ثقافةصحيفة البعث

خالد الأسعد عاشق لؤلؤة الصحراء تدمر في ذكرى رحيله الثامنة

آصف إبراهيم

بمناسبة الذكرى السنوية الثامنة لاستشهاد عالم الآثار السوري خالد الأسعد، أقامت مديرية الثقافة بحمص بالتعاون مع جمعية العاديات ندوة شارك فيها كل من الشاعر برهان شليل والمهندس عبد المجيد الأسعد،، والباحث علي سليمان صديق الشهيد، إلى جانب نحل الشهيد محمد الأسعد في قاعة سامي الدروبي بالمركز الثقافي العربي.

تحدث في البداية شقيق الراحل المهندس عبد المجيد عن الجانب العائلي في حياة عالم الآثار المغدور حيث شبهه بنبع أفقا التدمري الشهير الذي كان شريان الحياة بالنسبة لتدمر، كذلك كان الأسعد بالنسبة إلى عائلته، وتناول علاقته الطيبة الإنسانية والاجتماعية مع أهل مدينته الذين لم يكن يتأخر عن مشاركتهم أحزانهم وأفراحهم. وتطرق إلى سيرته المهنية والبحثية، فقد أعاد بناء مسرح تدمر وحقق اكتشافات مهمة لمقابر مدفونة  في الرمال.

وتحدث علي سليمان صديق الشهيد عن أقانيم تدمر الثلاثة نبع أفقا الذي كان سبباً في وجود تدمر وزنوبيا التي قادت تدمر نحو القوة والازدهار، وخالد الأسعد الركيزة الثالثة، الذي ولد وترعرع في أحضان معبد بل الذي لم يكن ليقبل أن يجلس على كرسيه الدوار في مكتبه عندما تولى منصب مدير آثار تدمر، إنما كان يقضي جل وقته في ميدان العمل مشرفاً على عمليات التنقيب والاكتشاف بحب ونشاط لا ينقطعان.

استطاع أن يظهر الثراء الفكري والثقافي والروحي عند التدمريين القدماء، كان هدفه إعادة بهاء الماضي إلى المستقبل.

بدوره تحدث نجل الشهيد عن اللحظات الأخيرة في حياة الأسعد حيث كان طلبه الأخير قبل سوقه إلى ساحة الإعدام أن يزور متحف تدمر. كما قدم لمحة عن سيرته الحياتية وإنجازاته المهنية التي كان في مقدمتها تطوير المؤسسة الأثرية في تدمر وتقديمها بشكل حضاري لائق من خلال نشر الأبحاث التاريخية الخاصة بالمواقع الأثرية  مطعمة بفيض حبه الكبير لمعشوقته الأهم تدمر..

وختم الندوة الشاعر برهان شليل الذي أعد كتاباً عن خالد الأسعد في عيون الشعراء ، وألقى قصيدة معبرة عن مكانة هذا الباحث في المشهد الاثاري السوري تحمل عنوان “نخيل تدمر” مستوحاة من فيلم “دم النخيل” للمخرج نجدت اسماعيل أنزور يقول في مطلعها:

سيظل نخلك شامخاً يا تدمر     لا ينحني أبداً و لا يتغير

سيظل يشمخ عالياً مخضوضراً  رمزاً لمجدك في الثرى يتجذر

لا لن يغيب ولن تموت ثماره  فالجذر باق في التراب ويحفر

مهما تمادى الجهل في إرهابه  ستظل تدمر بالبطولة تفخر

ويظل وجهك ضاحكاً يا خالد  طول الزمان ولن يغيب المزهر

نم في ثراها عاشقاً و مخلداً  ودمائك الحمراء فجر يزهر

يذكر أن الراحل شغل منصب مدير آثار تدمر لمدة أربعين عاماً بين 1963 و 2003، ويعد من الرياديين في علم الآثار في سورية. وقد اكتشف بنفسه مقابر أثرية عدة، وأشرف على أعمال حفريات وترميم آثار في المدينة.

ويعتبر مهندس انضمام تدمر “لؤلؤة الصحراء” إلى لائحة التراث العالمي. له نحو  ٤٠ مؤلفاً في الآثار السورية والعراقية، نال أوسمة عديدة منها وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة. ما تزال جملته الشهيرة التي قالها عندما طلب إليه الانحناء قبيل إعدامه  يرددها التدمريون في حياتهم اليومية “نخيل تدمر لا ينحني”.

نجح أولاد خالد الأسعد وبعض الحراس في إنقاذ 400 تمثال وقطعة أثرية من النهب والتدمير من قبل إرهابيي “داعش” الذين احتلوا المدينة عام ٢٠١٥.

وقد خرجت في 20 أيار من ذاك العام آخر شاحنة نقلت قطعاً أثرية من متحف تدمر قبل عشر دقائق من دخول التنظيم الإرهابي المدينة. وخلف وليد الأسعد نجل خالد الأسعد كمدير لآثار تدمر الذي تعرض للتعذيب والاعتداء على يد عناصر في التنظيم الارهابي.