بعد العنقودية.. هل تزود أوكرانيا بالأسلحة النووية؟
هيفاء علي
عندما يعلن بايدن عن عزمه توريد الذخائر العنقودية الأمريكية إلى أوكرانيا، والتي سيتم سحبها من مخزون وزارة الدفاع، وكان قبل ذلك قد وردها بدبابات اليورانيوم، والمئات من الصواريخ الفائقة السرعة، والأسلحة الأخرى المختلفة، ورغم ذلك لم يبلغ النتيجة المرجوة، فذلك يعني ويؤكد من الذي اختار إشعال فتيل الحرب.
هذه القذائف عيار 155 ملم، ذخائر تقليدية محسنة ثنائية الغرض، يمكن إطلاقها بواسطة المدفعية الغربية، وقد تم اتخاذ هذا القرار، غير القانوني، لأن الولايات المتحدة وحلفائها نفذت لديها ذخيرة عيار 155 ملم أخرى. وبحسب مراقبين، فإن هذه الخطوة تتعارض مع القانون الأمريكي الذي يحظر إنتاج ، أو استخدام أو نقل الذخائر العنقودية بمعدل فشل يزيد عن 1٪، وتأتي وسط مخاوف من تأخر كييف في هجومها المضاد ضد القوات الروسية الراسخة، وتضاؤل مخزونات المدفعية التقليدية في الغرب. كما تم اتخاذ القرار بزعم ادعاءات كاذبة بأن روسيا استخدمت مثل هذه الذخيرة في أوكرانيا، والذي يأتي بعد شهور من الجدل داخل الإدارة الامريكية حول ما إذا كان سيتم توفير الذخيرة المثيرة للجدل، والتي تحظرها معظم البلدان في جميع أنحاء العالم.
تنفجر الذخائر العنقودية في الهواء فوق الهدف، وتطلق العشرات أو حتى المئات من الذخائر الصغيرة على مساحة واسعة. وقد وقعت أكثر من 120 دولة على اتفاقية تحظر استخدامها، والتي تعتبر غير إنسانية وعشوائية، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى معدل فشلها المرتفع الذي يملأ المشهد بالذخائر الصغيرة غير المنفجرة التي تعرض المدنيين للخطر.
ثمانية من أعضاء الناتو البالغ عددهم 31 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة، لم يصدقوا عليها أيضاً. إضافة الى ذلك، فإن استخدام الذخائر العنقودية من قبل الجيش الأوكراني موثق جيداً من قبل منظمة “هيومن رايتس ووتش” وغيرها، ولا يوجد دليل على أن روسيا فعلت ذلك.
حقيقة، تحظر معظم الدول الذخائر العنقودية، لأنها غالباً ما تفشل في الانفجار عند الاصطدام، وبالتالي تترك العديد من الألغام غير المنفجرة على الأرض، و في تقديره الأخير الذي تم الإعلان عنه، قبل أكثر من 20 عاماً، قدر البنتاغون أن قذيفة المدفعية هذه تمتلك معدل “اختلال” بنسبة 6٪، مما يعني أن أربعة على الأقل من الذخائر الصغيرة الـ 72 التي تحملها القذيفة ستبقى غير منفجرة في منطقة حوالي 22500 متر مربع، أي ما يعادل حجم 4 ملاعب كرة قدم تقريباً.
في العام الماضي، وجدت خدمة أبحاث الكونغرس أن معدل الخطأ الفعلي كان أعلى من ادعاءات البنتاغون، ما يعني أن هناك اختلافات كبيرة بين تقديرات معدلات الفشل، اذ يدعي بعض المصنّعين أن معدل فشل الذخائر الصغيرة يتراوح بين 2 و5٪، بينما أفاد المتخصصون في إزالة الألغام في كثير من الأحيان بمعدلات فشل بين 10 و30٪.
هناك عدد من العوامل التي تؤثر على موثوقية الذخائر الصغيرة وتشمل تقنية الإسقاط، وعمر الذخيرة الصغيرة، ودرجة حرارة الهواء، والهبوط على أرض ناعمة أو موحلة، والتعثر بالأشجار والغطاء النباتي، والذخائر الصغيرة التي تضررت بعد تناثرها أو هبوطها بطريقة لا تنطلق فيها فتائل الصدمات. ورغم ذلك، يزعم البنتاغون أن معدل إطلاق الذخيرة الذي سيوفره أقل، لكنه لم يقدم أبداً أي بيانات من التجارب يمكن أن تدعم مزاعمه.
وبالموافقة على تقديم هذه الذخيرة، يتحايل بايدن على القانون ويخالفه، لا يوجد نص مهيمن في الحد الذي فرضه الكونغرس بنسبة 1٪ على معدلات اختلال الذخيرة العنقودية، والتي تم ترسيخها في مخصصات وزارة الدفاع لمدة سبع سنوات. ووفقاً لمسؤولي البيت الأبيض، فإن بايدن سيتحايل على الكونغرس من خلال سحب الذخيرة من مخزونات الدفاع الحالية، بموجب بند نادر الاستخدام في قانون المساعدة الخارجية، والذي يخول الرئيس تقديم المساعدة، بغض النظر عن الاعتمادات أو تصدير الأسلحة طالما أنه يرى أن ذلك يصب في المصلحة الحيوية للأمن القومي للولايات المتحدة، ومن غير المرجح أن يتدخل الكونغرس أو المحاكم. وبالتالي ستجعل الذخائر العنقودية، مثلها مثل ذخائر دبابات اليورانيوم التي أرسلتها الولايات المتحدة وبريطانيا إلى أوكرانيا، أجزاء كبيرة من البلاد غير صالحة للسكن، وغير صالحة للاستعمال للأغراض الزراعية.
ومن باب التذكير، فقد تم تصنيع الذخائر العنقودية خلال الحرب الباردة للدفاع ضد هجمات المدرعات واسعة النطاق، وهي أسلحة هجوم منطقة غير دقيقة، و السؤوال مع نفاد ذخيرة الولايات المتحدة الأخرى، ما الذي ستقدمه لأوكرانيا بمجرد فشل الذخيرة في عكس مصير الجيش الأوكراني، وهل ستلجأ إلى تقديم أسلحة كيميائية أو أسلحة نووية؟.