتلة نقدية كبيرة من الداخل والخارج عبر مغتربين أو رجال أعمال، لكن أمامها معوقاته كثيرة، أولها أن الاستثمار يحتاج إلى هوية، فهناك سجل للصناعي والتجاري والسياحي، لكن لا يوجد سجل زراعي أي لا يوجد هوية تنظيمية للقطاع، وبالتالي أي مشروع يقام بحاجة إلى معلومات عن كلّ ما يخصّه من مياه وتربة ومناخ وأرض ومنطقة استقرار وتصنيف الأراضي، وكمية الهطولات المطرية ، ولاسيما أنه لا يمكن لأي مستثمر أن يذهب إلى مناطق لا يوجد فيها خدمات وبنية تحتية وشق طرقات، ويضع التكاليف الرأسمالية الضخمة في مناطق غير مأهولة، كون الاستثمار الزراعي يصنّف اليوم ضمن تصنيف عالي المخاطر ورأس مال ضخم.