ارتفاع الفائدة التمويلية والكلف التشغيلية يزيد مخاطر الاقتراض من مصارف التمويل الصغيرة
دمشق – محمد العمر
ارتفعت التكاليف المادية والتشغيلية لمصارف التمويل الصغيرة، وازدادت الأعباء بالمقابل على المستفيدين من القروض في تحمّل المشقات لتأسيس مشاريعهم وتوفير رأس المال، خاصة وأن ارتفاع حوامل الطاقة والوقود والأجور والمستلزمات والنقل وغيرها، إضافة لسعر الفائدة المستمر بالارتفاع، وهذا يعني تحديات جسيمة أمام هذه المصارف التي تقدّم القروض للأفراد الذين لا يمكنهم اقتراض المال من المصارف التقليدية، باعتبار أن مصارف التمويل الصغيرة وجدت أصلاً من أجل منح المقترضين المال بأيسر شروط وضمانات أقل.
مخاطر عالية
الرئيس التنفيذي لمصرف الوطنية للتمويل الأصغر منير هارون أكد أن أعمال مصارف التمويل الأصغر أصبحت اليوم أكثر من أي وقت مضى ذات مخاطر عالية، فرغم أهمية القروض ودورها المهم جداً في مساعدة الناس، إلا أن جملة التحديات الكبيرة تزداد يوماً بعد يوم، خاصة وأن أغلبها تحديات باتت تتعلق بجانب الكلف التشغيلية والقدرة على الاستمرار بالتشغيل، بعدما ارتفعت الكلف المرتبطة بالرواتب والمواد الأولية من المحروقات والوقود والنقل وغيره. ويرى هارون أن ظروف أي بلد تلعب دوراً مهماً بموضوع خلق وتهيئة البيئة المناسبة لتقديم الخدمات من المصرف، ولاسيما أنه يوجد هناك عوامل مشتركة بكل مصارف التمويل الأصغر بالعالم من ارتفاع أسعار الفائدة الناتجة عن طبيعة أعمال المصارف والكلف التشغيلية المرتفعة الذي تدفع، واليوم مع ارتفاع الفوائد في المصارف، ومنها مصارف التمويل الأصغر، يحاول المصرف قدر الإمكان إعطاء قروض مدرّة للدخل ومشاريع وإيرادات تساعد في خلق فرص العمل الجديدة، لكن من المفروض أن تساعد أسعار الفوائد التي تمّ بها منح القروض، المشروع على الديمومة والاستمرار وتؤمّن مداخيل جيدة له.
وحسب قوله فإن ارتفاع أسعار الصرف وتذبذبه قد أدى إلى ارتفاع مستمر في أسعار المواد والمستلزمات، مما يؤثر بشكل مباشر على نجاح مشاريع المقترضين، الأمر الذي أجبر المصارف على رفع فائدة القروض المقدّمة، وهذا من شأنه رفع من كلفة الاقتراض، وجعلها عالية جداً مقارنة بالسابق، لافتاً إلى أنّ استقرار الوضع الاقتصادي وتحسّنه، سينعكس على أسعار الفائدة، ذلك أن ارتفاع كلف التشغيل ولاسيما أسعار حوامل الطاقة -بحسب هارون- دفع الكثيرين إلى الإحجام عن تأسيس المشاريع، في وقت يُعوّل فيه على مصارف التمويل الأصغر بدعم إقامة المشاريع وضمان استدامتها.
وبيّن هارون أن مصارف التمويل الأصغر بحاجة اليوم إلى إعفاءات أكبر من الضرائب وحسب القانون 8 الذي أعطى 5 سنوات معفاة من الضرائب، لكن اليوم الكلف التي تصدر تزداد وتتوسّع نتيجة التضخم الهائل وارتفاع الأسعار والمواد التي نحتاجها من المعدات المرتبطة بالدفع الإلكتروني والاتصالات، مما يعني تآكل الأرباح لقسم كبير من ذلك، لأن القدرة المالية بهذا التوسّع من التضخم لمساعدة الأشخاص الذين بحاجة للاقتراض ستنخفض، بالتأكيد.
وأوضح أن مسألة الكهرباء من العقبات الكبيرة التي تواجه المصارف والعمل المصرفي، باعتبار أن التكاليف البديلة عن الكهرباء مرتفعة من جهة، وهناك صعوبة في تأمين السيولة للوصول إلى المقترضين من جهة أخرى، كون أغلب زبائن المصرف هم من الأرياف والقرى، وبالتالي موضوع النقل في ظل أزمة المحروقات يشكل أحد العقبات للتواصل بين المصرف والعملاء.
وأشار هارون إلى أن المصرف يدعم كلّ أنواع المشاريع الزراعية والمهنية والحرفية والتجارية والإنتاجية، شرط أن يقدّم صاحب المشروع ما يثبت وجود المشروع وقدرة المقترض على تسديد الأقساط، والمصرف ليس لدية أي شروط مسبقة للمنح، وما يهمّ المصرف هو أن يكون المشروع جدياً، سواء أكان المشروع قائماً أم تأسيسياً ويؤمن فرص عمل.