الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

قدّاسان إلهيان في دمشق والحسكة إحياءً لذكرى “الإبادة الأرمنية”

دمشق – الحسكة – سانا – البعث

أُقيم في كنيسة القديس سركيس للأرمن الأرثوذكس بدمشق اليوم قداسٌ إلهيّ إحياء للذكرى الثامنة بعد المئة للإبادة الأرمنية، ترأسه مطران أبرشية دمشق وتوابعها للأرمن الأرثوذكس أرماش نالبنديان.

وشارك في القداس عدد من رؤساء وممثلي الطوائف المسيحية بدمشق.

وأكّد نالبنديان في كلمة في القداس أن ذكرى المجازر التي ارتكبت بحق الشعب الأرمني وصمة عار في ضمير الإنسانية، تذكّرنا بأن الإنسان قادر على ارتكاب أبشع الشرور إذا كان هناك تفلّت من العقاب والمحاسبة.

وقال نالبنديان: “رغم المكر والنكران يحيي الأرمن اليوم ذكرى الإبادة الأرمنية يوم قرّرت السلطات العثمانية قتل الروح والفكر والعلم الأرمني وليس الشعب الأرمني فقط، عندما اعتقلت قادة الرأي والسياسة والثقافة والنضال من الأرمن وأبادت الملايين، لكنها أخفقت لأن روح وقلب الأرمن لا يزال يخفق في القلوب”.

وأضاف نالبنديان: “نضيء اليوم شمعة احتراماً وتقديراً لذكرى شهدائنا الذين ارتقوا بإجرام العثماني إلى رتبة القداسة، وذلك في أول وأبشع إبادة جماعية شهدها التاريخ الحديث، وبقيت من دون عقاب ومن دون اعتراف من مرتكبها وورّثته الأتراك، الأمر الذي يشجّع على تكرارها في حق شعوب أخرى غير آبهين بالنتائج والمحاسبة”.

وأكّد نالبنديان أن “الشعب الأرمني لن يستكين حتى تحقيق العدالة وجعل الوريث العثماني يعترف بالإبادة”.

وختم نالبنديان كلمته بالقول: “نحن على ثقة تامة بأن قيامة وطننا من رماد الموت ستتحقّق قريباً، وتعود سورية كما كانت متعافية قوية حاضنة لجميع أبنائها، بهمّة جيشنا العربي السوري البطل، وبتوجيه من قائده السيد الرئيس بشار الأسد”.

بعد ذلك قام نالبنديان والحضور بوضع إكليل من الزهر على النصب التذكاري للشهداء في باحة الكنيسة، بينما عزف كشاف الكنيسة النشيدين الوطنيين لسورية وأرمينيا ولحني الشهيد ووداعه، وتلا الحضور صلاة طلب شفاعة شهداء الإبادة الأرمنية القديسين.

وفي مدينة الحسكة، أحيت الطائفة الأرمنية الذكرى الـ108 للإبادة الجماعية الأرمنية، بحضور حشد من الأهالي وآباء الكنيسة.

وقدّمت الشبيبة الأرمنية في كنيسة القديس هوفانو كربيت بهذه المناسبة قصائد ومسرحية عبّرت من خلالها عن هول المجازر الوحشية بحق الأرمن، كما تم إشعال الشموع حول الكنيسة إكراماً لشهداء هذه الذكرى الأليمة.

وفي تصريح له، أكّد رئيس طائفة الأرمن في الحسكة (أرمين نعلبنديان)، استمرار أبناء الطائفة الأرمنية بإحياء ذكرى المجازر الجماعية بحق الأرمن، وتذكير العالم بهذه الإبادة، وفاء للشهداء الذين قضوا في أبشع جريمة مرتكبة بحق البشرية، مضيفاً: إن إحياء الذكرى يحمل مجموعة من الرسائل التي نريد إيصالها للعالم، وأهمها استرجاع حقوقنا المغتصبة، وتأكيد ضرورة معاقبة المجرم على ما ارتكبه من مجازر بشعة، واغتصابه للأرض، وتهجير السكان.

