نقص الأدوية العلاجية والهرمونية يزيد من معاناة مرضى السرطان.. 5 آلاف مريض و70 مريض جديد شهرياً بحمص
البعث الأسبوعية – نبال إبراهيم
رحلة مريض السرطان رحلة طويلة ومرهقة للمريض وذويه من الناحيتين المالية والنفسية، وعلى الرغم من إيلاء الحكومة السورية اهتماما كبيرا بمرضى السرطان والتخفيف من معاناتهم وتوفير ما يمكن توفيره عليهم من مبالغ مالية كبيرة جداً بمراحل علاجهم، إلا أن المعاناة ما زالت موجودة وتزداد مع انقطاع الأدوية العلاجية والهرمونية من فترة إلى أخرى.
للوقوف أكثر على واقع معاناة مرضى السرطان في حمص التقت “البعث الأسبوعية” عدداً من المرضى الذين ما زالوا يخضعون لعلاج الجرعات الكيميائية وعدد آخر منهم ممن استكمل جرعاته ويواصل علاجه بالأدوية الهرمونية والمراقبة الدورية.
بين عدد من مرضى السرطان في مجمل حديثهم أن معاناتهم الأساسية تتمثل بعدم توفر بعض الجرعات والأدوية الكيميائية والهرمونية وانقطاعها بين الآونة والأخرى في مراكز العلاج الحكومية بالمحافظة، ما يضطرهم إلى تأمينها وشرائها من الصيدليات الخاصة بأسعار باهظة الثمن، وبالتالي تكبدهم مبالغ مالية كبيرة تفوق قدرتهم بكثير في ظل الظروف المعيشية الصعبة، أو السفر إلى محافظات أخرى لاستكمال جرعاتهم في مشافٕ أو مراكز صحية تتوفر فيها ما يكبدهم أعباء مالية إضافية، علاوةً على مشقة السفر والإرهاق الذي يتضاعف على مريض السرطان جراء أخذه الجرعة والسفر معاً.
مطالبة بإنشاء مركز
أشار عدد آخر من المرضى إلى معاناتهم من عدم وجود مركز للعلاج الشعاعي بحمص، ما يضطرهم للسفر بكل جلسة علاج شعاعية إلى مشفى البيروني بدمشق أو مشفى تشرين باللاذقية، مطالبين بضرورة إنشاء مركز للعلاج الشعاعي بالمحافظة لتخفيف الأعباء المادية ومعاناتهم من السفر والإرهاق الجسدي لا سيما مع تزايد عدد مرضى السرطان بالمحافظة والذين يحتاجون لجلسات علاج شعاعي.
فيما رأى آخرون ممن تماثلوا للشفاء أن الحكومة تقدم ما بوسعها لمرضى السرطان وأنهم استفادوا من الخدمات التي قدمتها من أدوية علاجية وهرمونية وجلسات شعاعية وغيرها من تحاليل وصور ومتابعة بشكل مجاني من دون أن يتكبدوا مبالغ كبيرة واقتصار ما أنفقوه خلال رحلة علاجهم على بعض الأدوية والسفر إلى محافظتي دمشق واللاذقية في بعض الحالات، لافتين إلى أنهم ما زالوا يراجعون مراكز العلاج بشكل دوري للمتابعة والمراقبة وتقدم لهم كافة الخدمات الطبية من دون أي نفقات.
حد أدنى
أكد مدير الصحة في حمص الدكتور مسلم الأتاسي “للبعث الأسبوعية” أنه يتم بذل كافة الجهود وتوفير ما أمكن من الأدوية العلاجية وغيرها لمرضى السرطان بالمحافظة، باعتبار أن كل نوع من مرض السرطان له كورس علاجي محدد لمجموعة أدوية معينة، لافتاً إلى أنه في بعض الأحيان تتوفر كل هذه الأدوية وبعضها الآخر لا توفر بعضها، إلا أنه لم تحدث ولا مرة أن لا تتوفر كل هذه الأدوية مجتمعة، مشيراً إلى أن الحد الأدنى من توفر هذه الأدوية بالمحافظة يتجاوز نسبة 80%.
