دراساتصحيفة البعث

التسييس التعسفي لا يفيد المصالح الأوروبية

ترجمة: عائدة أسعد

بعد أن أصبحت فكرتها الحالية عن عدم المخاطرة هي العلامة التجارية الرسمية لسياسة الغرب تجاه الصين، تدفع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لترجمة ذلك نحو سياسة أوروبية أكثر صرامة تجاه الصين.

وبينما تجهز فون دير لاين خطتها لقيادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لما يمكن أن يكون خارطة طريق في مراحل مبكرة لحملتها الصليبية “التخلص من المخاطر”، إلا أن ممثلين من العديد من الأعضاء الرئيسيين في الاتحاد الأوروبي عبّروا عن مخاوفهم بشأن مفهوم “محاكاة واشنطن”. قد تكون رئيسة الاتحاد الأوروبي واثقة من قدرتها أخيراً على إشراك جميع الدول الأعضاء كما فعلت سابقاً في المناورة لإعادة تقييم سياسات الصين على مستوى أوروبا، لكن التسييس التعسفي لا يفيد المصالح الأوروبية.

ليس هناك أدنى شك في أن مفوضية فون دير لاين تواجه مخاوف بشأن المصالح الأوروبية البراغماتية عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الصين، وأنها تحاول أن تنأى بنفسها إلى حدّ ما عن هجوم واشنطن الشامل على الصين طالما أنها جاءت بمقترح “إزالة المخاطر” بدلاً من الانضمام إلى حملة “فك الارتباط” عن واشنطن.

ولكن على الرغم من أنها تبدو أقل عدوانية من المفهوم الأولي للانفصال عن واشنطن، إلا أن إزالة المخاطر بقيادة فون دير لاين متشابهة تماماً، لأنها تحاول تقليل التبعيات على الصين عبر ضوابط التجارة والاستثمار. وكما لاحظ الكثيرون فإنها تركز اهتمام الاتحاد الأوروبي بشكل متزايد على الصين باعتبارها منافسة منهجية، على الرغم من أنها تحدّد الصين رسمياً كشريك في التعاون والتفاوض ومنافس اقتصادي. لكن في الروايات الرسمية للاتحاد الأوروبي، يتقلص التعاون مع الصين بشكل متزايد إلى مجالات مثل تغيّر المناخ تماماً كما هي الحال في واشنطن.

هناك تقارير تفيد بأن دبلوماسيين من فرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا أبدوا تحفظات على خريطة طريق فون دير لاين الأسبوع الماضي، ومن الواضح أنهم ليسوا مستعدين للتغييرات الدراماتيكية المقترحة، ففي ترديد لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة بشأن الحكم الذاتي الأوروبي، والحاجة إلى تجنّب سيناريو أن تصبح أوروبا بيدقاً للولايات المتحدة، ذكّر هؤلاء الدبلوماسيون بروكسل بأن أوروبا هي أوروبا وليست الولايات المتحدة.

يجب أن تكون علاقات أوروبا مع الصين مستقلة عن العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، لأن العلاقة بين الصين، والاتحاد الأوروبي ليست فقط نتيجة طبيعية للاحتياجات العملية المتبادلة، ولكنها تتميّز بالاحترام المتبادل طويل الأمد، ومن الطبيعي أن تتصرف أوروبا فيما تعتبره مصالحها المفضّلة، لكن المراجعة الواضحة للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين ستجد أن المخاطر المزعومة من العلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين مبالغ فيها بشكل غير متناسب.

من وجهة نظر بكين، يجب ألا تقف الخلافات حول الصراع الدائر في أوكرانيا، ولا الخلافات حول مواضيع مثل حقوق الإنسان، ومسألة تايوان في طريق التعاون بين الصين والاتحاد الأوروبي، ولا ينبغي لأوروبا أن تبتلع خط واشنطن لئلا يتمّ رسمه بقوة، بحيث ينتهي بها الأمر بقطع أنفها والبصق على وجهها!.