دراساتصحيفة البعث

النيجر.. دبلوماسية أمريكية من أجل بقاء فرنسا

هيفاء علي

أرسلت الولايات المتحدة فيكتوريا نولاند إلى النيجر لحفظ خرائطها الجيوسياسية هناك، لكنها لم تتمكّن من الحصول على ما تريده. وأبعد من ذلك، فإن تحرك الشخصية الثانية في الدبلوماسية الأمريكية على أساس مؤقت يظهر أن فرنسا هي أداة الإنارة بالنسبة لواشنطن. بعد أن استهدفت فرنسا بعنف من قبل السلطات الجديدة في النيجر، اضطر مسؤول أمريكي إلى القيام بالرحلة لمحاولة إنقاذ الرهان الغربي على هذا البلد من الساحل، حيث فقدت فرنسا نفوذها، فما هو محتوى العرض الأمريكي؟.

بحسب صحيفة “لو فيغارو”، عرضت نولاند العديد من الخيارات لإنهاء الانقلاب عند لقائها بالعميد موسى سالو بارمو، رئيس أركان “الجيش الجديد” مع ضباط آخرين. مع الإشارة إلى أنها قصدت جمهورية الكونغو الديمقراطية قبل فترة وجيزة لتعزيز السلام في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية ودعم الولايات المتحدة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في كانون الأول، حسب تعبيرها. وحتى قبل جمهورية الكونغو الديمقراطية، زارت الدبلوماسية الأمريكية كوت ديفوار لأن الولايات المتحدة وكوت ديفوار تقفان معاً بحزم في الدفاع عن الديمقراطية والأمن والازدهار المشترك، على حدّ قولها. علماً أن هناك ما يقرب من 1000 جندي أمريكي يتمركزون حالياً في النيجر، بينما يوجد 1500 جندي فرنسي في النيجر، تحت سلطة جيش النيجر. وبحسب وسائل الإعلام الأمريكية، فقد عمل العميد موسى سالو بارمو مع القوات الأمريكية الخاصة في النيجر لسنوات عديدة.

وبينما تفضّل الولايات المتحدة إجراء مفاوضات مع النيجر على الرغم من التصريحات الحربية لفرنسا، حيث أكد ماكرون أنه لن يتسامح مع أي هجوم ضد فرنسا ومصالحها، فإن مجموعة “إيكواس” تريد العودة عسكرياً إلى النيجر، من أجل استعادة الديمقراطية، وفقاً لشروطها.

وبحسب مراقبين، لم يكن هناك ما يشير إلى حشد قوات عسكرية على حدود النيجر مع نيجيريا، وهي نقطة الدخول المحتملة براً. ومع ذلك، أصدرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إنذاراً أخيراً للجيش الذي تولّى السلطة في النيجر وطالبت بإعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، تحت طائلة التدخل المسلح. من جهته قال رئيس الدبلوماسية الأمريكية، أنتوني بلينكن، إنه يريد لعب ورقة الدبلوماسية أولاً، فمن المؤكد أن الدبلوماسية هي أفضل طريقة لحلّ هذا الوضع، وهذا يعني أن الولايات المتحدة لا تريد خسارة النيجر، ولا تزال تحاول تغيير الوضع السياسي من خلال المفاوضات، بينما فقدت فرنسا أوراقها الجيوسياسية هناك.

لكن العودة الفارغة لليد اليمنى لأنتوني بلينكين من النيجر -فيكتوريا نولاند -تظهر أن الولايات المتحدة، مثل فرنسا، قد فقدت قوتها في منطقة الساحل. والسؤال هو معرفة ما إذا كانت المفاوضات في النيجر بين الولايات المتحدة والسلطة الجديدة في البلاد تتعلق باتفاقية تريد، في النهاية، الاعتراف بالانقلابيين؟.

أما ما يتعلق بتلاشي النفوذ الفرنسي في النيجر، فقد لفت نائب رئيس رابطة “أبييس” النيجر إلى أن فرنسا تسعى بأي ثمن للحفاظ على نفوذها في النيجر للحفاظ على مكانتها بين القوى الاقتصادية الكبرى، ولهذه الغاية فهي تحرّض “إيكواس” لإطلاق تدخل عسكري في البلاد.

إن إبقاء النيجر في دائرة نفوذها مسألة حيوية لباريس ذلك أن رحيل فرنسا من النيجر سيدفعها من المركز السابع إلى المركز الثلاثين في العالم بين أكبر الاقتصادات. وإذا غادرت فرنسا النيجر، فقد خسرت تماماً، وإذا خسرت النيجر، فقد خسرت كل شيء، وبالتالي هي تخوض معركة من أجل البقاء، وهذا هو السبب في أنها وضعت مسألة النيجر على جدول أعمال مجلس الدفاع والأمن القومي في فرنسا. وبسبب تفوقها العسكري، ولأن لها حق النقض، فهي لا تريد مغادرة النيجر، وهذه هي الحقيقة التي تحدث، إنه قانون الغاب، بحسب ناشطة نيجيرية، التي أضافت أن دخول قوات “إيكواس”، بتأثير من فرنسا، سيكون غير قانوني، وقد أدرك الجميع الآن أن فرنسا هي التي تتلاعب بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، التي هدّدت بشن عملية عسكرية ضد السلطات التي نصّبت نفسها.