صحيفة البعثمحليات

العملة العالمية…!

غسان فطوم

منذ بداية القرن الـ 21 تغيّرت متطلبات وحاجات سوق العمل في كلّ دول العالم، فاليوم لم تعد السوق ترضى بالشهادة الجامعية الأكاديمية التقليدية، وهذا ما يفسّر سبب ارتفاع نسب البطالة بين صفوف الخريجين في الجامعات العاطلين عن العمل، أو يعملون في غير تخصّصهم!.

محلياً لو سألنا: على من نضع اللوم بخصوص بطالة الخريجين؟ هل السبب هو ضعف المخرجات الجامعية، أم في فشل الخطط الحكومية بإيجاد برامج تشغيل تحاكي متطلبات سوق العمل؟

سؤال مشروع في هذا العالم الذي يتنافس فيه الشباب على الوظائف الأكثر أجراً التي ترضي طموحهم المهني، وتفتح الآفاق أمام المجتهدين منهم لتحقيق الريادة. من هنا تأتي أهمية الشهادة المهنية الاحترافية المعتمدة، فهي دليل على المهارة المتقدّمة لحاملها وقدرته على المنافسة مهارياً وعلمياً ومهنياً، لدرجة أصبحت فيها المهارات العالية هي “العملة العالمية” لاقتصاديات العالم، فمن لم يتسلح بها لا قيمة لشهادته الأكاديمية حتى لو كانت حاصلة على مرتبة الشرف!

للأسف، لم تفلح محاولات جامعاتنا في تغيير جلد مناهجها، وإن كان هناك بعض الطفرات، لكن لا زالت غالبية المناهج تدور في فلك اجترار المعلومات القديمة وعملية النسخ واللصق، ولعلّ من يتابع حديث الشارع الجامعي سيسمع الكثير من قصص “لطش” أطروحات الماجستير والدكتوراه، والكتب المستنسخة “طبق الأصل” لا يتغيّر فيها إلا تصميم الغلاف الممهور بتاريخ حديث!.

نحن اليوم، بل العالم كله يطلب خريجاً عصرياً في زمن الذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل حياتنا ومجتمعنا ومستقبلنا الذي بات مهدداً بسببه!.

إن الشهادة الجامعية الأنيقة التي تمنح للخريج لم تعد كافية، فهو بحاجة لتدريب وتأهيل لتطبيق العلوم النظرية التي تمّ حشو دماغه فيها دون فائدة، إلا ما قلّ وندر في القليل من التخصّصات، والغريب أن جامعاتنا فيها مراكز للتأهيل والتدريب، وبعضها يُسمّى بعيادات العمل، مهمتها إعداد الخريج لسوق العمل ليدخله من أوسع أبوابه، غير أنها غير فاعلة مثلها مثل مديريات التأهيل والتدريب في باقي مؤسّسات الدولة ترصد لها الموازنات الكبيرة غير أنها تحوّل في اتجاه آخر، رغم الحاجة الماسة والضرورة الملحة لتطوير مهارات العاملين وصقل خبراتهم ليتماشوا مع العصر ويقدموا القيمة المضافة في أدائهم وتحسين إنتاجهم كماً ونوعاً.

بالمختصر، الفجوة بين النظري والعملي في تعليمنا الجامعي يجب أن تُردم، وبات لزاماً على الإدارات الجامعية أن تقلب الهرم، بحيث تكون حصة الدروس العملية أكثر من النظرية، وأن تفتح مراكز متخصّصة لمنح الشهادات المهنية والاحترافية في مختلف التخصّصات، فالشهادة المهنية الاحترافية المعتمدة هي المطلوبة لتطوير المهارات والخبرات، وعلى مديريات تنمية الموارد البشرية أن تساعد بهذا الخصوص لضمان حسن النتائج.