الكونشيرتو الأشهر لتشايكوفسكي بقيادة باغبودريان ومشاركة كنوزي
ملده شويكاني
كونشيرتو آلة البيانو والأوركسترا رقم 1- مصنف رقم 23- سلم سي بيمول مينور الأشهر لتشايكوفسكي، عزفته الفرقة السمفونية الوطنية بقيادة المايسترو ميساك باغبودريان وبمشاركة عازف البيانو المتميّز آغوب كنوزي، على مسرح دار الأوبرا في أمسية خاصة لعملين من أهم أعمال الموسيقي الروسي تشايكوفسكي، الذي طوّر في آلية الموسيقا الروسية وكتب إضافة إلى السمفونيات أشهر مقطوعات موسيقا الباليه “كسارة البندق وبحيرة البجع والجمال النائم”، كما استلهم من مسرحيات شكسبير أعمالاً أوركسترالية.
امتزاج لحني ومحاورة
وآغوب كنوزي الحاصل على الجائزة الكبرى في العزف على البيانو في المسابقة الدولية التاسعة للعازفين المنفردين (روسيا- موسكو) لعام 2023، هو طالب د. غزوان زركلي المتميّز، ويعمل مدرساً لآلة البيانو في المعهد العالي للموسيقا. وقد أخذ دور اللحن الأساسي بالعزف على البيانو وبالمحاورة مع الفرقة والتناوب مع بعض الآلات في مواضع، بمزج لحني رومانسي عاطفي هادئ وحيوي ومتصاعد في مواضع بامتزاج الوتريات وآلات النفخ الخشبية والنحاسية والتيمباني والطبل الكبير، فبدأت الحركة الأولى “حركة حيوية معتدلة السرعة” بتناغم قويّ بين الوتريات والبيانو والنفخيات، ليأخذ البيانو دوره الرئيسي بأبعاد صوتية متعدّدة وبتغييرات سريعة، ومن ثم تدرجات يمتد بها اللحن الرومانسي مع الوتريات ويتخلله ضربات التيمباني ومن ثم دخول الهورن.
الحركة الحيوية والمتتالية
وفي الحركات المتتالية “حيوية وسريعة- حركة بطيئة- حركة سريعة جداً- حركة بطيئة– حركة حيوية- بطيئة” بدا دور بعض الآلات مع البيانو مثل الباصون والكلارينيت، والفلوت في الحركة البطيئة، وانتهى بحركة حيوية تخللتها ضربات للتيمباني، لتأتي القفلة بمتتالية متصاعدة مع البيانو والفرقة.
تقديم العازفين الشباب
تصفيق جمهور الأوبرا عبّر عن الإعجاب بأداء آغوب كنوزي الذي أظهر حرفية عالية، ولاسيما في الحركة السريعة جداً، واحتضان المايسترو باغبودريان له على المسرح دلالة على نجاحه في مشروع إبداعه الموسيقي، وعلى اهتمام الفرقة السمفونية بالتركيز على العازفين الشباب المتميزين وتقديمهم إلى جمهور الأوبرا.
ومن الجميل أن يتناوب الأستاذ والطالب على عزف هذا الكونشيرتو، فكما ذكر المايسترو باغبودريان فإن الفرقة السمفونية عزفت هذا الكونشيرتو مع د. غزوان الزركلي سابقاً.
الإيحاء بالشخصيات
وفي القسم الثاني من الأمسية عزفت الفرقة السمفونية العمل الرائع لتشايكوفسكي “روميو وجوليت”– افتتاحية مستلهمة من مسرحية شكسبير، بمشاركة الهارب بدور خاص وفي مواضع مع الوتريات، كما شاركت الصنجات، فترجم تشايكوفسكي بسحر الموسيقا أحداث المسرحية وعبّر عن مسار شخصياتها، فأوحت الألحان بتخيّل المشاهد الدرامية، وقد تغيّر مسار العزف عن العمل الأول بالتركيز على أداء آلات منفردة كإيحاءات عن الشخصيات وتطوّر مجريات الأحداث من الحب واللقاءات إلى مأساة الانتحار، بدأت بثنائية حوارية بين الكلارينيت والباصون إلى نغمات الهارب والتكثيف الوتري ودور التشيللو بصوته الرخيم، ومن ثم انتقالات المشهدية الموسيقية للأحداث بالتناوب بين الوتريات وآلات النفخ الخشبية، ثم التصاعد اللحني مع الصنجات والتيمباني وضربات الطبل الكبير وفواصل متعدّدة للكلارينيت والفلوت والباصون والهارب.
ومن المعروف أن تشايكوفسكي من المؤلفين المألوفين لجمهور الأوبرا ضمن برامج الأمسيات، إلا أن هذه الأمسية كانت وحدة واحدة.