دراساتصحيفة البعث

خطة الصفقة الخضراء

هناء شروف

قدّمت المفوضية الأوروبية خطة الصفقة الخضراء الصناعية في 1 شباط الماضي في إشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي، الرائد العالمي في العمل المناخي وتحول الطاقة، كثّف جهوده للبحث عن مزايا أكثر تنافسية وسط الاضطرابات العالمية المتزايدة والتحوّل الصناعي. تمثل الخطة، إلى حدّ كبير، استجابة الكتلة للتحديات المتزايدة للمنافسة الصناعية مع الدول الأخرى، ولاسيما للتخفيف من الآثار السلبية للسياسات الصناعية التي كشفت عنها الولايات المتحدة من جانب واحد.

ضغط الاتحاد الأوروبي بقوة من أجل العمل المناخي، والتحول الأخضر للصناعات بهدف شق طريق في النمو الفعّال والصناعات الجديدة الناشئة من خلال التحول الأخضر، وذلك لتعزيز وزيادة ميزتها الصناعية على خلفية العولمة. ووسط اضطراب كبير في إمدادات الطاقة عقب اندلاع الأزمة الأوكرانية، يزيد الاتحاد الأوروبي من اعتماده على صناعة الطاقة المتجدّدة، ومع ذلك فإن صناعة الطاقة المتجدّدة، وحتى الصناعة التحويلية بأكملها التي اعتادت أن تتباهى بميزة المحرك الأول تواجه تحديات خطيرة.

من ناحية أخرى تضرب أسعار الطاقة المرتفعة الصناعة التحويلية في الاتحاد الأوروبي منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا، لذلك عمل الاتحاد الأوروبي بسرعة على تحويل مركز إمدادات الطاقة من روسيا إلى الولايات المتحدة، والشرق الأوسط، وأفريقيا. في غضون ذلك، أدى الاضطراب في السوق الدولية إلى ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير، فقد انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الولايات المتحدة لبيعها الغاز الطبيعي لأوروبا بثلاثة إلى أربعة أضعاف السعر الذي تبيعه الولايات المتحدة لصناعتها، وقال: “إن هذا ليس ما يفترض أن يفعله أي حليف”.

على الجانب الآخر من المعادلة، وللاستيلاء على المكاسب الاقتصادية من طفرة الطاقة النظيفة، وتعزيز القدرة التنافسية للولايات المتحدة في هذا المجال، كشفت الولايات المتحدة عن برنامج دعم صناعي ضخم مثير للجدل لجذب الشركات للاستثمار، وبناء المصانع في الولايات المتحدة. ولدعم صناعاتها المحلية على حساب القوة الصناعية للبلدان الأخرى، تزوّد الولايات المتحدة منتجات الطاقة النظيفة المنتجة محلياً بميزة سعرية كبيرة، مقارنة بالمنتجات المماثلة المصنوعة في البلدان الأخرى. ومن خلال تقديم دعم غير عادل، تجبر الشركات الأجنبية إما على الاستثمار في الولايات المتحدة، أو التعرّض للتمييز في السوق الأمريكية.

اليوم، يحاول الاتحاد الأوروبي إعادة إطلاق أداة السياسة الصناعية بتدابير داعمة للصناعات الخضراء التي يمكن أن تنافس تلك المطبقة في الاقتصادات الكبرى في العالم مثل الولايات المتحدة، وذلك لتوسيع نطاق التصنيع في الاتحاد الأوروبي، والبحث والتطوير، والقدرة على الترويج لتقنيات، ومنتجات صافي الصفر. ومن خلال القيام بذلك، يأمل الاتحاد الأوروبي في أن تظلّ المزيد من الشركات الأوروبية داخل الكتلة، وأن يأتي المزيد من الاستثمار الصناعي.

تأتي خطة الصفقة الخضراء الصناعية الخاصة بالاتحاد الأوروبي استجابةً للاتجاه طويل الأجل للكتلة التي تسعى إلى مزيد من زخم النمو من التحول الأخضر. وبصفته رائداً في انتقال الطاقة منخفضة الكربون، يسعى الاتحاد الأوروبي من خلال الخطة جاهداً لتعزيز استقلاليته في الطاقة الخضراء لمواجهة تحديات أمن الطاقة، واتخاذ نهج طويل الأجل لمعالجة الآثار السلبية لارتفاع تكاليف الطاقة على التنافسية الاقتصادية. علاوة على ذلك، وباعتبارها ثاني أكبر سوق للطاقة المتجدّدة في العالم، فإن خطة الصفقة الخضراء الصناعية للاتحاد الأوروبي ستعزز الاستثمار العالمي، وعمليات النشر في الصناعات الخضراء.

تهدف خطة الصفقة الخضراء الصناعية في الأساس إلى تعزيز قدرة الاتحاد الأوروبي على التصنيع، والبحث والتطوير في المجالات ذات الصلة، لكن يتوقف تنفيذها السلس على تعاون الكتلة مع المستثمرين الصناعيين، والصناعات الأولية والتكميلية في جميع أنحاء العالم.