المشكلات التمويلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة .. صعوبة في تحقيق الأرباح.. وأعباء في توفير الضمانات
دمشق _ بشير فرزان
لايخفى على أحد أن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً في العملية التنموية في حال توافر الشروط المناسبة لعملها، فهي تساهم في خلق فرص العمل وتخفيض مستويات البطالة ومعدلات الفقر حسب ما أكده الدكتور تامر رفاعة “الاقتصاد والتجارة “الذي أشار إلى قيام الثورة الصناعية في أوروبا وبالذات في فرنسا وانكلترا وألمانيا خلال القرن الثامن عشر على المشاريع المتوسطة والصغيرة وقد بلغ مجموع المشاريع في الاتحاد الأوروبي بنسبة 98% وهي التي توظف أقل من 10 عمال أي حوالي 20 مليون مشروع صغير ومتوسط في الاتحاد الأوربي وهي تشغل نصف اليد العاملة في أوروبا.
واشار د.رفاعة إلى أن تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة يعد من أهم متطلبات هذه المشروعات، إضافةً لمتطلباتأخرى كالإطار القانوني والتسويقي والبحث والتطوير، كما يعد نقص التمويل من العقبات الرئيسيّة التي تواجه هذه المشروعات، حيث تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة معوقات تمويليّة متعددة، ويعود السبب في ذلك لاعتمادها على أكثر من مصدر للتمويل من جهة، وتدني مساهمة الجهات التمويليّة في توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات من جهة أخرى، وتواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة قدراً من الصعوبات في الحصول على التمويل من المصادر الرسميّة، وبصفة خاصة التمويل طويل الأجل، حيث تُعتبر هذه المشروعات من أوجه الاستثمار عالية المخاطرة، وذلك لعدم كفاية الأصول أو صغر حجم رأس المال، أو نقص الضمانات، أو التعرّض لمخاطر السوق، إضافةً إلى نقص الخبرة والمعرفة الماليّة والإدارية والمحاسبية لدى مالكي هذه المشروعات.
وبيّن د. رفاعة المشكلات التمويليّة التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة كعدم الفصل بين الذمة الماليّة لصاحب المشروع والذمة الماليّة للمشروع كشخصية معنوية مستقلة، مما يسمح لأصحاب المشروعات بتغطية العجز في الميزانيات الخاصة من خلال السحب على ميزانية المشروع، مما يؤدي إلى ضعف الوضع المالي للمشروع إلى جانب عدم احتفاظ معظم المشروعات الصغيرة بنسبة الأرباح المحتجزة، والتي تنص عليها القواعد المحاسبية، مما يُخفض من الاحتياطيات الماليّة و مصادر ها الذاتيّة للتمويل وضعف الوعي المحاسبي لدى أصحاب المشروعات الصغيرة، أويعود السبب في ذلك لعدم معرفتهم بقواعد وأصول المحاسبة، أو لنقص خبرتهم واضطرارهم إلى اللجوء إلى مكاتب المُحاسبة الخارجيّة، مما يعني نفقات إضافيّة.
من المشكلات لجوء المشروعات الصغيرة لأسواق الائتمان غير الرسميّة كمصدر بديل للتمويل الرسمي، مما يؤدي إلى حصولهم على تمويل بتكلفة عالية وبشروط غير ملائمة وعدم قابلية المشروعات الصغيرة على تقديم دراسات جدوى مُقنعة تبرهن على تمتع المشروع بالكفاءة والجدارة الائتمانيّة التي تؤهله للحصول على القروض وعدم قدرة المشروعات على تقديم الضمانات كمقابل عن القروض المصرفيّة.
أما فيما يخص التمويل المصرفي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة فأكد د.رفاعة أنها تواجه مجموعة من الشروط التي ينبغي توفرها في المشروع الذي ينوي الحصول على القروض كتحديد مدى قدرتها على تدوير رأس المال المستثمر، ومدى توفر الإدارة الجيدة وتوفر رأس المال الذاتي المناسب وقد بدأت المصارف بوضع هذه الشروط الصعبة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة بعد ارتفاع نسبة الديون المتعثرة وزيادة حالات التخلف عن سداد الفوائدوارتفاع المُخاطرة وعدم توفر الضمانات الكافية لدى أصحاب المشروعات الصغيرة، وخصوصاً الضمانات من الدرجة الأولى كالعقارات والأراضي، ولفت إلى أن هذه العوامل وغيرها دفعت المصارف إلى التمسك بعدم تقديم القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، إلا إذا تمكنت من توفير تلك الشروط وبخاصة تقديم الضمانات الشخصية كتقديم سند ملكية أو شهادة عقار، ونتيجة لعدم تمكن المشروعات الصغيرة والمتوسطة من توفير تلك الضمانات، فإنها ستضطر لتحمّل التكلفة العالية والشروط غير الملائمة للتمويل من المصادر غير الرسمية. مما يرهق ميزانياتها ويستقطع الجزء الأكبر من أرباحها.
وأوضح د.رفاعة أن المشكلات التمويلية التي تعاني منها المشاريع الصغيرة والمتوسطة تفرض على الحكومة تبني خطة عمل طويلة الأجل تتضمن تنسيق عالي المستوى من كافة الوزارات والهيئات للنهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بحيث تضمن استمرار عملها, والعمل على إيجاد حلول لمشكلة التمويل التي تعاني منها المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبحث عن مصادر تمويل جديدة واعتماد سياسات ائتمانيّة تشجيعية بالتشارك مع المصارف العاملة ومؤسسات التمويل وهيئة ضمان مخاطر القروض، وإدخال فكرة القروض المجمعة كحل لمُشكلة تمويلها. وتوفير حوافز تشجيعية لجذب رؤوس الأموال وتوجهها نحو الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومن أهمها تخفيض أسعار الفوائد على القروض وتفعيل القانون رقم 8 لعام 2021 المتعلق بإحداث مصارف التمويل الأصغر التي تمنح قروضاً تشغيلية للأفراد المنتجين بقيمة تصل إلى أكثر من 15 مليون ليرة سورية، بكفالة أو دون كفالة، مع إعفاءات من جميع الرسوم على كافة العقود أو العمليات التي يجرونها مع تلك المصارف بما فيها رسوم الرهن ورسم الطابع” بما يساهم في تحقيق الاستفادة المالية لأكبر شريحة ممكنة من صغار المنتجين وأصحاب الأعمال الصغيرة ممن يستطيعون ممارسة عمل اقتصادي، لكنهم غير قادرين على تأمين التمويل اللازم له ما يمكن أن يخفض تكلفة القروض ويشجع القاعدة العريضة من المشاريع كونها الأسرع بالإنتاج وتكاليفها أقل سواء كانت تكاليف مادية أو لوجستية ونظراً ولصعوبة البدء بإعادة إعمار المصانع والمعامل الكبرى، بالتزامن مع التضخم الكبير وانخفاض القوة الشرائية، ولذلك فإن التركيز على هذه المشاريع يفترض أن يتجه بالأحوال الاقتصادية نحو الأفضل ولكن بعد فترة زمنية.