ثقافةصحيفة البعث

بحري التركماني على مسرح الأوبرا.. اللحن الشرقي وسرعة العزف التقني مع الإيقاعيات

ملده شويكاني

“راجعين يا هوى راجعين”، لم تكن بصوت فيروز الدافئ وإنما بألحان البزق الذي أخذ دور الغناء، مع دور الوتريات والإيقاعيات وحضور خاص للكلارينيت والفلوت، فكانت إحدى المقطوعات الجميلة في الأمسية التي قدّمها عازف البزق والمؤلف لهذه الآلة، بحري التركماني، على مسرح الدراما في دار الأوبرا، وقد أضفت جمالية على البرنامج المتضمن عزف مؤلفات التركماني، بمرافقة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد، والمكوّنة من الوتريات والدرامز والإيقاعيات والغيتار بدور خاص للكلارينيت والفلوت، إضافة إلى تكريم محمد عبد الكريم بعزف مؤلفاته بشكل منفرد. فتنوّعت القوالب الموسيقية بين السماعي واللونغا والرقصات والتراث والمعاصر، إذ بدأ التركماني العزف بمقطوعة سماعي سيكاه، تأليف محمد عبد الكريم، أظهرت براعته بالعزف على البزق، والذي بدا بشكل أكبر في مقطوعته “نغماتي” التي دمج فيها بين اللحن الشرقي وسرعة العزف التقني مع الإيقاعيات.

أما مقطوعته “غضب” فبدأت بصولو البزق ومن ثم بالتناوب بين البزق والكلارينيت والإيقاعيات بلحن سريع. ليتغيّر مسار الأمسية بالعودة إلى أحلى الذكريات مع عازار حبيب وأغنية “شو قولك”، إذ أخذ البزق دور الغناء مع التمازج مع الفرقة وبدور الدرامز.

وعودة إلى العزف التقني بمقطوعة “بارغو” من مؤلفات التركماني وتعني اسمه (بحري) باللغة الكردية، وقد مزج فيها بين اللحن الشرقي والعزف التقني، فبدأت بضربات الدرامز المتتالية مع ألحان البزق ومن ثم امتدادات وترية ليأخذ البزق دوره بالانتقال إلى العزف التقني السريع. وتميّزت مقطوعته لونغا دلامة مع تأثير صورة البيت القديم ونوافذه الخشبية على الشاشة، بالانتقالات اللحنية المفاجئة والتغييرات بدرجة الصوت ومن ثم العودة إلى اللحن الأساسي ضمن خصائص اللونغا بتناوب الخانات والتسليم، بدور الكلارينيت والفلوت.

مفاجأة الأمسية كانت بعزف الأغنية التراثية “رقة حسنك” بعزف رائع للبزق الذي أخذ دور الغناء بمرافقة الفرقة وبدور الرق بشكل خاص والكمانات.

ثنائيات 

كما كرّم بحري التركماني محمد عبد الكريم بالعزف المنفرد لبعض مؤلفاته من خلال ثنائيات تبدأ بمقطوعة محمد عبد الكريم، ثم يتابع بمقطوعته بمرافقة الفرقة، فقدّم وفق هذه الثنائية رقصة الساحرة لمحمد عبد الكريم، ثم مقطوعته رقصة البزق التي أظهر من خلالها التغييرات اللحنية بين النمط البطيء والانتقال إلى السريع والقفلة مع الوتريات، وتابع بثنائية رقصة الشيطان لمحمد عبد الكريم ومن ثم مقطوعته “سحر”، كما عزف سيرينادا أشجار الصنوبر، ثم مقطوعته نبض الحياة والتي تميزت بخليط لحني.

وعلى هامش الأمسية أوضح بحري التركماني الذي بدأ العزف منذ أن كان في السابعة من عمره في حديثه لـ”البعث” أنه في بداياته تأثر بأسلوب مطر محمد البسيط، ثم دخل عوالم مدرسة محمد عبد الكريم وتعمّق بألحانه المركبة، ليتبنى أسلوبه الخاص الذي يجمع بين الشرقي والغربي واللحن البسيط والكلاسيك بخليط متناغم مبتعداً عن اللون الشعبي، الذي عزفه في بداياته فقط، ليخلص إلى أن اعتلاءَه مسرح الأوبرا يعدّ تكريماً له في بلده سورية.

وتوقفت معه عند فقرات البرنامج وقالب اللونغا بمقطوعة لونغا دلامة، فعقب بأنه التزم بها بخصائص اللونغا من حيث الخانات والتسليم بأسلوب عزفه على البزق والتركيز على تقنيات العزف، وقد كتبها إهداء إلى ابنه دلامة الذي عانى من المرض، لذلك جاءت بلحن أقل سرعة.