هل تستطيع جامعاتنا اعتماد “المؤهلات العلمية الصغرية” ضمن أجندة مناهجها؟ أسلوب تعليمي أفضل من التعليم التقليدي لتلبية احتياجات ومتطلبات سوق العمل
البعث الأسبوعية – غسان فطوم
“هناك نمط تعليمي جديد آخذٌ في الانتشار في جامعات العالم وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وهو “البرامج التعليمية التي لا تقود للحصول على درجة علمية وتقع هذه البرامج في المنتصف بين الدورات التدريبية، والبرامج التعليمية التقليدية”.
الدكتور المهندس وائل معلا (رئيس أسبق لجامعة دمشق) تطرق إلىهذاالموضوع عبر صفحته على الفيسبوك من خلال إشارتهإلى مقال نُشر مؤخراً في مجلة أخبار عالم الجامعات الإلكترونية التي تصدر في بريطانيا.
انخفاض واضح
ويشير المقال بحسب الدكتور معلا إلى انخفاض في معدلات الالتحاق في البرامج التعليمية ذات الأربع سنوات خلال العقد الماضي (والتي تقود للحصول على درجة الإجازة) بشكل مطرد في الولايات المتحدة، وفي الآونة الأخيرة ، امتد هذا الاتجاه إلى أسواق الدول الناشئة ايضا مما دعا مسؤولي وواضعي سياسات التعليم العالي، وأرباب العمل إلى التساؤل فيما إذا كان هناك طريقة أفضل لتلبية احتياجات الطلاب وسوق العمل من الطريقة التقليدية.
في الوقت نفسه، بدأت فئة جديدة من برامج التعليم المنظم في الازدياد. تُقدم في هذه البرامج وحدات تعليمية أصغر مع إمكانية تحقيق عائد أسرع على الاستثمار.
وبحسب المقال لا يوجد حتى الأن تعريف متفق عليه عالميًا لوحدات التعلم الصغرية هذه، لكن مصطلح “المؤهلات الصغرية”والتي يشار إليها أيضًا باسم “المؤهلات البديلة” أو التي لا تقود للحصول على درجة علميةهو المصطلح الأكثر شيوعاً لوصف هذا النمط التعليمي الجديد الذي يقع بين الدورات التدريبية والدرجات العلمية.
اتساع الفجوة
ويبين المقال أن هناك العديد من الدوافع الأساسية وراء انتشار المؤهلات التي لا تقود للحصول على درجة جامعية. أهمها اتساع الفجوة بين نوع التعليم المقدم في مؤسسات التعليم العالي التقليدية من جهة، والمهارات اللازمة للعمل في سوق العمل الرقمي من جهة أخرى. كما أن عدداً كبيراً من الأشخاص حول العالم حصل على بعض المؤهلات في برامج التعليم العالي، لكنهم لم يحصلوا على درجة علمية رسمية (إذ تشير الاحصاءات الرسمية في الولايات المتحدة على سبيل المثال أن 50% من طلاب التعليم العالي يتسربون من مؤسسات التعليم العالي العامة أو يوقفون دراستهم قبل أن يكملوا شهادة جامعية).
لماذا يجب الاهتمام؟
هناك عدة أسباب تدفع المعنيين بالتعليم العالي إلى إيلاء اهتمام جدي بالمؤهلات الصغرية، إذ يمكن للتقنيات الجديدة الناشئة خلال العقد المقبل أن تعيد تشكيل ملايين الوظائف، حيث تشير التقديرات إلى أن 50% من الموظفين في جميع أنحاء العالم سيحتاجون إلى إعادة تشكيل لمهاراتهم بحلول عام 2025 بسبب الرقمنة. وفي هذا السياق ، تصبح المؤهلات الصغرية وسيلة لخلق فرص تعلم فعالة مدى الحياة بغض النظر عن كيفية اكتسابها. كما تُمكِّن المؤهلات الصغرية مؤسسات التعليم العالي التقليدية من تلبية طلب الطلاب والقوى العاملة مع فتح مصادر دخل جديدة.
سؤال هام
الدكتور معلا وبناء على ما تضمنه المقال طرح سؤالاً مهماً، فيماإذاكانيتوجبعلىجامعاتناالعامةوالخاصةأنتضعهذاالنمطالتعليميالجديدفيالحسبان؟.
السؤال أثار نقاشاً ووجهات نظر مختلفة أغنت الموضوع وأوضحت الكثير من الأمور المتعلقة به.
