أخبارصحيفة البعث

الدولار في طريقه إلى الجحيم..

تقرير إخباري:

ليس غريباً أن يحذّر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من انهيار وشيك للعملة الأمريكية، وهو وإن كان يستخدم هذا الحديث بالذات في إطار حملته الانتخابية أو المناكفاتٍ السياسية التي يخوضها ضدّ خصمه الديمقراطي الرئيس الحالي جو بايدن، إلا أنه بحكم كونه أصلاً رجل أعمال ومن أصحاب رؤوس الأموال على مستوى العالم، يعدّ خبيراً أكثر من غيره بحركة الاقتصاد والعملات، ويعلم جيّداً أن تضاؤل التعامل بأيّ عملة من العملات هو مؤشّر قوي على بداية انهيارها مهما ظنّ السياسيون أن الهيمنة العسكرية والاقتصادية تكفي للإبقاء على قوة هذه العملة.

وقد أكّد الرجل، وهو القريب كثيراً من أسواق المال والعملات، أن تخلّي الصين عن الدولار سيكون بمنزلة خسارة الولايات المتحدة لحرب عالمية جديدة، إذ ليست الحرب العسكرية وحدها هي التي تؤدّي إلى انهيار الدول وفقدان مكانتها في العالم.

وإذا علمنا أن الدولار هو العملة الاحتياطية العالمية الرئيسية المستخدمة في جميع أنحاء العالم، فإن تحوّل الصين إلى استخدام عملات أخرى سيؤدّي حكماً إلى تدهور الوضع الاقتصادي للولايات المتحدة وفقدان ريادتها العالمية، وذلك أن حجم التبادل التجاري للصين بعملتها المحلية اليوان حول العالم سيقلّص من هيمنة الدولار على التعاملات المالية في العالم.

وهذا ليس هو التحذير الأول للرئيس الأمريكي السابق، فقد سبق أن حذّر من أن الدولار سيفقد مكانته بين العملات العالمية قريباً، وأن ذلك سيهوي بقوة الولايات المتحدة ومكانتها بين دول العالم.

وأضاف: “عملتنا تنهار وقريباً لن يكون الدولار هو العملة العالمية، إنها هزيمة غير مسبوقة خلال 200 عام، وهذا سيبعدنا عن مكانتنا كقوة عظمى”.

ورأى ترامب، الذي تشير أغلب التوقعات إلى عزمه على الترشح من جديد لرئاسة البلاد، أنّ الولايات المتحدة تعاني حالياً من “حالة فوضى” تتمثل في “انهيار الاقتصاد، وارتفاع التضخم الذي أصبح خارجاً عن السيطرة”.

وليس أدلّ على هذه الحقيقة من أن مزيداً من دول العالم بدأ في التخلي تدريجياً عن الدولار مقابل سلة عملات أو استخدام اليوان في التبادلات التجارية، حيث اتخذت دولة الإمارات خطوتها الأولى في هذا المجال، بينما كانت السعودية سبّاقة في إبداء انفتاحها على تسعير جزء من نفطها باليوان الصيني بدلاً من “الدولار القوي”، ما أثار قلق وسائل إعلام أميركية من بداية انهيار عصر الدولار.

وسبق أن حذّرت المستشارة الأميركية السابقة لوزير الخزانة مونيكا كرولي من أنه “إذا قرّرت دول أوبك مثل السعودية بيع النفط بعملات أخرى، فهذا سيعني انهيار النظام الاقتصادي الأميركي وستكون كارثة كبرى”.

فالأمر إذن متعلّق بالدرجة الأولى بحجم التعاملات المالية بالدولار، وإذا تمكّنت الصين إلى جانب روسيا وإيران وسائر دول مجموعة بريكس ومنظمة شنغهاي من تقليص اعتمادها على الدولار في التعاملات المالية، وهذا ما بدأت بوادره تظهر بالفعل، فإن عنوان الدخول إلى النظام العالمي الجديد سيكون انهيار الدولار والتحوّل إلى نظام مالي عالمي جديد، لن تكون فيه الهيمنة لعملة واحدة، بل سيكون عنوانه التعامل بالعملات المحلية الأكثر تداولاً في العالم، وهذا بالضبط ما تسعى إليه الصين، وهو ذاته ما تحاول الولايات المتحدة الأمريكية منعه بشتى الوسائل حتى لو اضطرّت إلى الحل العسكري الذي تتخبّط بالتلويح به.

طلال ياسر الزعبي