الانقراض الجيولوجي.. تناقص كبير في الكائنات الحية.. والصيد الجائر يهدد الحياة البرية
دمشق – حياة عيسى
ظاهرة الانقراض ليست حديثة العهد بل تعود لآلاف السنوات بل لملاين السنوات ويرجع قدمها لعمر الأرض، فخلال تلك السنوات تعرض الغلاف الحيوي المتضمن (الغلاف الجوي والمائي و الغلاف الأرضي) للكثير من الانقراضات كان بعضها شديد التأثير وذات طابع كارثي، تمثلت بـخمس حوادث انقراض هائلة بالعالم كانت تتناول الكائنات الحية (النباتية و الحيوانات).
انقراضات الأزمنة الجيولوجية
رئيس قسم الجغرافية في جامعة دمشق الدكتور ناظم عيسى بين في حديث لـ” البعث” أن أول حدث انقراضي كان في الزمن الجيولوجي الأول ” الهاروفيش” أدى إلى تناقص عدد هائل من الكائنات بمقدار “12” مرة من ما وهو موجود على غلاف الأرض، في حين كان الثاني بالزمن الجيولوجي الأول في عصر “الديفون” منذ حوالي 240 مليون سنة تقريباً وأدى إلى تناقص الكائنات الحية بمعدل “52” مرة من ما هو عليه وكانت أشد تأثيراً من الأولى بشكل كبير، حيث ساهم بانقراض “80%” من إجمالي الكائنات الحية، وخاصة الكائنات الحية البحرية وسببت تلك الكارثة هلاكاً هائلاً للكائنات الحية ولذلك أطلق عليها العلماء “أم الكوارث” للانقراضات الجماعية، أما الانقراض الرابع فقد حصل في الزمن الجيولوجي الثاني وتحديداً في الزمن الجيولوجي “الترياسي” وقد أدى إلى تناقص عدد الكائنات الحية بمعدل “12” مرة أما الكارثة الخامسة و الأخيرة والمشهورة هي ” التيلك” والتي حدثت في الزمن الجيولوجي الثاني منذ حوالي “65” مليون سنة وهي التي مهدت لانقراض الكثير من الزواحف والديناصورات والحيوانات العملاقة وكان من شأنها أن تهيئ لظهور القردة بالزمن الجيولوجي الثالث وكذلك ظهور الإنسان بالزمن الجيولوجي الرابع حيث يمكن تقدير عمر الإنسان بحوالي 2,5 مليون سنة على سطح الأرض، إنما ظهور الأرض فهو قديم جداً يعود إلى 4,5 مليار سنة.
ظهور الإنسان وأثاره
وتابع عيسى أن ظهور الإنسان على سطح الأرض أثر بشكل كبير على الكائنات الحية تأثيراً سلبياً نتيجة أنشطته الغير منظمة و العشوائية، ولكن لا يمكن إنكار التأثير الايجابي للوجود البشري، ولكن التأثير السلبي أكبر منه بكثير، نتيجة المساعدة بالاحتباس الحراري، تلوث مصادر المياه، تلوث التربة، استخدام المبيدات بشكل مفرط كل تلك الأمور أدت إلى غياب الكثير من الكائنات الحية، ولكن تلك الكائنات أصبحت مهددة بالانقراض وأكبر مثال على ذلك البادية السورية التي تتميز بغطائها النباتي الطبيعي و الحيوانات البرية المتنوعة، وهنا يمكن القول حسب –عيسى- أن الغطاء النباتي الطبيعي متوقف على شروط الأحوال المناخية السائدة، كالأمطار الجيدة في المنطقة الذي يساعد في تنمية الغطاء النباتي، لاسيما بوجود “300” نوعاً نباتياً كاملاً ففي حال كانت الأمطار جيدة تنبت تلك الأنواع من النباتات وتعطي أنواع كثيرة منها، أما بالنسبة للحيوانات فهي مهددة بالانقراض نتيجة الصيد الجائر، علماً أن هناك العديد من القوانين فيما يخص الصيد و التدخين ولكن لا تطبق على أرض الواقع، لذلك يمكن القول أن الحيوانات البرية مهددة بالانقراض والمثال على ذلك طائر ” أبو منجل” حيث صدر طابع بتسميته كونه أنقرض من البيئة السوري وهناك أمثلة كثيرة كالغزلان والمها وغيرها من الحيوانات البرية.
تنبه حكومي
وأشار رئيس قسم الجغرافية في حديثه إلى تنبه الحكومة إلى الموضوع الكارثي مما جعلها تتحرك بشكل سريع لاتخاذ قرارات مجدية من خلال إقامة محميات طبيعية منتشرة على كافة مساحة الأراضي السورية وكانت هناك محمية مثالية في مدينة تدمر هي محمية “التليلي” لإعادة الكائنات الحية البرية كالغزلان و المها ولكن بسنوات الأزمة قد أطيح بها وتم القضاء عليها بشكل كامل، ولكن الآن هناك محاولات جادة لإعادة المحمية إلى ما كانت عليه، وكذلك هناك المحميات المائية كمحمية ” أم الطيور” في اللاذقية ومحافظات أخرى في المحافظات السورية، كالسويداء والقنيطرة و درعا وغيرها من المحافظات، للحفاظ على التنوع الحيوي في سورية، متابعاً أن الحيوانات البرية وخاصة الغزلان هي أكثر الحيوانات التي فقدت من البيئة السورية ( كالدب السوري، الضبع السوري، الحمار السوري)، أما بالنسبة لأغنام العواس فهي من الحيوانات التي تربى ومعروفة بجودتها العالمية ومرغوبة بدول الخليج وتناقص عددها بشكل كبير جداً لاسيما بعد تراجع الغطاء النباتي في البادية السورية فكان سورية تملك حوالي 16 مليون رأس لكن الظروف المناخية و البيئية أدى إلى تراجع أعدادها بشكل كبير في البادية.
المكافحات الحيوية “بديلاً”
أما بالنسبة للخطوات التي يجب اتخاذها للحفاظ على البيئة فقد نوه عيسى إلى وجود الكثير من الأمور نتيجة الاختلال البيئي نتيجة القضاء على الكائنات الحية الذي أدى إلى حدوث خلل في البيئة لذلك أي كائن حي مهما صغر حجمه له دور فعال في البيئة و الطبيعة، ويجب الانتباه له، مع التأكيد أن استخدام المبيدات الحشرية بشكل كبير نستطيع من خلاله الحصول على محصول زراعي جيد ولكن بالمقابل يتم القضاء على النحل وهنا يجب إتباع المكافحة الحيوية بدل المكافحة بالمبيدات الحشرية لاسيما أن المكافحة الحيوية ناجحة جداً وقد طبقت بالساحل السوري لمكافحة الأمراض التي تصيب الحمضيات، علماً أن الاستخدام الجائر للمبيدات الحشرية من شأنه نشر الكثير من الأمراض وهذا ما يتم مشاهدته في محافظة طرطوس والسويداء وزيادة نسبة الهرمونات في البيوت البلاستيكية، التي تزيد من انتشار الأمراض السرطانية بشكل كبير.