الدكتور خليل عجمي رئيس الجامعة الإفتراضية السورية علّق بقوله أن هذاالنمطمنالتعليممهمومفيدومطبقمنذزمنفيكثيرمنالدولليسفقطفيأوروباوأمريكاوإنماأيضاًفيبعضالدولالخليجيةكالإماراتالعربيةالمتحدة،وهيعموماًدوليتطورفيهاسوقالعملباطراد،وتتغيرفيهاالمهنمعتطورالتكنولوجيا،وتمتلكمنظومةدعمواتخاذقرارمرنةومتطورةقابلةللتأقلممعالمستجداتوعلىاستيعابهاوتوجيههابالاتجاهالصحيحفيخدمةعمليةالتعلممدىالحياةاللازمةلمختلفشرائحالمجتمع.
وبالنسبة لتطبيق مثل هذا النمط التعليمي في جامعاتنا يرى الدكتور عجمي، أنه قياساً بالأسباب التي أشار لها لايمكنفيالوقتالحاليالاستفادةمنمثلهذهالنماذجالتعليميةأوتقبلهامحلياً،ومنالصعبجداًاستثمارهاعلىالنحوالصحيحوخصوصاًأنالهدفمنالتعليملدىالشريحةالغالبةمنمجتمعناعلىاختلافمستوياتهاالعلميةمازال”الشهادةالتيتؤديإلىالوظيفة”.
عنوان دون مضمون!
الدكتور هاشم صقر، يعتقد أنهذاالنمطمنالتعليمالقصيروالفعاليتماشىمعمعميولالشبابورغبتهمالملحةللانخراطفيسوقالعمل، متمنياً أن تأخذ هذهالافكارالمبتكرةطريقهاللتحقيق.
ويرى الدكتور المهندس بشير المنجد أن الموضوع الذي طرحه الدكتور معلامثيرللاهتمامومعذلكيحتاجالىجهدكبيرلتأطيرهوفقالواقعالمحليلكيلايتحولالىعنواندونمضمون، فيما رأت السيدة لينا عثمان في تعليقها على الموضوع “أننابحاجةلكلاالتوجهينبحيثلايلغيأحدهماالاخر، التوجهالمتعلقبالتأهيلالسريعللطلابالمرتبطبسوقالعملبشكلمباشروآني، والمواكبللتغيراتالمتلاحقةوالسريعةالمرتبطةبمنظومةالتعليموالتعلمالمتوافقةمعه، والتوجهالاساسيالمتعلقبالتعليمالتقليديالمرتبطبمخرجاتبحثيةاواستراتيجية ..وكلحسبخياراته .
لا نعلم!!
الدكتور ماجد الجمالي رحب بالفكرة، مشيراً إلى تجارب ناجحة لبعض الدول فيالتعليمالتقانيودوره في تكوينالخبراتالمطلوبة، معرباً عن أسفه لأنه لا يعلم متىفيسوريةسنتبعذلكونختصرالمددونستفيدمنخبراتناالشابةمباشرةدونارهاقهابسنواتطويلةمنالاجازةوالماجستيروالدكتوراهالتيتستهلكنصفعمرالفردبلقدتزيدعنذلكفيبعضالأحيان، مشيراً إلى أنتعليمنانمطيجداًوالاساليبقديمةلاتتكيفمعالمستجداتالمتسارعةفيالتعليمبالشكلالمطلوب.
الفكرة جيدة ولكن!
وعلقت سلوى الشيخ “الفكرةجيدةلكنالمشكلةستكونفيوضعبرنامجتدريسيغيرتقليدييحظىبموافقةوزارةالتعليمالعاليوستكونالمشكلةالاخرىبطريقةتقييمالحاصلينعلىهذاالمؤهلللعملالمطلوبوستكونتجربتنافيالمعاهدالمتوسطةدليلالوضعبرامجمناسبةلسوقالعمل” وبرأيها يجب أنيكونهناكحدأدنىمقبولمنالتأهيلالعلميالسابقلهذاالتأهيلالمهنيوإلمامجيدباللغةالانكليزيةلأن ذلك يسمح للطالب بالإطلاع علىمايجريفيالعالمباختصاصهم.
بالمختصر، ما أشرت إليه الآراء السابقة تؤكد على أهمية أن تعتمد جامعاتنا موضوع”المؤهلات العلميةالصغرية”كونها تساهم في تنمية وتأهيل الموارد البشريةالفاعلة بطريقة أقصر في وقت نحن بحاجة فيه لاختصار الوقت وبذل المزيد من الجهد في الطريق الطويلنحوالتنميةالمستدامة.