ثقافة

وداعا نادر الأتاسي شيخ المنتجين السينمائيين

رحل المنتج السينمائي العالمي من أصل سوري نادر الأتاسي في بيروت عن عمر ناهز 96 سنة وقد نعاه المخرج العالمي أنور قوادري على صفحته الاجتماعية واصفاً إياه بقوله: “حَمَلتَ على أكتافك السينما السورية والعربية مع والدي المنتج الراحل تحسين قوادري، وأن انجازاتك ستبقى محل فخر للأجيال القادمة”.

بدايات ناجحة
بعد تخرجه مهندساً مدنياً تحول بسرعة إلى أهم مقاولي البناء في سورية فنفذ عدة مشاريع هندسية بدأها في عام 1945ما تزال قائمة إلى اليوم في كل من سورية والعراق كمعامل للنسيج والسكر والزجاج، إلى جانب عديد المدارس والمؤسسات الحكومية ومشروع تحلية مياه الفرات ومد قنوات النفط في الجولان، فتبوأت شركاته مكانة هامة في عالم المقاولات مما أهله ليصبح من أهم رجال الأعمال في بلده.

علاقة قديمة بالسينما
عندما كتب سيرته الذاتية في كتاب بعنوان “حياة ثلاثية الأبعاد” أشار إلى حبه الكبير للفن السينمائي الذي يمتد إلى سنوات الطفولة، حيث قادته المصادفات إلى الاهتمام بها كنشاط اقتصادي مارسه على مدار سنوات طويلة، من خلال صالات السينما في حمص التي أضحى فيها شريكاً، حين أسس عام 1959 سينما حمص التي كانت بداية مشروعه السينمائي الخاصّ لينطلق بعدها في مشروعه لامتلاك أكبر عدد من الصالات في مناطق مختلفة من سورية، وليصبح خلال ثلاث سنوات (1958-1961) صاحب الكلمة الفصل في نصف صالات سورية ، موضحاً في كتابه أنه وبعد تملّكه لصالات في حمص وحلب واللاذقية كان لا بدّ من أن يكمل المجموعة بصالة في العاصمة تكون كسابقاتها، فوقع اختياره على سينما دمشق التي كانت مفتتحة منذ العام 1947، ليبدأ عام 1961 باستثمارها، ومن ثم تحديثها ومواكبة التطور الحاصل في السينما العالمية والأميركية، لتكون أحدث وأفخم دار سينما في سورية ولبنان، افتتحها سنة 2009 بفيلم “سيلينا” من إنتاجه والمأخوذ عن مسرحية “هالة والملك” للأخوين رحباني.
تحوله إلى الإنتاج السينمائي
أنتج الأتاسي تقريبا كل المشاريع السينمائية للرحابنة، ونقلها من المسرح للشاشة الكبيرة، فأصبح يملك في سجله أفلام السيدة فيروز ومنها: “بنت الحارس- سفر برلك – بياع الخواتم”، كذلك أنتج للفنان الكبير دريد لحام أفلام: “الحدود- التقرير- سيناريو الراحل محمد الماغوط- كفرون سيناريو للراحل رفيق الصبان.

الطريق إلى هوليود
تحت هذا العنوان يشير الأتاسي إلى أن أبواب السينما العالمية انفتحت له، وقد جاءت الخطوة الأولى في مدينة “كان” الفرنسية من خلال فيلم “حب مع الأبراج” الذي عُرِض في خمسين قاعة عرض في بريطانيا، لتكون الخطوة الثانية فيلم “كسّارة البندق” عام 1982للمخرج أنور قوادري وبطولة “جوان كولينس”.
أما الطريق إلى هوليود وهو منعطف كبير في مسيرته الإنتاجية فقد بدأه بإنتاج فليمين من النوع “ب” استعداداً لإنتاج الفيلم الضخم “سيد الوحوش” beastmaster” عام 1982 والذي عُرِض في أكثر من 1000 صالة في أنحاء أميركا محققاً نجاحاً كبيراً.
وبعد سلسلة من الأفلام الباريسية التي أنتجها راوده حلم إنتاج فيلم عن سيرة جبران خليل جبران ليقرر بعد ذلك تحويل هذا المشروع إلى مسلسل خصّه بميزانية ضخمة.
لقد كانت السينما هي الجانب الأحب إليه في مسيرته بل تفوقت على علاقته بالهندسة ومشاريعها، وعندما تستحضر الأجيال القادمة تاريخ السينما سيكون الأتاسي حاضرا بانجازاته التي كرم عنها في العديد من المناسبات، منها في عام 2003 في مهرجان دمشق السينمائي الدولي بمناسبة اليوبيل الماسي للسينما السورية، وكرمه مهرجان القاهرة الدولي سنة 2005 كأحد المنتجين العرب الذين خرجوا إلى الحلبة السينمائية العالمية، وكرمته لجنة صناعة السينما والتلفزيون عام 2009 بصفته من أقدم منتجي السينما في سورية، وقد لقب بشيخ المنتجين العرب”.

فتحي مرزوقي