قطنا: سورية تتطلّع إلى التعاون مع الدول والمنظمات لتنفيذ برامج التعافي المبكر والتنمية
روما – سانا
أوضح وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسان قطنا في كلمة خلال قمّة الأمم المتحدة للنظم الغذائية التي تنعقد في العاصمة الإيطالية روما، أهمية توسيع نطاق البحوث العلمية والتطبيقية والاستفادة من مراكز الدراسات لتجنّب الأزمات البيئية والاجتماعية والاقتصادية الحادة.
وأضاف قطنا: إن هذه القمّة تشكّل حدثاً عالمياً حظي بالزخم الكافي ليدرك العالم حجم الأخطار التي تهدّد تحقيق الأمن الغذائي واستدامة الموارد في ظلّ تنامي الطلب على الغذاء، مضيفاً: آن الأوان لتبنّي إجراءات سريعة لتحويل نظم الزراعة والغذاء نحو أنماط إنتاج واستهلاك مستدامة؛ للوصول إلى نمو اقتصادي شامل ودعم الدول التي تعاني من أزمات أو حالات طوارئ لتحسين أداء سلاسل القيمة للمنتجات الزراعية فيها.
وأشار قطنا إلى أن سورية وبعد التحدّيات التي واجهتها بسبب الإرهاب والحصار تتطلّع إلى التعاون مع الدول التي تؤمن وتعمل بالفعل من أجل حقوق الإنسان وأمنه ومع المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية لتنفيذ برنامج التعافي المبكر والتنمية في سورية، الذي يشكّل حجر الزاوية لنجاح أي جهد يبذل لبلوغ أهداف التنمية المستدامة ولا سيّما أنها وضعت استراتيجية محدثة للزراعة 2021-2030.
ولفت قطنا إلى أن سورية تعمل لوضع نهج شامل ومنسق لتحويل نظم الزراعة والغذاء إلى نظم أكثر كفاءة وشمولية ومرونة واستدامة وقدرة على الاستمرار بالتعاون مع مكتب منظمة الفاو في دمشق من أجل بناء استراتيجية متكاملة لتحويل نظم الزراعة والغذاء في سورية.
وخلال مشاركته ضمن فعاليات القمة في جلسة خاصة حول مواجهة النظم الغذائية في البيئات الهشة وتغيّر المناخ وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية، أكّد الوزير قطنا في مداخلة، ضرورة تحديد الفرص وتوحيد الجهود العربية والعمل العربي المشترك نحو تحول النظم الغذائية في البيئات الهشة وضرورة زيادة الاستثمارات وتوفير التمويل لمثل هذه المشاريع في الدول التي تعاني من أزمات ومنها سورية، لافتاً إلى دور الجامعة العربية ومنظمات العمل العربي المشترك في هذا الشأن وأهمية التعاون العربي-العربي في هذا المجال.
والتقى الوزير قطنا على هامش أعمال القمة المدير الإقليمي للصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) دينا صالح، وبحث معها أوجه التعاون في مجال تطوير الثروة الحيوانية وتنفيذ مشاريع تنمية جديدة في سورية، مؤكداً ضرورة تطوير عمل مشروع تطوير الثروة الحيوانية الذي يتم تنفيذه في سورية بالتعاون مع الصندوق وإعادة توجيه موارد الصندوق المالية بحيث يكون 85 بالمئة من ميزانية المشروع نحو دعم توفير التجهيزات والمعدات والآلات الزراعية مقابل 15 بالمئة لمكوّن التدريب.
وأكّد قطنا أهمية إنجاز مشروع الترقيم الإلكتروني للثروة الحيوانية مع البرنامج الإلكتروني وقواعد البيانات والقوارئ الإلكترونية اللازمة لذلك وتوفير التمويل اللازم له لتنظيم قطاع الثروة الحيوانية وضبط متطلباته بشكل دقيق.
