ثقافةصحيفة البعث

فريد الأطرش يغني أكورديونياً.. وعبد الوهاب يراقص التانغو

حلب- غالية خوجة

ضمن منعطفات تجديدية ومتنوّعة احتفلت حلب الشهباء بيوم الموسيقا العالمي بفعاليات متنوعة، منها احتفالية “الموسيقا تجمعنا” التي أقامتها مديرية الثقافة على مسرح دار الكتب الوطنية، وجمعت بين الذاكرة البصرية والسينمائية من خلال مختارات من فيلم وثائقي سابق عن معرض الصور التراثية للفن والفنانين بعنوان “ذكريات من الزمن الجميل” تعيدنا على الأقل إلى نصف قرن مضى، ترافقت مع عزف على آلة “الأكورديون” للفنان “هاروت زامباقجيان” الذي أنطق هذه الآلة النفخية بأزرارها ومفاتيحها التي تشبه البيانو وتحتفل بميلادها 101، وتحدث عنها بنبذة زامباقجيان قائلاً: إنها تذكّرنا بمخترعها الألماني فريدريك بوشمان عام 1822 وكانت تُسمّى “هانداولين”، بينما قام بتطويرها النمساوي سيريليوسداميان عام 1929 وأضاف إليها أزراراً تُستخدم باليد اليسرى وسمّاها الأكورديون، وهي نوعان أكورديون الزر، وأكورديون البيانو، وما زالت حاضرة في العالم، لكنها أصبحت بين الغياب والحضور في حفلاتنا هنا.

تألفت الاحتفالية من عدة فقرات وظّفت السينوغرافيا وإخراجها بإضاءتها ورموزها وهي من عمل كلّ من الفنانين عمار جراح ومحمد إدلبي، كما وظّفت الشاشة كصورة فقط ليظهر فيها مطربو الزمن الجميل الذين حضروا معنا، فشاهدنا فريد الأطرش وهو يغني من خلال أكورديون زامباقجيان المبدع، والذي أنطق محمد عبد الوهاب أيضاً، فماج الجمهور المحتشد وصفق، وهو يتابع بعينيه عالماً افتراضياً جميلاً ومستعاداً، ويتابع بأذنيه وقلبه الموسيقا المتفتّحة من أنامل زامباقجيان، والمنتثرة في المكان كما الورود البيضاء والبنفسجية، وكذا فعل مع الفقرات الأخرى ومنها الرقص ورومانسية الفالس الذي قدمته فرقة كارني الأرمنية، وعنها أخبرنا مديرها فريج تيرزيان: أسّسنا الفرقة عام 2013 واستمرينا في العمل رغماً عن الحرب لنساهم في “العلاج بالرقص”، وبدأنا مع أول حفلة في دار التربية بأوبريت عن ديكران الكبير، الذي كان موجوداً قبل المسيح عليه السلام، وكان يسكّ العملة في دمشق، كما قدمنا أربعة عروض أيام القذائف الإرهابية، وشاركنا بعدة حفلات خارج سورية، منها بيروت ومهرجان جرش ومهرجان أيام الشارقة التراثية، وفي هذه الأمسية، نقدّم رقصة الفالس، ولأول مرة رقصة التانغو مع محمد عبد الوهاب.

بدوره، قال لـ “البعث” صاحب فكرة هذه الاحتفالية ومخرجها الفنان غسان دهبي: محور الفكرة يجمع جميع متذوقي الفن الجميل الذين هم من الأجيال المختلفة، والذين عاصروا واستمتعوا لمقطوعات خالدة مازلنا نردّدها.. إنها أمسية تذكير ونقل لهذا الجيل، لأن جمهور حلب ذواق لكافة أطياف الموسيقا الشرقية والغربية، ويتفاعل معها ويتقبلها ويطرب بها.

وتابع: حاولت ربط تلك المقطوعات بالصورة البصرية التي تابعناها في يوم من الأيام عبر الشاشة السينمائية من خلال الأفلام المرتبطة بالموسيقا ذاتها أو ما يلائمها من مشاهد من تلك الرومانسيات الخالدة، وبطل الاحتفالية كان العازف المبدع هاروت زامباقجيان الذي شارك أكثر الفرق المحلية من مدينة حلب في جولاتهم للكثير من مدن العالم، والذي قدم محاكاة لتلك المقطوعات بآلة الأكورديون التي مازالت تتربع مع بقية الآلات الموسيقية بين الفرق العالمية، والتي مع الأسف اندثر حضورها لدى معظم الفرق الموسيقية لدينا، أو غابت تماماً.

أمّا الهدف، فأكد دهبي: أردت التذكير بالفنان الزميل هاروت زامباقجيان وبالأكورديون وهو يغني، وستظل الموسيقا تجمعنا في حلب لأنها من أوائل المدن العالمية التي تحتفل بعيد الموسيقا الذي انطلق من باريس عاصمة الجمال منذ عام 1982 وحتى خلال الحرب القذرة التي مرّت على مدينة حلب لم نتوقف، بل واصلنا الاحتفال في هذا العيد بأنشطة مختلفة أقامتها مختلف المؤسسات الرسمية المهتمة والجمعيات والأندية.