عصات وليس انقطاعات
بين الأتاسي أن الأدوية السرطانية هي أدوية مستوردة وفي ظل الظروف الحالية والحصار الجائر على القطر قد يحدث هناك بعض العصات والاختناقات بتوفير بعض الأنواع من الأدوية وليس انقطاعات ولكن يتم بذل كافة الجهود للتوفير على المريض ما يمكن توفيره، مشيراً إلى أن معظم الأدوية متوفرة ولكن قد تكون بأسماء بديلة أو مستجرة من مصادر مختلفة، منوهاً إلى أن كل أدوية السرطان باهظة الثمن يتم تأمينها عن طريق وزارة الصحة بشكل مجاني للمرضى، مؤكداً أن نسبة توفر الأدوية السرطانية والجرعات والأدوية الهرمونية بالمحافظة ما بين 80 إلى 85 %، وأنه في حال حدوث انقطاع ببعض أصناف الأدوية فيكون انقطاع آني لا أكثر.
ولفت الأتاسي إلى وجود مركزين دوائيين لمعالجة الأورام على مستوى محافظة حمص هما مركز مشفى الباسل بكرم اللوز ومركز مشفى الباسل بحي الزهراء، مشيراً إلى أن أعداد مرضى السرطان بالمحافظة وفق النورما المعتادة ولم يحدث زيادات غير معتادة، مؤكداً أن حملة الكشف المبكر عن سرطانات الثدي والبروستات وعنق الرحم التي شهدتها المحافظة كشفت عن وجود بعض الاشتباهات ولكن عدد الإصابات لم تتجاوز النورمات المعتادة والمقبولة بالمحافظة.
وحول المطالبة بإنشاء مركز للعلاج الشعاعي بالمحافظة قال الأتاسي: إن إقامة مركز للعلاج الشعاعي متكامل مكلف جداً وهو مرهون بالوزارة، فضلاً عما يحتاجه المركز من أطباء نوعيين وعناصر مختصة بهذا العلاج.
لا يوجد أطباء
وأشار الأتاسي إلى أنه لا يوجد في محافظة حمص أطباء أخصائيين بالأورام تابعين لمديرية الصحة، ومن يقوم بعلاج ومتابعة المرضى هم أطباء أخصائيين بأمراض الدم، لافتاً إلى أن هناك جمعيات خيرية بالمحافظة تعنى بالشأن الصحي ويوجد جمعية لمكافحة مرض السرطان مقرها بحي الوعر وتوفر ما يمكن توفيره على المريض من أدوية أو حسم في حال شرائه من صيدلية خاصة.
وأكد مدير الصحة أن أي مريض بالسرطان في المحافظة يعاني من من انقطاع أي دواء ما عليه سوى مراجعة المديرية أو الاتصال مباشرةً بشكل شخصي به بأرقام الهواتف الموجودة والمنشورة في كل مشافي ومراكز المحافظة للعمل على تأمينه ما أمكن وتوفير ما يمكن توفيره على المريض.
انقطاع الأدوية
بدوره أوضح رئيس شعبة الأورام في مديرية صحة حمص الدكتور زاهر البيريني أن بعض أنواع الجرعات والأدوية السرطانية والهرمونية بما فيها الكيمائية والمناعية أن نسبة توفر الأدوية السرطانية بالمحافظة تتراوح ما بين 50 إلى 100% حسب نوع كل دواء وسرطان، مبيناً أن بعض البروتوكولات العلاجية لبعض أنواع مرض السرطان كأورام الكولون متوفرة حالياً بنسبة 100 % تقريباً، بينما البرتوكول العلاجي لأورام سرطان الثدي متوفر بنحو 90 إلى 95 %، بينما يوجد بعض الأورام تفقد أدويتها كأورام البروستات وبعض أورام الرئة بحيث لا تتوفر حالياً (جرعات) ونسبة توفرها بحدود 50%.
ولفت البيريني إلى أن إجمالي عدد مرضى السرطان المسجلين في مركزي مديرية صحة حمص يبلغ حوالي 5 آلاف مريض، منهم من استكمل علاجه بشكل كامل ويخضع حالياً لمراقبة دورية، ومنهم من يتابع علاجه بالأدوية الهرمونية، ومنهم ما زالوا قيد المعالجة الكيميائية، ومنهم من تحول إلى العلاج الشعاعي إما في مشفى البيروتي بدمشق أو مشفى تشرين باللاذقية.
الأكثر انتشاراً
وبين البيريني أن أكثر أنواع الأورام السرطانية انتشاراً هو سرطان الثدي ويشكل ثلث الحالات لدى مرضى السرطان، أي ما يعادل ما بين 30 إلى 33 % من إجمالي عدد المرضى بالمحافظة، ويأتي بالدرجة الثانية سرطان البروستات والرئة.
