دراساتصحيفة البعث

قنابل عنقودية مثيرة للجدل إلى كييف

عناية ناصر

لاقت الموافقة الأمريكية الأخيرة على تزويد أوكرانيا بالذخائر العنقودية المثيرة للجدل إدانة واسعة النطاق، واعتراضات صريحة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك من حلفاء واشنطن الغربيين داخل الناتو.

كانت انتقادات المحللين الصينين لقرار البيت الأبيض بإرسال الأسلحة إلى كييف التي لديها سجلات سيئة السمعة بقتل المدنيين لاذعة، وقالوا إنه يمكن أن تؤدي الذخائر غير المنفجرة للقنابل العنقودية التي تُركت بعد الضربة إلى مشاكل السلامة المستمرة أينما استُخدمت، حيث يمكن أن تعمل القنابل الفاشلة، أي قنابل لم تنفجر بعد، في الواقع مثل الألغام الأرضية.

ورأى المحللون أن الأمر لن يكون وفقاً لما توقعه بايدن، إذ لن تساعد الأسلحة الفتاكة الجديدة لأوكرانيا كييف بأي شكل من الأشكال، ولن تؤدي مثل هذه الخطوة إلا إلى تصعيد التوترات، واستفزاز روسيا، وزيادة خطر نشوب صراع نووي.

رحب وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف بالقرار الأمريكي قائلاً إنه سيساعد في تحرير الأراضي الأوكرانية. وكانت أوكرانيا قد طلبت مثل هذا الإمداد من الولايات المتحدة في وقت مبكر من شهر آذار الماضي. وفي هذا الإطار، دافع الرئيس الأمريكي بايدن عن “قراره الصعب للغاية” خلال مقابلة مع شبكة ” سي إن إن” بقوله إن الأمر استغرق بعض الوقت حتى يقتنع بالقيام بذلك، لكنه تصرف لأن ذخيرة الأوكرانيين بدأت تنفد.

تجدر الإشارة إلى أنه تم تبني اتفاقية عام 2008 التي تحظر إنتاج واستخدام وتخزين الذخائر العنقودية من قبل 123 دولة، بما في ذلك معظم الدول الأعضاء في الناتو البالغ عددها 28 دولة، إلا أن الولايات المتحدة وأوكرانيا رفضتا الانضمام إلى الاتفاقية.و عندما سُئل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عن موقفه من قرار الولايات المتحدة  قال إن المملكة المتحدة كانت واحدة من 123 دولة وقعت على اتفاقية الذخائر العنقودية التي تحظر إنتاج أو استخدام الذخائر العنقودية، ولا تشجع على استخدامها.

وفي ذات الإطار قالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلز للصحفيين إن بلادها لديها “التزام صارم” بعدم إرسال أسلحة وقنابل معينة إلى أوكرانيا. وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك، إن ألمانيا تعارض أيضاً إرسال ذخائر عنقودية إلى أوكرانيا.

ورداً على القرار الأمريكي، قال نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لا يريد أن يرى استمرار استخدام الذخائر العنقودية. وذكرت وكالة أنباء “شينخوا” أن الأمين العام يدعم اتفاقية الذخائر العنقودية التي تم تبنيها قبل 15 عاماً، ويريد أن تلتزم الدول ببنود تلك الاتفاقية.

جاءت الأصوات المعارضة لقرار بايدن أيضاً من الكونغرس، وحتى من داخل حزب بايدن نفسه، وقد خالف المشرعون الديمقراطيون الرئيسيون بايدن بشأن القرار، مجادلين بأن إرسال الأسلحة، المحظورة من قبل أكثر من 120 دولة، يتخلى عن الأرضية الأخلاقية وينتهي الأمر بقتل المدنيين بشكل عشوائي.

وقالت النائبة بيتي ماكولوم، العضو البارز في اللجنة الفرعية لمخصصات الدفاع في مجلس النواب: “إن قرار إدارة بايدن بنقل الذخائر العنقودية إلى أوكرانيا غير ضروري وخطأ فادح. إن ما ستخلفه  القنابل العنقودية هو البؤس والموت وعمليات تنظيفها المكلف لأجيال بعد استخدامها. يجب التخلص من هذه الأسلحة من مخزوناتنا  وليس إلقاؤها في أوكرانيا”.

ووفقاً لـ سونغ تشونغ بينغ، الخبير العسكري والمعلق التلفزيوني، فإن الولايات المتحدة التي اتهمت روسيا باستخدام القنابل العنقودية في بداية الصراع بارتكاب جرائم الحرب، تؤيد الآن وتشجع أوكرانيا علناً على استخدام تلك القنابل، وهو ما أظهر مرة أخرى المعايير المزدوجة للولايات المتحدة، وحذر من أن الاستخدام الطائش لمثل هذا السلاح الفتاك للغاية يمكن أن يتسبب بسهولة في دمار شامل، ويؤدي إلى إضرار عدد كبير من الناس بما في ذلك المدنيين.

وحذر محللون عسكريون أيضاً من أن مثل هذا القرار من شأنه أن يزيد من استفزاز روسيا، ويعقد الأوضاع في ساحة المعركة، وإلى أن بايدن سيدفع ثمناً باهظاً بسبب قراره الخاطئ، لأن مثل هذا القرار سيزيد من انقسام حلفاء الولايات المتحدة، ويلحق الضرر بصورة الولايات المتحدة ومصداقيتها على المسرح العالمي، بل وحتى ارتكاب جرائم حرب.