في سوق الخضروات والفواكه.. التشميع بقصد التسويق وجذب زبون الـ”vip ” وشكوك صحية بسلامة المواد المستخدمة
“البعث الأسبوعية” بشير فرزان
مشاهد عديدة في الأسواق تنضح بصور متناقضة فمابين من ينتظر لنهاية اليوم ليجمع ماتبقى من خضروات وفواكة شبه منتهية الصلاحية ليأخذها بأسعار مجانية أو رمزية وبين من يستمر في انتقاء الأفضل والأجود وبأي سعر مهما كان مرتفعاً طالما يجدون مايرضي ويلبي طلباتهم التي لاتعرف واقعاً اقتصادياً معيشياً صعباً فهي خارج حسابات القلة والعوز وطبعاً إرضاءً لهؤلاء يتفنن أصحاب المحلات في الأسواق الراقية في عرض الفواكه وتجميلها لتصطاد اولئلك الباحثين عن الأفضل حيث تعددت الأحاديث التي تبحث في ماهية تلك الخلطة السحرية التي تمنح بعض أنواع الفاكهة بريقاً يميزها عن غيرها من الأنواع الموجودة في واجهات المحلات التي تفننت في أساليب إغراء الزبائن واستقطابهم وتحفيزهم على الشراء ولكن مع دخول مكونات هذه العملية التسويقية بخلطتها السحرية دائرة التشكيك بسلامتها من قبل المواطن بات من الضروري تسليط الضوء عليها وكشف بعض أسرارها.
ولاشك أن ذلك الدور التسويقي الجمالي المستخدم لعرض الفاكهة يؤثرعلى أذواق الزبائن واختياراتهم للمواد المتوفرة في السوق ولكنه في حقيقته تأثير مزدوج فتلك الجمالية التي تساهم في استقطاب الكثيرين لشراء هذه المنتجات تثير في الوقت ذاته مخاوف الناس من نوعية المواد المستخدمة في تحسين مظهر الفاكهة حيث تتحرك هواجسهم وشكوكهم فيبدأون بطرح العديد من الاحتمالات والتساؤلات حول سر جماليتها و إمكانية تأثيرها على الصحة وخاصة البرتقال منها.
فما هي مكونات تلك الوصفة التجميلية المسماة تشميع ؟وهل لها أضرار صحية أم أنها مجرد مواد أو مساحيق تجميلية ليس لها أي انعكاسات سلبية على الصحة ؟.
ماذا يقول العلم
الخبيرمحمد السرحان “هندسة زراعة” بيّن أن عملية التشميع تجري بعد قطاف الثمار من خلال وضع طبقة رقيقة من الشمع الطبيعي على سطح الثمار لغرض إعطاءها مظهراً جذاباً وإطالة مدة حفظها حيث أن الطبقة الشمعية تقلل من الفقد المائي للثمار حيث تضاف إلى الشموع بعض المواد المطهرة أو المواد التي تقلل من شيخوخة الثمار التي يمكن أن تشمع مثل (البرتقال – الليمون- اليوسفي – الخيار – الطماطم – الموز – التفاح )
وأكد أن التشميع يستخدم للثمار المراد تخزينها كونه يمنحها مظهرا جذابا ويظهر جماليتها ويحسنها ويساهم في قبولها بشكل اكبر من المستهلك والى جانب ذلك فالتشميع يؤدي إلى التخفيف أو التقليل من شدة الفقد المائي في الثمار فالماء موجود بنسبة 80-85% في تركيب البرتقال و85-90% في التفاح ويشبه الدكتور السرحان الثمرة عندما تكون على الشجرة بالجنين الذي يتغذى من أمه حيث تعوض الثمرة أي عملية نتح عن طريق تغذيتها من الجذور وعند القطف فأن أي فاقد مائي لا يعوض .
ولفت إلى أن التاجر يدفع ثمن وحدة وزنيه للمواد التي يتم تخزينها في المخازن وعملية التخزين تعني وجود فاقد مائي نتيجة البخر يقدر 10 % من وزن هذه المواد نتيجة طيران الماء في الهواء وهذا الفاقد جزء من الوزن وله سعر أو ثمن ولذلك يلجا إلى أساليب عديدة ومنها التشميع لتقليل الفاقد المائي الذي له أضرار تتمثل بخسائر اقتصادية نتيجة انخفاض جودتها وقيمة الثمرة التسويقية نظراً لتأثر تركيبها الكيميائي الذي يؤدي إلى ذبولها .
