ثقافةصحيفة البعث

معرض موفق السيد في الآرت هاوس.. العمارة المزخرفة بالحلم

أكسم طلاع

افتُتح هذا الأسبوع معرض الفنان التشكيلي موفق السيد المعروف في الوسط الفني كأحد أبرز مهندسي الديكور العاملين في حقل الدراما السورية والعربية، إذ يطلّ اليوم بمنتجه التشكيلي الجديد في عرض لأكثر من ثلاثين لوحة منفذة بألوان الإكريليك والألوان الزيتية في بعض منها، حيث قدّم عالمه البصري في لوحات تجسّد أمكنة وعمارات استحضرها الفنان من خياله الغنيّ بالهندسة الغرائبية والتي تحمل دلالات إيحائية لأدب خيالي ساحر، قد يحسب هذا التوجّه في اللوحة من عالم الفنون التشكيلية السوريالية في بعض جوانبها، إلا أن سلطة سوريالية دالي قد استولت على كل التصورات اللاحقة مما جعل من المشقة علينا أن نتعرّف على تجربة سوريالية بعيدة عن هذا المدار الذي رسمه سلفادور دالي وكوكبة من الأدباء والفنانين، وأسّس لفن قائم على الحلم والهذيان.

هنا في معرض موفق السيد نلتقي بلطف مع عوالم هذا الإنشائي الحالم باللون والخط الدقيق يرسم مكاناً وجده في القصص القديمة وقصور الساحرات والمدن الملغزة بالهفوات التي تأخذنا إلى كوكب آخر، وإلى أرض ليس هذه التي نعيش عليها.. فأرض هذا الفنان منزهة من خطايا وجودها ولا تخضع لقانون الجاذبية التي يحكم ثوبها الهوائي الذي يزينه موفق السيد دائماً بالخيوط المعلقة في نهاياتها أساور وخواتم سادة المكان الذي تزينه تفاحة نيوتن الحمراء بكل أبهة لونها وسطحها الذي قضمته البيوت الجديدة ببلاطها وبالسجون؟!.

من الحق أن نذكر قدرة هذا الفنان وتأنيه في تحقيق لوحته المميزة بنظافة التنفيذ ودقة الرسم ومقاربة الواقعية الحرفية في مهارة واضحة تحسب له، قلّما نصادفها في الأعمال التشكيلية السائدة حالياً والتي تعتمد الفكرة وتبخس المهارة والتقنية حقها، حيث نصطدم بالعبث وسوء التنفيذ بحجة التعبير وإطلاق عنان الانفعال ليد الرسام وتلقائية التلوين والتكوين.

يعتبر موفق السيد من الفنانين الفلسطينيين المخضرمين الذين عرفناهم في سورية من خلال أنشطة اتحاد الفنانين التشكيليين وعمله في بداية ثمانينيات القرن الماضي كمشرف على سينوغرافيا حفلات فرقة أغاني العاشقين في سورية وبعض الدول العربية والعالم، إضافة لتنفيذه عدداً من الأعمال الدعائية والغرافيكية والمعمارية الفلسطينية واكتسابه صفة الخبير والتقني في هذا المجال الذي تعدّى اللوحة والبوستر وصولاً إلى الحال الفني المتفرد عن الكمّ التشكيلي الفلسطيني المتشابه في هاجسه الجمالي الغارق في المباشرة والتعبوية.

هذا المعرض بما يطرح من حوامل وأساليب في الذهنية التشكيلية، يؤكد أن فضاء الفنون واسع للتجريب والانفتاح على البحث في أدوات تعبير جديدة، وضيّق حين يكون سيراً على سكة هجرها من شيّدوها، فأضحت قفصاً يسكنه الآخرون بوداعة المطمئن، وأن ما يفعلونه هو الفن، وكفى الله شرّ العاشقين الجنون.