تحقيقاتصحيفة البعث

خسائر بالملايين لمربي الدواجن في طرطوس.. و”الأعلاف” تلتزم الصمت!

طرطوس- دارين حسن

بعد الارتفاع الكبير في أسعار بيض المائدة ولحم الفروج غابت هاتان المادتان عن موائد أغلب الأسر، والإنتاج تراجع بشكل كبير بسبب عزوف الكثير من المربين عن التربية نتيجة الخسائر المتلاحقة في ظلّ غلاء الأعلاف والأدوية، وصعوبة الحصول على المحروقات وغيرها من صعوبات، ليصبح المربون تحت رحمة السوق السوداء والتّجار الذين يتلاعبون بالسوق ويفرضون السعر الذي يريدونه وسط غياب الجهات الرسمية المعنية بضبط المهنة وتنظيمها بل وتدخلها الإيجابي لصالح المواطن والمربي معاً!.

ارتفاع جنوني
مربو الدواجن أعربوا عن استيائهم من هذه الحال والوضع الذي آلت إليه التربية من تقهقر كما باتوا خائفين من زوالها إن لم يتمّ دعمها بشكل حقيقي.
في هذا الإطار، تحدث تاجر الدواجن وعضو غرفة الزراعة “سابقاً” سمير محفوض، وهو المربي منذ ما يقارب الـ٣٢ عاماً، عن صعوبات التربية المتمثلة بارتفاع أسعار العلف بشكل جنوني، حيث وصل سعر الطن إلى ٩ ملايين ليرة بعد أن كان منذ شهر ٦ ملايين ليرة، مشيراً إلى أن المربي ومنذ ستة أشهر لم يحصل على مخصّصاته من المقنن العلفي من المؤسسة العامة للأعلاف، متسائلاً: لماذا يزداد سعر الطن لدينا عن دول الجوار، علماً أن المصدر واحد؟.
وأشار محفوض إلى أن القرض الذي يحصل عليه المربي لشراء الصوص يحتاج إلى أربعة كفلاء، وهذا ما يُصعّب تأمينهم كونهم جميعاً بذمتهم قروض، مطالباً الجهات المعنية أن تكفل القطاع الخاص لأن إشارتها أقوى من أي إشارة وهي قادرة على تحصيل حقها، كأن تقوم برهن المنشأة للمربي وهو راضٍ، مضيفا: نرى الخسائر يومياً أمام أعيننا ونستمر حفاظاً على المهنة وعلى ما أسسناه وبنيناه.

مستلزمات بالدين!
بدوره أوضح المربي نبيل علوش الذي لديه خبرة 23 عاماً بتربية الفروج أن التكلفة الحقيقية لكغ الفروج ٢١ ألف ليرة إثر غلاء مستلزمات التربية، فالمربي يؤمنها بالدين لكن الممولين لـ”الصيصان والعلف” امتنعوا مؤخراً عن بيع المربي بالدين، وهذا ما أربك المربين.

غياب الدعم الحكومي
وبيّن علوش أن تربية الألف صوص تحتاج لـ٤ أطنان علف بسعر ٣٦ مليون ليرة، وفي حال اضطر المربي للدين فستكون التكلفة أكثر، مشيراً إلى أن سعر الصوص يصل إلى ألفي ليرة وأكثر، كما وصل سعر كيس نشارة الخشب إلى خمسين ألف ليرة سعة ١٥ كيلو، عدا عن أسعار الأدوية الكاوية إذ يحتاج الصوص إلى ١٥٠٠ ليرة ثمن دواء بالحدّ الأدنى بدورة التربية، علماً أن المربي يؤمّن جميع المستلزمات من القطاع الخاص في ظل غياب الدعم الحكومي الذي نسمع به ولا نلمس له أثراً على أرض الواقع، حسب المربي.

فوضى واستغلال!
ولدى الحديث عن التسويق، سارع علوش بالقول: هنا الطامة الكبرى، إذ لا يوجد سعر ثابت، فالكل يسعّر على مزاجه، ولا يوجد ضابط للمهنة، كما يوجد استغلال كبير للمربين الذين يبيعون إنتاجهم اليوم ويقبضون في اليوم الثاني، فمن يأخذ العلف من الدولة يبيعه للمربي بسعر السوق السوداء! لافتاً إلى أن خسائر المربي بالملايين والكثير منهم يعرض مزرعته للبيع، عدا عن أن المصرف الزراعي يمنح قرضاً قصير الأجل وبعد ستة أشهر على المربي دفعه كاملاً مع الفوائد، فإن خسر المربي لن يستطيع التسديد، مطالباً بزيادة مدة تسديد القرض بسنة على الأقل.
وتقاطعت مطالب المربين التي أكدت على سرعة وضرورة دعم القطاع وتأمين مستلزمات التربية، وتحديداً العلف وضبط سعره وضبط السوق أيضاً بتحديد الكلفة وجهد المربي وتنظيم المصلحة.

ليس بأمان
واعترف رئيس اتحاد فلاحي طرطوس فؤاد علوش بالواقع الصعب لقطاع الدواجن والمعاناة والخسائر الكبيرة التي يتكبّدها المربون، مشيراً إلى أن نسبة التربية لا تتعدى الـ30% بعد أن عزف الكثيرون عن التربية بسبب غلاء مستلزمات الإنتاج، وتحديداً الأعلاف من ذرة وصويا وعدم تناسب السعر مع تكاليف الإنتاج الحقيقية، ولاسيما أنه في كل يوم متغيّر جديد وسعر جديد أيضاً صعوداً، وبالتالي فإن المربي ليس بأمان ودربه مجهول نتيجة تذبذب الأسعار.
وعزا علوش ارتفاع أسعار اللحم والبيض في السوق المحلية إلى عدم توفر إنتاج وتراجع التربية بشكل كبير، مشيراً إلى أن الخسائر طالت المربين وكذلك المعتمدين الذين تجاوزت خسائرهم مليارات الليرات.

غير ممكن
ورداً على سؤال حول أهمية زراعة المحاصيل العلفية بالمحافظة وصعوبات ذلك، أكد رئيس الاتحاد عدم توفر أراضي سليخ كافية في المحافظة لزراعة الذرة الصفراء والشعير، كونها تزرع بالبطاطا والقمح، وهما محصولان مهمّان لسدّ احتياجات السوق المحلية.
وباسم المربين طالب علوش بتوحيد الأسعار وتأمين المادة العلفية بأسعار مناسبة ومدعومة والسيطرة على أسعار السوق ووضع تسعيرة تتناسب مع تكلفة الإنتاج.

القرار مركزي
مدير مؤسّسة الأعلاف بطرطوس هادي يوسف اكتفى بالإشارة إلى أن توزيع الأعلاف يتمّ بقرار من مجلس إدارة المؤسّسة العامة للأعلاف، والفرع ينفذ، وحالياً لا تتوفر الأعلاف، دون أن يحدّد وقتاً معيناً يمكن من خلاله طمأنة المربين!!.

أسعار لاهبة
سجّل سعر كيلو الفروج الحيّ 19 ألف ليرة، وكيلو السفن ٣٢،٤٠٠ ليرة، وكيلو “الفخاد” ٢٧ ألفاً، والظهر ٨١٠٠ ليرة، والجوانح ١٨٢٠٠ ليرة، وسجل سعر كيلو القوانص ١١٨٨٠ ليرة، في حين وصل سعر السودة إلى ٣٣٥٠٠ ليرة والشيش ٣٨ ألف ليرة، وقارب سعر طبق البيض الـ٣٤ ألف ليرة للبيضة المتوسطة الحجم.