من جانبها استعرضت المديرة الإقليمية الصعوبات التي يعاني منها الصندوق في توفير التمويل اللازم لتنفيذ تدخلات أوسع في سورية، مشيرةً إلى أنه سيستمر في السعي لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ هذه المشاريع المهمة التي تمثل أولويات وطنية لسورية وفي الوقت نفسه تتماشى مع مبادئ العمل في الصندوق، ومبيّنة أن الصندوق تقدّم بمقترحات لبعض المانحين ولا يزال بانتظار الردود منهم.
وفي هذا الخصوص بيّن الوزير قطنا ضرورة لحظ مشاريع حصاد مياه الأمطار وإقامة البحيرات الجبلية في المنطقة الساحلية وإمكانية المساهمة في مبادرة المملكة العربية السعودية لزراعة ملايين الأشجار لتحسين الغطاء الأخضر ومواجهة تغيّر المناخ، إضافة إلى قدرة سورية على إنتاج بذار القمح المغربل والمعقم من الأصناف المحسّنة في البحوث الزراعية العالية الإنتاجية والمتحمّلة للجفاف، وبالتالي إتاحة البذار للتصدير للدول العربية بأسعار وجودة تنافسية لتعزيز حالة الأمن الغذائي العربي.
وفي ختام اللقاء وجّه الوزير قطنا دعوة للمدير الإقليمي للصندوق لزيارة دمشق وبحث آفاق التعاون في المجالات الزراعية بشكل معمّق والعمل على تنفيذ المقترحات التي تم طرحها.
حضر اللقاء مندوب سورية الدائم لدى وكالات الأمم المتحدة السفير أيمن رعد ومعاون وزير الزراعة الدكتور فايز المقداد.
وعلى هامش أعمال القمّة أيضاً، التقى وزير الزراعة، كلاً من وزير الزراعة والبيئة والمياه في المملكة العربية السعودية المهندس عبد الرحمن الفضلي، ووزير الزراعة اللبناني الدكتور عباس الحاج حسن.
واستعرض الوزير قطنا خلال لقائه وزير الزراعة السعودي الصعوبات والتحدّيات التي يعاني منها القطاع الزراعي في سورية، نتيجة الإجراءات القسرية الأحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، مؤكّداً أهمية تعزيز التجارة البينية ووصول المنتجات الزراعية السورية إلى الأسواق السعودية بشكل مباشر.
وأشار الوزير قطنا إلى الصعوبات التي تواجه الشاحنات السورية، المتوجّهة إلى السعودية بسبب عدم تسجيل سورية على قائمة الدول المصدّرة للسعودية في نظام الحجر الصحي النباتي السعودي، وضرورة إيجاد حلول وتفاهمات مشتركة لذلك، لافتاً إلى أن الاتفاق الرباعي الموقّع بين سورية ودول الجوار (الأردن والعراق ولبنان)، لتعزيز التعاون التجاري وُضع لتحقيق الأمن الغذائي في هذه الدول الأربع.
ودعا الوزير قطنا، المملكة العربية السعودية إلى الانضمام لهذا الاتفاق لما فيه من مصالح عربية مشتركة في مجال تبادل المنتجات الزراعية ومدخلات الإنتاج الزراعي، مشيراً إلى ضرورة مراجعة اتفاقيات التعاون في المجال الزراعي، التي كانت موقّعة وقائمة بين سورية والسعودية وتحديثها وإعادة تفعيلها واتخاذ خطوات عملية نحو تنفيذ برامجها.
وأشاد الوزير قطنا بمبادرة الأمير محمد بن سلمان لزراعة مليار شجرة في سبيل زيادة المساحات الخضراء، ومواجهة تغيّر المناخ وتخفيض انبعاثات الكربون، مبيّناً في هذا المجال استعداد سورية لتوفير جزء من الغراس اللازمة وإنتاجها حسب المواصفات المطلوبة لتكون قابلة للتصدير للسعودية.
من جانبه، أعرب وزير الزراعة السعودي عن سعادة بلاده باستئناف مشاركة سورية باجتماعات جامعة الدول العربية، مشيراً إلى تاريخ سورية واحتضانها للحضارة الإسلامية لأنها عاصمة الدولة الأموية، ومؤكّداً متانة العلاقات السورية السعودية رسمياً وعلى المستوى الشعبي.
