لا نعوّل كثيراً!
حسن النابلسي
في وقت يلتزم المصرف المركزي الصمت حيال ما يجري لسعر الصرف، وتلتزم الحكومة السكون تجاه تحسين الوضع المعيشي الذي وصل إلى دركه الأسفل، سنحاول الوقوف على أسباب ما أوصلنا إلى ما نحن عليه، وتشخيص مواطن الخلل في السياسة النقدية!
لنتفق أولاً أن مصادر تمويل المركزي من القطع تتمثل بالتصدير والحوالات فقط، وإذا ما علمنا أن حجم الأولى بلغ حوالى 700 مليون دولار في عام 2022، حسب بعض الإحصائيات والتقديرات، والثانية تقدر بحوالى 2 مليار دولار، فإن كتلة القطع الواردة سنوياً خجولة، ولا تفي بتمويل قيمة المستوردات البالغة حوالى 4 مليار دولار في عام 2022.. لذلك كان التمويل عن طريق المنصة – رغم سلبياته المتمثلة بمنح إجازات استيراد بقيمة تفوق المبالغ التي تستطيع شركات الصرافة تلبيتها – أهم أداة لاستقطاب كتلة نقدية هائلة كانت تشكل ضغطاً كبيراً على دولار السوق السوداء، وبالتالي من المستفيد من إلغاء المنصة؟ وهل ستنخفض الأسعار, أم أنه كلام حق أُريد به باطل لصالح جيوب التجار بعد تحررهم من سيطرة المركزي على حركة كتلهم النقدية؟
ثانياً.. أين مصير الكتلة النقدية التي تم صرفها ثمنا للأقماح المسوقة والبالغة أكثر من 2200 مليار ليرة، وذلك على اعتبار أن كمية الأقماح المسوقة بلغت 760 ألف طن، وفقاً لتصريح وزير الزراعة مؤخراً. وعلى اعتبار أن سعر القمح 3 آلاف ليرة، وبالتالي فإن ناتج ضرب الرقمين يفوق الـ 2200 مليار.. فهل تم إيداعها في القنوات المصرفية، أم توظيفها في مشاريع استثمارية، أم ادخارها في العقار والذهب، أم تم وجهت إلى السوق السوداء وشكلت ضغطاً بالطلب على الدولار؟!
ثالثاً.. وإذا ما عُدنا للوراء قليلاً وتساءلنا عما آلت إليه إيداعات السوريين في المصارف اللبنانية والتي تناهز الـ 40 مليار دولار، ستثار عديد التساؤلات حول عدم ثقة هؤلاء المودعين من تجار وفنانين وغيرهم بالمصارف السورية، وثقتهم الزائفة بنظيراتها اللبنانية؟!
مما سبق نستخلص أن غياب التنسيق قد يكون من أهم أسباب التخبط والعشوائيات الحاصلة بالمشهد الاقتصادي وانعكاس ذلك بالضروة على السياسة النقدية، لتأتي الجلسة الاستثنائية لمجلس الشعب بحضور الحكومة ورئيسها لتعترف – بشكل أو بآخر – بذلك، بدليل أنه تمخض عنها تشكيل لجنة مشتركة تضم عدداً من أعضاء مجلس الشعب واللجنة الاقتصادية، مهمتها إعداد حزمة متكاملة من المقترحات العملية والفاعلة للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي والمالي والنقدي، وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وتحسين الأوضاع المعيشية للعاملين في الدولة، على أن تقدم هذه اللجنة مقترحاتها لمناقشتها وإقرارها.. مع الإشارة أخيراً إلى أن التعويل على مخرجات هذه اللجنة ليس بالكبير!
Hasanla@yahoo.com