ثقافةصحيفة البعث

معرض أسامة دياب في صالة عشتار: الرسم في مواجهة الفكرة.. المرأة نموذجاً

أكسم طلاع

يرسم أسامة دياب لوحته بفيض من ألوان يُغنى من ذاكرة تغصّ باليوميات المتحركة بين رائحة المكان والإنسان المؤثث لهذا الحيّز من الحب الذي يبحث عنه أسامة بامتنان شديد للآخر، لأنه يمنح المعنى ويجعل وجود الفنان فاعلاً وخالقاً لأشياء لا تقلّ في لطفها عن لطف حواسه ومجاملاته الرقيقة. هذا الفنان الحاضر في المشهد التشكيلي السوري منذ سنوات والمجتهد في الوقت الذي تراجع العديد من الفنانين بسبب خسائرهم المادية والروحية إثر الحرب والتهجير، إلا أن أسامة دياب اختار موقف العيش والرسم وصناعة ما يمنحه التوازن والاستمرار بإيجابية في هذه الحياة مسؤولاً عن عائلة واسعة من الأبناء والأصدقاء وبعض طلابه الذين يتردّدون على مرسمه، وقد استطاع أن ينجز عدداً من المعارض حملت عناوين ذات أبعاد وجدانية وإنسانية، مثل معرضه السابق “رماد آخر”، واليوم أتحفنا بمعرضه الجديد “إيفا” الذي يتناول المرأة بحالاتها الجميلة كحارس للوجود، وقد انتهت منذ أيام قليلة أعمال معرض الفنان أسامة دياب الذي أقيم في صالة عشتار للفنون الجميلة بدمشق بداية هذا الشهر بمرافقة إعلامية لافتة غطّت هذا المعرض عبر صفحات الفيسبوك والتلفزيون العربي السوري بمحطتيه الفضائية وقناة الدراما، إضافة إلى بعض المواد الصحفية الأخرى في مواقع الجرائد الإلكترونية.

هذا الاحتفاء المنسوج بالعلاقات الناجحة بين الفنان والجهات الإعلامية يُحسب لمصلحة الفنان ونجاحه في تسويق نفسه بدأب وعناية لا تخلو من مثابرة شخصية يمتلكها في الترويج دون التفكير بأن هذا الترويج قد يُحسب عليه ويسأل عنه إن لم تكن النتيجة بحجم هذا الصوت، وقد يتوقف المتابع لهذه التجربة أمام السؤال الحقيقي عن أهمية هذا المنتج وعن هذه التجربة الضاجة، كيف بدأت؟ وكيف تنمو وتتطور؟ وما هي المواضيع الشاغلة لها، وماذا ستقدم من أسئلة مبدعة تفيض وتدهش بولادتها من عناصر حاذقة أنبتها هذا الفنان عبر تجربة اختمرت في اللون والخط والتكوين والتشريح الذي يعدّ أساساً لمعرفة ما يرسمه الرسام.

معرض يحشد فيه ما يقارب الثلاثين عملاً تصويرياً يجسّد حالات ومشاهد للمرأة التي احتلت الحيّز كاملاً، وقد جاء العنوان باسم “إيفا”؟.

رُسمت هذه الأعمال بلا موديل، وقد وقعت أغلبها في أخطاء تشريحية فادحة لم ينجُ الفنان منها منذ معارضه الأولى ولا زال مصراً على هذه الطريقة من الرسم الواقعي من مخيلته التي تغويها وفرة الألوان وعجينتها والتقرب من بعض المحاولات التقنية التي التقط جماليات نتائج من تجارب سابقة لبعض المصورين والملونين، هذه الغواية التي قلّما ينجو منها أولئك الذين تأخذهم فتنة الألوان والسطوح المتعدّدة الإيقاعات البصرية والتي تغني في لغة التصوير التفصيلية وتوهن التكوين وقوة الفكرة والتعبير، ولا يخفى في مجموع اللوحات طابع التجريب والغنائية التي تتقدم على الأساس الغرافيكي للعمل.

يجتهد الفنان دياب في إقامة بعض الدورات للشباب وتحضير ورشات العمل الدائمة، ومواكبة الملتقيات المحلية مع الأصدقاء من الفنانين، كما يمتلك مهارة خاصة في سرعة تنفيذ اللوحة، وقد نجح في إقامة معارض دورية خاصة له دون انقطاع، وحسبي أن ذلك من أهم علامات نجاح الفنان وتطور تجربته، خاصة وأن أسامة دياب يستمع جيداً ومثابر على حكمته في العيش كفنان.. وفنان فقط.