هل تتوافق أفعال واشنطن مع أقوالها؟
عائدة أسعد
في مقابلة تلفزيونية حديثة، أكد جون كيري، المبعوث الخاص لرئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، بشأن تغيّر المناخ، مرة أخرى على الحاجة إلى التعاون المناخي مع الصين. وقال وزير الخارجية الأمريكية الأسبق إنه على الرغم من كلّ التوترات بين البلدين، يجب على الولايات المتحدة أن تتعاون مع الصين من أجل تحقيق أهداف المناخ العالمي.
وفي المقابلة، سلّط كيري الضوء على الإجماع الأخير بين الصين والولايات المتحدة على أن تغيّر المناخ قضية عالمية وليست ثنائية، ويجب التعامل معها بشكل منفصل عن الاهتمامات الثنائية الأخرى، وقال: “يتوجب على البلدين أن يجدا طريقة للعمل معاً بشأن الأزمة العالمية وشيكة الحدوث”.
وقبل يومين من تلك المقابلة، عرضت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت يلين، رؤيتها للمشاركة الاقتصادية مع الصين في خطاب ألقته في جامعة “جونز هوبكنز”، محذرةً من أن الفصل الاقتصادي سيكون كارثياً للولايات المتحدة والصين، وكذلك العالم بأسره. ومثل كيري، أقرّت يلين بأن العلاقات الصينية الأمريكية تمرّ بشكل واضح في لحظة متوترة، لكنها جادلت أيضاً أن هذا هو بالضبط سبب تعاون الحكومتين للمضي قدماً.
وردّدت يلين صدى قول الجانب الصيني بأن المحيط الهادئ واسع بما يكفي لاستيعاب كلّ من الصين والولايات المتحدة، حيث أخبرت جمهورها في “جونز هوبكنز” أنها هي والرئيس بايدن يعتقدان أن العالم كبير بما يكفي لكلا الطرفين، وأن الصين والولايات المتحدة يمكنهما وتحتاجان إلى إيجاد طريقة للعيش المشترك والمشاركة في الرخاء العالمي.
وانتقدت وزيرة الخزانة الأمريكية البعض لرؤيتها أن العلاقة الثنائية من خلال إطار صراع القوى العظمى هي منافسة ثنائية محصلتها صفر، حيث يجب أن يسقط أحدهما كي يرتفع الآخر، وقالت إن حكومتها تسعى إلى إقامة علاقة اقتصادية بنّاءة وعادلة مع الصين من أجل تعزيز النمو والابتكار في كلا البلدين.
كما أكدت يلين، مثل كيري، على الحاجة إلى التعاون الثنائي بشأن التحديات العالمية الملحة في يومنا هذا، وسلطت الضوء على ضائقة الديون في الدول النامية وتغيّر المناخ، بغض النظر عن الخلافات بين البلدين.
إن تصريحات كيري ويلين الأخيرة بشأن المشاركة الصينية الأمريكية تبدو معقولة تماماً عندما يتعلق الأمر بالحاجة إلى منع العلاقة من المواجهة، والتي كانت مصدر قلق أساسي من جانب بكين. ولا شك أنه سيكون لمثل هذه التصريحات صدى جيد في هذا الجانب من المحيط الهادئ، فهي تعمّق المخاوف بشأن مسار العلاقة بين البلدين، ولكن التحركات الفعلية ستكون أفضل من أية كلمات تقنع بكين بصدق واشنطن، فهل تتوافق أفعال واشنطن مع أقوالها؟.
إذا تمكنت الحكومتان من العمل معاً لمعالجة تغيّر المناخ والتعاون لبناء علاقة اقتصادية بناءة وعادلة، فلن يكون بوسعهما تقديم أي خير أكبر للشعبين ولشعوب العالم.