دراساتصحيفة البعث

دبلوماسية المناخ بين الصين والولايات المتحدة

هناء شروف

يقوم المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ، جون كيري، بزيارة تستغرق ثلاثة أيام إلى الصين ابتداء من يوم الأحد القادم يلتقي خلالها بمسؤولين رفيعي المستوى، بما في ذلك المبعوث الصيني الخاص للمناخ شيه تشن هوا.

تشير زيارة كيري إلى استئناف الدبلوماسية الصينية الأمريكية بشأن المناخ بعد 11 شهراً. وهنا لا يمكن المبالغة في التأكيد على أهمية التعاون بين الولايات المتحدة والصين في مكافحة تغير المناخ. لقد جعلت الأحداث المناخية القاسية في العام الماضي،  بما في ذلك الحرارة الشديدة التي تشهدها الصين منذ بداية هذا الصيف، نشعر بالتأثير المدمر للاحترار العالمي. في 10 تموز الجاري، قال علماء المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن البيانات الأولية أظهرت أن الأسبوع الذي بدأ في تموز كان الأكثر سخونة على الإطلاق،  وأنه من المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العالمية أكثر مع زيادة وضوح آثار ظاهرة “النينيو”.

قرار الصين والولايات المتحدة استئناف التعاون لمعالجة أزمة المناخ أمر جيد للحرب العالمية ضد تغير المناخ، لكن في الواقع يلتزم كلا البلدين بخفض انبعاثات الكربون كجزء من مساهمتهما في الكفاح العالمي ضد تغير المناخ. الولايات المتحدة والصين هما أكبر اقتصادين وأكبر مصدر لانبعاثات الكربون،  لكنهما أيضا ً أكبر مستثمرين في الطاقة النظيفة. على هذا النحو فإن سياساتهما لها تأثير كبير على ما إذا كان العالم سيتجنب أسوأ عواقب الاحتباس الحراري، لكن الصراعات الجيوسياسية تقيد التطور الصحي لدبلوماسية المناخ بين الصين والولايات المتحدة.

يعكس استئناف الحوار بشأن المناخ الإحساس العالي بالمسؤولية لدى الجانبين لتعزيز الدبلوماسية المناخية الثنائية، وتحسين إدارة المناخ العالمي. ومنذ وصول إدارة بايدن إلى السلطة، عقد كيري وشيه العديد من الاجتماعات، بما في ذلك محادثاتهما في شنغهاي في نيسان 2021، واجتماعهما في تيانجين في أيلول من نفس العام، مما يدل على أنهما يبذلان جهوداً أكبر لتعزيز الدبلوماسية المناخية الثنائية.

يجب أن تكون قنوات التبادلات المناخية الثنائية رفيعة المستوى مستقرة، وسلسة حتى يتسنى استمرار الحوار الثنائي بشأن المناخ. وهذه ثالث زيارة يقوم بها كيري للصين كمبعوث رئاسي خاص للولايات المتحدة بشأن المناخ، وتأتي في أعقاب زيارات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، ووزيرة الخزانة جانيت يلين. ومثل زيارات بلينكين ويلين، تهدف زيارة كيري أيضاً إلى استقرار العلاقات الصينية الأمريكية.

يكتسب حوار المناخ بين الولايات المتحدة والصين أهمية إضافية في ضوء مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين لتغير المناخ  “كوب 28” الذي سيعقد في الإمارات العربية المتحدة في تشرين الثاني القدم.

في واقع الأمر تعد زيارة كيري للصين جزءاً مهماً من عملية “إعادة المشاركة” الصينية الأمريكية الأخيرة، مما يشير إلى تحسن ظروف إجراء حوار رفيع المستوى بين بكين وواشنطن. ومن خلال إجراء حوار منتظم حول المناخ، يمكن للصين والولايات المتحدة المساعدة في تحسين إدارة المناخ العالمي.

ولكن من الضروري ألا يقتصر التعاون على الاتصالات فقط، بل يجب أن يمتد إلى قضايا أخرى مثل استئناف الحوار بشأن تقليل غاز الميثان -أعلنت الصين بالفعل في عام 2021 التزامها بالحد من انبعاثات غاز الميثان-، والتبادل الأكاديمي متعدد المستويات، والمسارات وخاصة العمل معاً لتثقيف الجمهور حول خطورة أزمة المناخ.

لا يمكن فصل التعاون الصيني الأمريكي بشأن تغير المناخ عن العلاقات الصينية الأمريكية الشاملة، فقد كانت العوامل المختلفة التي يمكن أن تؤدي إلى “التصحر” أو “التخضير” لدبلوماسية المناخ الصينية الأمريكية موجودة دائماً سواء كانت ستنشئ في نهاية المطاف “واحة” أو “تصحر” للمساحة الخضراء، وهي تعتمد على ما إذا كان الجانبان مستعدان للقاء بعضهما البعض في منتصف الطريق.

وسعياً وراء “الواحة”، يأمل الجميع أن ينخرط الجانبان في تعاون عملي مما يضيف حيوية جديدة للعلاقات الثنائية الشاملة، حيث سيكتسب التعاون المناخي بين الصين والولايات المتحدة قوة، وسيصبح أكثر ديناميكية إذا أولى المزيد والمزيد من الناس من مختلف الصناعات، وقطاعات المجتمع في البلدين أهمية أكبر للتصدي المشترك لأزمة المناخ.