ولفت رئيس الطائفة الأرمنية إلى وجوب اعتراف العالم أجمع بالإبادة الجماعية بحق الأرمن، مؤكداً أن أبناء هذه الطائفة مستمرون بإحياء الذكرى والنضال بكل الطرق الممكنة للحصول على اعتراف دولي يعيد الحقوق المغتصبة ويحاسب المجرمين.

ونوه  “نعلبنديان” بأن الأرمن الذين نجوا من الإبادة الجماعية بفضل ما قدّمته لهم سورية يعتبرونها وطنهم الذي فتح لهم أبوابه واحتضنهم، وسيبقون مدينين له وأوفياء لقيادته الحكيمة ولجيشه الباسل الذي يتصدّى لكل أشكال الإرهاب وداعميه.

وفي الحسكة أيضاً، (كارولين خوكز)، نظّمت طائفة الأرمن الأرثوذكس في القامشلي مسيراً بالشموع تقدّمته الفرقة النحاسية للكشاف الأرمني إحياءً للذكرى الـ108 للإبادة الجماعية للأرمن، بعد تعرّضهم للتهجير من وطنهم.

وفي كنيسة القديس هاكوب للأرمن الأرثوذكس بالقامشلي أقيمت الصلوات على أرواح شهداء الإبادة الأرمنية بمناسبة مرور مئة وثمانية أعوام عليها.

وفي حديث لـ”البعث” أشار الأرشمنديت ليفون يغيان، نائب مطران الأرمن الأرثوذكس لوكالة الجزيرة، إلى أن الإبادة الجماعية التي تعرّض لها الشعب الأرمني على يد “السلطنة العثمانية” هي عملية قتل جماعي ممنهج، وطرد للأرمن وترحيل لهم من أرضهم على يد جمعية الاتحاد والترقّي التركية، خلال الحرب العالمية الأولى، مؤكداً أن التاريخ لن يغفر لمن لم يتّعظ من تجارب الحروب على الشعوب الأخرى واستعمارها واستعبادها ومحاولة محو تاريخها.

وتابع: إن الجريمة ضدّ أي إنسان يجب أن تكون مدانة ومرفوضة أيّاً كان مرتكبها، فكيف إذا كانت إبادة جماعة بشرية كان ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون من الشعب الأرمني، وتهجير وتشريد لمليون ونصف المليون أيضاً في أنحاء العالم، منوّهاً بأن اعتراف مجلس الشعب في سورية بالإبادة الأرمنية عام 2020 هو خطوة يثمّنها الشعب الأرمني في سورية، وكل أصقاع العالم، وموجّهاً التحية إلى الشعب السوري المقاوم، وجيشه الباسل وقائده السيد الرئيس بشار الأسد.

بدورها، ذكرت الدكتورة ماري ميلكونيان أن إحياء الذكرى الثامنة بعد المئة للإبادة الجماعية بحق الشعب الأرمني هي دعوة للعالم أجمع للاعتراف بحقوق الشعوب الأخرى واحترام ثقافاتها وحضارتها، مشيرةً إلى أن هذه الجريمة بقيت دون عقاب رغم كل الدلائل والوثائق التي تؤكد وقوع الإبادة، باعتراف منظمات وهيئات ودول عديدة.

من جهته، ذكر الدكتور آنطو سركيسيان أن مشهد الإبادة يتكرّر اليوم بعد مئة وثمانية أعوام في سورية عبر تهجير وتشريد شعبها على قوات النظام التركي، والإرهابيين المرتهنين له، لافتاً إلى أن “العالم حاول أن يغيّب هذه المجزرة، إلا أن ضمير العالم بدأ يصحو ليؤكد أن الإبادة ارتكبت بحق الأرمن”، ومشدّداً على أننا “سنبقى كشعب أرمني متمسكين بمطالبنا المحقة وهي اعتراف تركيا بارتكابها الإبادة والتعويض”.