رأيصحيفة البعث

قطع المياه عن الحسكة جريمة حرب

علي اليوسف   

 

هذه ليست المرة الأولى التي تقطع فيها الفصائل الإرهابية المدعومة من النظام التركي المياه عن محافظة الحسكة لتعطيش، وتهديد حياة مليون سوري في ظل ظروف مأساوية يعيشونها مع شح المياه وارتفاع درجات الحرارة، إذ منذ ما يسمى عملية “نبع السلام” التركية واحتلال مدينة رأس العين، تتكرر عمليات قطع المياه لأيام وأسابيع بشكل دوري كورقة ضغط وابتزاز تمارسها السليلة العثمانية على أهلنا هناك بطريقة لا إنسانية، ولا أخلاقية.

وليس النظام التركي وحده المسؤول عن هذه المعاناة، بل هناك المحتل الأمريكي في المقلب الآخر من الأزمة، أي أن المأساة مزدوجة الأدوات، فالنظام التركي يريد  تحقيق مكاسب وتنازلات عبر استخدام المياه كورقة ابتزاز تلوح بها القوات التركية بحق أهالي مدينة الحسكة وريفها الذين وقعوا بين فكي القوات التركية والجماعات الإرهابية الموالية لها، وميليشيا “قسد” الانفصالية الموالية للقوات الأمريكية التي تجر المنطقة إلى مستقبل مجهول.

وبالفعل، كانت الطريقة رخيصة جداً، فقد تم تخفيض منسوب المياه في نهر الفرات من قبل النظام التركي، وبالتالي توقف محطة مبروكة عن توليد الكهرباء، الأمر الذي دفَع الفصائل الإرهابية إلى التعدّي على خطّ الكهرباء الواصل إلى محطّة علوك، وهي تعديات تسبّبت في انخفاض الوارد المائي من علوك، وتالياً في انقطاع المياه عن أحياء الحسكة.

هذه التعديات، دفعت ميليشيا “قسد” العميلة إلى اتخاذ خطوة مضادّة بقطع الكهرباء كليّاً عن محطة علوك، ما أدّى إلى توقّفها عن العمل وذلك استجابة للنصائح الأميركية التي تريد الضغط على الجانب التركي لتحسين صورتها في المنطقة في ظلّ تنامي الاستياء الشعبي ضدّها، وسحب الملفّ من روسيا وإدارته بنفسها لتحقيق مكاسب سياسية، ولا سيما أن الجهود الأميركية ضعيفة وغير مؤثّرة وسط غياب النفوذ الأميركي في المنطقة الممتدّة من تل تمر وصولاً إلى عين عيسى.

إذن، الصراع هو تجاذب سياسي وعسكري بين القوات التركية وأدواتها، والجيش الأمريكي وأدواته، بينما يعيش أهلنا في الحسكة كارثة إنسانية حقيقية وسط صمت وتخاذل المجتمع الدولي الذي يقف متفرجاً، ووحدها المطالب الحكومية والشعبية ترتفع بشكل أكبر للمنظمات الدولية والإنسانية لتحييد محطة علوك وإبعاد الملفات الإنسانية عن التجاذيات السياسية، لكن أين هي أصحاب الأصوات في منظومة الأمم المتحدة، وخاصةً مكتب تنسيق المساعدات الإنسانية؟ ولماذا لا تكون على مستوى المسؤولية وتثبت احترامها لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي؟

هي أسئلة كثيرة يعرف السوريون عموماً وسكان الحسكة خصوصاً الإجابات عليها بأن قطع المياه عن المدنيين هي جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي بما في ذلك اتفاقيات جنيف المتعلقة بوضع المدنيين زمن الحرب.

صحيح أن الدولة السورية تبذل كل ما في وسعها في مواجهة هذه الكارثة، إلا أنّ الحاجات تتجاوز كل التوقعات والإمكانيات، فالمشهد في محافظة الحسكة اليوم أقرب ما يكون تجسيداً لأهداف الاحتلال العسكري التركي والاحتلال العسكري الأمريكي لأراضٍ سورية، والتي بات ضحيتها السكان المدنيون الذين يأنون تحت القطع السياسي للمياه عنهم.