الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

دمشق من الفضاء وردة الأرض سلام السماء

غالية خوجة

تنبض الروح واللغات كلما ذُكرتْ دمشق، فكيف إذا التُقطت صورتها من الفضاء؟

تتفتّح دمشق وردةً من لغات عتيقة وحضارات عريقة وأزمنة قادمة وسحيقة، فنراها لوحة متشكّلة بسوريالية إلهية من أبجدية فينيقية ما زالت تكتب على الغيم والألواح الطينية والشاشات الالكترونية، تتحرك هذه الأبجدية جبالاً عصية، وذلك كما نراها في الصورة التي التقطها رجل الفضاء العربي الإماراتي سلطان النيادي، وهذه الجبال تتألف من حروف ثابتة تسبّح باسم الخالق، وتردد “وطن، شرف، إخلاص”، ثم تمتد من زاويتها اليمنى من الأسفل إلى الأعلى لتشكّل أحرفاً متحركة على أوتار “الهارب”، ومع اقترابها من المركز، تتبرعم، لتتّفتح أجنحتها فينيقاً بلون التراب، تتخلله تويجات الوردة الدمشقية، وتتداخل معه الدروب والشوارع والتقاطعات بأشكالها الهندسية المتلاحمة مع معالمها الأثرية ومبانيها مثل لوحة فسيفسائية تعود لآلاف السنين قبل الميلاد، وتتفرع لآلاف السنين بعد الميلاد.

وللمحدق في هذه الصورة أن يرى كيف ارتسم جانب من وجه الجدة السورية الأولى بلون ترابي فاتح، وهو ينظر إلى تلك الجبال المتعاشقة نظرة شموخ ومحبة، بينما تكمل أجنحة الفينيق جسد الجدة التي تحضن أحفادها مثل السماء وهي تحضن النجوم، وتجعل من قلبها أغصاناً لحمامات السلام المرسومات داخل الصورة، تاركة لكثير من الكائنات والخرافات والأساطير أن تسرد ما تخبئه في جرار “عشتار” وتآويل “بعل”، ورسالته المتجذرة في هذا الوطن، وكلماته التي تنبع مثل نهر بردى، فترددها الصورة مع الفضاء الكوني: “حطم سيفك، وتناول معولك، واتبعني، لنزرع السلام والمحبة في كبد الأرض، أنت سوري، وسورية مركز الأرض”.