صناعة الكذب وتضليل المتابع العربي
د. معن منيف سليمان
يجد المتتبع لحالة الإعلام الغربي بما يتعلّق بالقضية الفلسطينية والصراع العربي – الإسرائيلي أن هناك حالة من الفوضى ونشر أكاذيب يقوم بها الإعلام المضلّل عبر تصريحات مفبركة تستهدف الرأي العام الدولي، وخداع المتلقّي وخاصّة في المنطقة العربية، تشمل غسيل الأدمغة للشعوب العربية، وقلب الحقائق وتغيير القناعات وضرب القيم الوطنية، ومهاجمة الثورة والكفاح الفلسطيني.
إن صناعة الكذب والتضليل الإعلامي له عدّة أشكال منها قلب الحقائق، أو التضليل بالمعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث، ويمارس الإعلام الغربي دوراً خطيراً في حياة الأمم، ليس في نقل الأخبار والأحداث فقط، وإنما في صياغة وتحديد توجهات الرأي العام بما يخدم توطيد الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية.
ومن هنا يصبح التضليل الإعلامي الذي يمارسه الإعلام الغربي حالياً بمثابة حرب نفسية تمارس بحق المتلقي لأحداث تترك أكبر قدر من التأثير السلبي. والتضليل الإعلامي له عدة صورة، منها قلب الحقائق، أو التضليل بالمعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث، أو باستخدام مفردات معينة تؤدّي إلى إصدار أحكام بالإدانة، أو بالانتقائية المتحيزة التي تنتقي بعض الكلمات والحقائق والمصادر وتهمل الأخرى.
وما تزال كلمات “جوزيف غوبلز” وزير الإعلام والدعاية السياسية في النظام الألماني النازي، والعقل المدُبر للزعيم النازي “هتلر” محفورةً في الأذهان إلى يومنا هذا، إذ أدركَ غوبلز أنَّ الإعلام والبروباغندا السياسية القائمة على التضليل والكذب والخداع هي الوسيلة القادرة على السيطرة على الجموع، وتمرير المخطّطات وتصوير أنَّ هتلر هو المُنقذ الوحيد، وفعلاً نجحَ غوبلز وهتلر في تعبئة ألمانيا لدخول الحرب العالمية الثانية.
“اكذب، ثم اكذب، ثم اكذب، حتى يصدقك الناس”، هذه القاعدة المنسوبة لمهندس الدعاية النازية غوبلز، هي جوهر الدعاية للمشروع الصهيوني، الذي قام على مجموعة من الأكاذيب التي تم ترويجها وتجييش كل الوسائل لغرسها في وجدان العالم بأسره، فيتراكم تداولها لتتحوّل إلى حقيقة لا تُنكر.
ويمكن إيجاز تلك الوقائع التي يمارسها الإعلام الغربي لصناعة التضليل الإعلامي، وصناعة الكذب في الدور الذي يقوم به الإعلام الغربي التي تعكس طبيعة التناقض بالمواقف الدولية، وما يتم استخدامه من مصطلحات لقلب الحقائق، وتوزيع صكوك غفران للمسؤولين الإسرائيليين للتغطية على انتهاكاتهم وجرائمهم، وتلك المجازر التي يتم ارتكابها بحق الشعب الفلسطيني، بالرغم من معرفة الأمم المتحدة وتوثيقها لذلك، لكن لم يتحرّك هذا العالم الصامت ولم يفعل أي شيء.
إن صناعة الكذب والفبركة الإعلامية التي يقوم بها كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية ليست إلا للتغطية على انتهاكات وجرائم الكيان الصهيوني، وهي بالضرورة تكون المسؤولة عن تشجيع الاحتلال الإسرائيلي على مواصلة ارتكاب الجرائم وهدم المنازل والاعتداءات المتكررة ضدّ الشعب الفلسطيني، حيث تأتي هذه الجرائم في ظلّ تشجيع الإدارة الأمريكية على ارتكاب المزيد من أعمال النهب والسرقة، وتشجع الاحتلال على مواصلة انتهاكات للقانون الدولي ولاتفاقيات لاهاي وجنيف ولقرارات الأمم المتحدة ولاتفاقيات السلام، والمتمثلة بهدم البيوت والمنشآت التجارية والصناعية والزراعية والبنى التحتية في فلسطين المحتلة، وخاصة في مدينة القدس، بهدف تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي والسياسي فيها وفصل القدس عن محيطها الفلسطيني.