60 مراجعاً يومياً
وأكد البيريني أنه يومياً يراجع 60 مريض أورام مركزي المعالجة بالمحافظة ويتم متابعتهم وإعطائهم جرعات كيميائية، لافتاً إلى أن مستوى الخدمات الطبية المقدمة من قبل مركزي المعالجة بالمحافظة كبير وجيد، مشيراً إلى أن نسبة الخدمات التي تقدمها مراكز العلاج بالصحة تتراوح ما بين 70 إلى 75 % بما فيها من تحاليل وطبقي محوري واستقصاءات ودراسة الخزعات وإعطاء الجرعات الكيميائية.
ولفت البيريني إلى زيادة عدد مرضى السرطان خلال الآونة الأخيرة، عازياً سبب ذلك إلى توفر وسائل التشخيص والاستقصاء وأهمية الحملة في الاستقصاء عن أنواع السرطانات الثلاثة، حيث أن الكثير من مرضى السرطان كانوا قد توفوا في السابق من دون معرفة أنه مريض بالسرطان، كاشفاً عن أنه يتم تشخيص نحو 70 مريض جديد شهرياً بمرضى أورام وبمعدل نحو 700 مريض سنوياً.
برتوكول موحد
وأكد البيريني أن البرتوكول العلاجي لمرضى السرطان بكافة أنواع الأورام بات موحداً في جميع المشافي والمراكز الطبية على مستوى سورية من حيث عدد الجرعات ونوعيتها ولكل نوع من السرطانات.
وأوضح البيريني أن دور الجمعيات الأهلية هو الدعم لعدد من المرضى في بعض الأحيان ببعض الأدوية عند نقصها فقط، مشيراً إلى أن نسبة الدعم لا تتجاوز 10 إلى 20 % ولعدد محدود جداً من المرضى، مؤكداً أن العبء الأكبر على مراكز المعالجة بالمحافظة ولاسيما بما يتعلق بالأدوية المناعية والهدفية الباهظة الثمن، بحيث لا يمكن للجمعيات الأهلية أن توفرها ويقتصر دعمها على بعض الأدوية البسيطة.
من جهته أشار مدير مشفى الباسل بكرم اللوز ورئيس المركز الرئيسي لمعالجة الأورام بالمحافظة الدكتور أيمن محرز “للبعث الأسبوعية” إلى أنه بالفترة الأخيرة لوحظ ازدياد نسبة الإصابة بأمراض السرطان ليس فقط في سورية وإنما على مستوى العالم، عازياً سبب ذلك لسببين الأول الملوثات بمختلف أنواعها، والثاني لتطوير وسائل الاستقصاء والتشخيص الذي مكن من اكتشاف عدد أكبر من مرضى السرطان، منوهاً إلى أن أكثر أنواع السرطانات انتشاراً بالعالم هو سرطان الثدي يليه سرطان الرئة والمستقيم. وشدد محرز على أهمية حملات التقصي عن السرطان المتكررة لاكتشاف السرطان بشكل مبكر وبالتالي يصبح العلاج أفضل ونسبة الشفاء فيه كبيرة، لافتاً إلى أن عدد المستفيدين من حملة التقصي عن سرطانات الثدي والبروستات وعنق الرحم التي شهدتها المحافظة أواخر العام الماضي وصل إلى حوالي 28500 وتشخص نحو 118 حالة مثبتة لمرضى بالسرطان منها 16 سرطان ثدي و7 سرطان بروستات والباقي عنق الرحم ، وحالياً يتم متابعة كافة تلك الحالات بدقة وعناية.
وأكد محرز على أن المركز الرئيسي لمعالجة الأورام بالمحافظة يقدم كافة الخدمات الطبية و العلاجية لمرضى السرطان سواء كانت أدوية أو عناية طبية ما بعد الجرعات، مبيناً أنه يتم استقبال نحو 50 مريض بالسرطان بالمركز بمعدل وسطي يومياً، ويتم إعطائه جرعات علاجية، بالإضافة إلى المراقبة والمتابعة بعد الجرعات، منوهاً إلى توفر كادر طبي وتمريضي وإداري متخصص بنوع هذا العلاج. مشيراً إلى نسب حالات الشفاء من مرض السرطان بشكل كامل تقريباً بالمركز تصل إلى نحو 50 %، وأن أكثر نسبة الشفاء هي لسرطان الثدي.