وأشار إلى بعض أنواع الشموع المستخدمة مثل شمع البرافتين الذي يمنع تبخر الماء من الثمار ولكنه لا يكسب الثمار بريقا جذابا وشمع الكارتوبا الذي يعطي لمعان وبريق للثمار ولكن مقدرته قليلة على منع تبخر الماء وهناك خليط من النوعين إلى جانب مركبات شمعية جاهزة وهي خليط من عدة شموع وزيوت .وأكد على ضرورة عدم زيادة فترة التخزين أو زيادة سماكة الطبقة الشمعية حتى لا تسد المسام فيحدث فساد وتخمر كون الثمرة جزء حي يأخذ الأوكسجين ويطرح ثاني أكسيد كربون وعندما يتم إغلاق المسامات تقل نسبة الأوكسجين وتزداد نسبة الكربون مما يؤدي إلى التخمر وخلق نواتج استقلاب ضارة ذات رائحة كريهة تؤثر في جودة طعم الثمرة كما أن زيادة مدة تخزين المادة المشمعة تسبب في تزايد النواتج الضارة الناتجة عن العمل الحيوي ولذلك يجب أن تخرج .
وعن مدد التخزين الصحيحة قال (أن أكثر الأصناف التي تخزن هي التي تقطف بشكل متأخر مثل صنف برتقال فالنسيا الذي يخزن حتى أربعة اشهر في مخازن حرارتها مابين 2-3 درجة مئوية ونسبة رطوبة 80-85% في هواء المخزن وهناك أنواع تحتاج إلى حرارة أعلى مثل برتقال أبو صرة الذي يخزن في حرارة 5درجات مئوية والليمون 12 درجة مئوية والكر يفون 12 درجة مئوية وفي حال تم تخزينها بدرجات اقل فأنها تفسد .
وبين أن الشموع المستخدمة طبيعية وخاصة للتفاح وتؤكل وليس لها أضرار ولكن في حال تخزينها لمدة طويلة فيجب الانتباه إلى أن بعض المواد الفطرية (المبيدات الفطرية ) التي تستخدم من اجل حماية الثمار من الإصابة ببعض الأمراض (عفن البنسليوم –العفن الأخضر- عفن الجروح) حيث أن أي ثمرة مجروحة بجرح ولو كان غير مرئي فهي معرضة لدخول الفطر إلى الداخل وفسادها .
ولا ينصح السرحان باستخدام أي مادة شمعية او غير شمعية وخاصة بالنسبة لثمار التفاح والبندورة التي تملك طبقة شمعية طبيعية أثناء النضج وهي قابلة للتخزين دون أي مواد أخرى وأفضل أن تتم تغطية الحمضيات باكياس و برقائق (بولي اثلين) لحمايتها من الفقد المائي وأضاف أن الدول الأوربية تضع إشارة استفهام على كل ثمرة يتم التعامل معها بمواد كيماوية يمكن ان تتسبب بأمراض بعد استخدامها لسنوات فمادة داي فينيل لتي استخدمت لتغطيس ثمار التفاح لحمايتها من مرض الصمت أو الحرق واللفحة التي تترك طبقة سمراء أو بنية على قشرة الثمرة اكتشف فيما بعد أنها مسرطنة ولذلك من الأفضل عدم معاملة الثمار بأي شيء ويجب تركها كما هي فكفانا تسسممات وتلوثات وعلينا العودة إلى الطبيعة وعدم استخدام أي شيء له أضرار مستقبلية ).
مجرد تجميل
بالمحصلة النهائية نستطيع القول أن عملية التشميع هي في الوقت حالي عملية تجميلية تسويقية خالية من أية أضرار صحية على المواطن ولكن ماذا يحمل لنا المستقبل من مفاجآت تتعلق بانعكاسات المواد الشمعية التي تدفن داخل أجسامنا على مراحل ؟!.