أفلح إن صدق
حسن النابلسي
عبر أحد المسؤولين الغيورين على بلده عن تفاؤله بالكوادر الوطنية الموجودة في مفاصل العمل الحكومي القادرين على المضي قدما للنهوض بالاقتصاد الوطني وجعله في مصاف الاقتصاديات المتطورة، لكن ما يعيق العمل وتكاتف الجهود بين وزاراتنا ومؤسساتنا – حسب المسؤول – هو الافتقاد للأدوات وعلى رأسها عدم وجود التشريعات اللازمة لتطوير بلادنا وجعلها مقصدا وهدفا لكل راغب للاستفادة من التجربة السورية.
ولاشك أن المسؤول جانَب الحقيقة إلى حد ما، لكنه لازال بعيدا جدا بتفاؤله عن جوهر القضية المتمثل بإرادة التغيير الحقيقية المفقودة، فالقوانين والتشريعات ليست المحرك الرئيسي ما لم تقترن بالإرادة الحقيقية لذلك، وربما تتضح الأمور أكثر ونضع إصبعنا على جرح التقصير إذا ما تحدثنا عن حُزم القوانين والقرارات الصادرة عن عدة جهات معنية بالشأن العقاري، بهدف ضبطه وتشذيبه وكسر حدة أسعاره، إلا أنها بواقع الأمر لم نلمس أي تأثير لها على أرض الواقع، ولعل أخرها القانون 33 لعام 2008 الذي ينص على تثبيت العقارات المبنية وأجزاء العقارات غير المبنية في التجمعات السكنية المعينة في منطقة عقارية محدد، والقانون 15 لعام 2008 الخاص بالاستثمار والتطوير العقاري بالتعاون مع القطاع الخاص، الذي يمكنه الحصول على فرص الاستثمار بعد إنجاز الدراسات وواقع المنطقة التي سيعالج واقعها، إلى جانب قانون بناء العَرَصات وغيرها من القوانين والقرارات ذات الوقعْ والأبعاد الإيجابية والتي تساهم – فيما لو طبقت – بحل جُلّ مشاكل القطاع العقاري، بدءاً من السكن العشوائي وانتهاءً بكسر حدة أسعاره وجعلها أكثر منطقية.
إذا فالمشكلة ليس بإصدار القوانين والقرارات اللازمة وإنما بترجمتها إلى واقع ملموس، وهنا يمكن بالفعل الحكم على كفاءة ومقدرة كوادرنا الوطنية الذي تحدث عنها ذلك المسؤول المتفائل، ويؤسفنا أن نرُدَ عليه تفاؤله المفرط تجاه كوادرنا طالبين منه الدعوة إلى شحنهم بالإرادة وحب العمل أولا، وتأهيلهم وتدريبهم ثانيا، وإذا تعذر ذلك فنطلب منه ومن زملائه من المعنيين ضخ دماء جديدة ليس لديها القدرة على البناء فقط، بل تملؤها العزيمة والرغبة بالبناء، وإلا سنبقى نندب حظنا العاثر متذرعين بشماعات نعلق عليها فشلنا المستمر.
hasanla@yahoo.com