ورحّب الوزير الفضلي بفكرة إعادة تفعيل مذكّرات التفاهم بعد عقد اجتماعات افتراضية بين الفنيين في الوزارتين، لإيجاد الصيغ المناسبة والبرامج التنفيذية لها، لافتاً إلى ضرورة تعزيز التجارة البينية في السلع الزراعية.
وبيّن وزير الزراعة السعودي ضرورة مراجعة الأجندة التنفيذية للاتفاق الرباعي المنعقد في دمشق مع دول الجوار، ودراسة إمكانية الانضمام إلى هذا الاتفاق وما إذا كان من الممكن توسيعه، لافتاً إلى أهمية العمل العربي المشترك وضرورة الاستفادة من الخبرات والإمكانات لتحقيق الأمن الغذائي من خلال تحسين واستنباط الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية.
وفي ختام اللقاء وجّه وزير الزراعة السوري الدعوة إلى وزير الزراعة السعودي لزيارة دمشق وبحث آفاق التعاون في المجالات الزراعية بشكل معمّق، ورحّب الوزير السعودي بالدعوة، وأبدى استعداده لتنفيذها في الوقت المناسب.
وفي لقاء آخر على هامش أعمال القمّة، أكّد الوزير قطنا، لوزير الزراعة اللبناني الدكتور عباس الحاج حسن ضرورة تذليل العقبات، والإسراع في بناء الأجندة التنفيذية للاتفاق الرباعي الموقّع في دمشق، والتوسّع بهذا الاتفاق، وضمّ دول عربية شقيقة جديدة إليه عند اكتمال أجندته التنفيذية، بما يفضي إلى تحويله من اتفاق رباعي إلى (اتفاقية عربية-عربية) تضمّ أكبر عدد ممكن من الأشقاء العرب.
ونوّه الوزير قطنا بأهمية تعزيز التبادل التجاري وتقديم التسهيلات اللازمة من الجانبين للبضائع الزراعية الواردة من سورية ولبنان، مشيراً إلى ضرورة تفعيل ما تنصّ عليه الاتفاقيات بين البلدين، لتنظيم انتقال الأشخاص والبضائع والشاحنات بين البلدين، وعَقد اجتماع بحضور الوزراء المعنيين في الجانبين لحل وتجاوز المسائل العالقة خدمةً لمصلحة الشعبين.
من جانبه، أكّد وزير الزراعة اللبناني عمق العلاقات السورية اللبنانية، مبيّناً أن لبنان يعدّ سورية بمنزلة الرئة التي يتنفس من خلالها، مشيداً بالإيجابية الكبيرة في التعاطي مع المسائل التي تم طرحها، والسعي لإيجاد حلول مباشرة لها من الجانب السوري.
ورحّب الوزير الحاج حسن بعقد اجتماع وزاري بحضور كل المعنيين لحلّ أي مسائل عالقة بين البلدين في مجال تسهيل التبادل التجاري، وخاصةً في المنتجات والسلع الزراعية، وأهمية الإسراع في بناء برنامج تنفيذي للاتفاق الرباعي وإيجاد الإمكانيات المناسبة لتوسيعه ليشمل الأشقاء العرب.
يُشار إلى أن سورية تشارك في أعمال قمّة الأمم المتحدة للنظم الغذائية التي تنعقد في العاصمة الإيطالية روما خلال الفترة من الـ24 إلى الـ26 من تموز الجاري، إلى جانب أكثر من 2000 مشارك من 170 دولة، وتميّزت هذه القمّة بحضور 22 رئيس دولة وحكومة، إضافةً إلى أكثر من 100 من وزراء الزراعة حول العالم.
ويتضمّن الوفد السوري المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى وكالات الأمم المتحدة في روما، ومعاون وزير الزراعة، والمستشار في البعثة السورية إبراهيم الناصر.