مجلة البعث الأسبوعية

ما الذي تفعله موجات الحر بأجسامنا؟ وما هي أعلى درجة يمكن للإنسان أن يحملها؟

تشهد الكثير من دول العالم موجة حر هي الأقسى منذ أكثر من قرن، تتنقل ما بين قارة وأخرى، إذ ضربت العديد من الدول الأوروبية والإفريقية والآسيوية، في حين يحذر المسؤولون والأطباء من أنّ هذا الارتفاع قد يؤثر على صحة الناس.

ما الذي تفعله موجة الحر بأجسادنا، وما أعلى درجة يمكن للإنسان أن يتحملها، وما الفئات الأكثر تضرراً من الحرارة؟

يؤدي ارتفاع درجة حرارة الجو إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم، ما يفتح الأوعية الدموية، وهذا يؤدي إلى انخفاض ضغط الدم ويجعل القلب يعمل بجهد أكبر لدفع الدم في جميع أنحاء الجسم. ويمكن أن يسبب ذلك أعراضاً خفيفة مثل الطفح الجلدي الناتج عن الحرارة أو تورم القدمين؛ حيث تصبح الأوعية الدموية متوسعة.

وفي الوقت نفسه، يؤدي التعرق إلى فقدان السوائل والأملاح، والأهم من ذلك، أن التوازن بينهما في الجسم يتغير، ويمكن أن يؤدي هذا، إلى جانب انخفاض ضغط الدم، إلى الإنهاك الحراري، والذي تشمل أعراضه الدوخة، والغثيان والإغماء وتشنجات العضلات والصداع والتعرق الشديد والتعب والجلد البارد والشاحب والرطب.

أما إذا انخفض ضغط الدم بشكل كبير، فإن خطر الإصابة بالنوبات القلبية يرتفع.

فإن كانت لديك هذه الأعراض، يجب أن تنتقل إلى مكان بارد، أو ترخي ملابسك، أو تضع قطعة قماش مبللة باردة على جسمك أو تأخذ حماماً بارداً واشرب الماء. واطلب الرعاية الطبية إذا بدأت في التقيؤ، أو إذا تفاقم مرضك أو استمر لأكثر من ساعة.

أما سبب حدوث ذلك في أجسادنا، فهو طبيعة الجسم التي تسعى للحفاظ على درجة الحرارة التي تطورت أجسامنا للعمل بها، وهي 37 مئوية، سواء كنا في عاصفة ثلجية أو موجة حر.

وعندما ترتفع درجة الحرارة يسعى الجسم بجهد للحفاظ على انخفاض درجة حرارته الأساسية، ما يجعله يفتح المزيد من الأوعية الدموية بالقرب من الجلد لفقدان الحرارة من محيطنا ويبدأ التعرق.

وعندما يتبخر العرق، فإنه يزيد بشكل كبير من الحرارة المفقودة من الجلد.

 

 ما أعلى درجة يمكن للإنسان أن يتحملها؟

يعتمد الأمر بشكل كبير على نسبة الرطوبة، فأعلى درجة حرارة يمكن أن يتحملها جسم الإنسان هي ما بين 34 إلى 36.5 درجة مئوية على مؤشر ميزان الحرارة الرطب، وهذه الحرارة تختلف عن درجة الحرارة المسجلة والمُعلن عنها.

وتُقاس هذه الدرجة باستخدام مقياس حرارة مغطى بقطعة قماش مبللة بالماء، وتأخذ في الاعتبار الحرارة والرطوبة والرياح؛ فمؤشر الرطوبة مهم، لأنه مع وجود المزيد من الماء في الهواء، يصعب تبخر العرق وتضعف قدرة الجسم على تبريد نفسه، وفقاً لما أكده موقع “طقس العرب”.

وتقول كولين ريموند، الباحثة في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا والتي تدرس الحرارة الشديدة: “إذا كانت الرطوبة منخفضة، ولكن درجة الحرارة مرتفعة، أو العكس، فمن المحتمل ألا تقترب درجة حرارة بصيلة الترمومتر الرطبة من نقطة تحول جسم الإنسان، ولكن، عندما تكون كل من الرطوبة ودرجة الحرارة عاليتين جداً، يمكن أن تتسلل درجة حرارة بصيلة الترمومتر المبللة نحو مستويات خطيرة”.

وتضيف: “عندما تكون درجة حرارة الهواء 115 فهرنهايت (46.1 درجة مئوية) والرطوبة النسبية 30٪، تكون درجة حرارة بصيلة الترمومتر الرطبة حوالي 87 فهرنهايت (30.5 درجة مئوية) فقط، ولكن عندما تكون درجة حرارة الهواء 102 فهرنهايت (38.9 درجة مئوية) والرطوبة النسبية 77٪، تكون درجة حرارة بصيلة الترمومتر الرطبة حوالي 95 فهرنهايت (35 درجة مئوية)”.

 

من هم الأكثر عرضة لمخاطر ارتفاع درجات الحرارة

لا شك أنّ درجات الحرارة المرتفعة يمكن أن تؤثر على جميع البشر بطريقة سلبية، لكن أيضاً علينا إدراك أنّ هناك فئات تتأثر بالحرارة أكثر من غيرها. وتشمل المجموعات الأكثر عرضة لخطر الحرارة كبار السن والأطفال والحوامل والأشخاص الذين يعانون من حالات صحية أساسية، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الرئة، وأمراض الكلى، والسكري، والسمنة، ومشاكل الصحة العقلية (الاضطرابات النفسية، والاكتئاب)، وكذلك المشردون، والعمال الذين يعملون في الهواء الطلق خلال الأوقات الحارة من النهار أو الذين يعملون في أماكن لا يتم التحكم في درجة حرارتها.

 

كيف نحمي أنفسنا من موجات الحر؟

يقتل الطقس الحار مئات الأشخاص كل عام. وتقدر منظمة الصحة العالمية أنه في الفترة من 1998 إلى 2017 مات أكثر من 166 ألف شخص نتيجة موجات الحر الشديدة.

ومع ذلك، يمكن الوقاية من تزايد الوفيات والأمراض المرتبطة بالحرارة، من خلال بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها للبقاء آمناً خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة.

وعلى سبيل المثال، عندما تكون الرطوبة عالية، فإن عرق الجسم لن يجف بسرعة، وهذا يحد من قدرة الجسم على إطلاق الحرارة، لذا، انتبه ليس فقط لدرجة الحرارة في منطقتك، ولكن أيضاً على مستوى الرطوبة.

راقب أيضاً درجات الحرارة أثناء الليل، إذ يقول الخبراء إن موجات الحرارة غالباً ما تصبح خطيرة عندما لا تنخفض درجة الحرارة أثناء الليل كثيراً عن أعلى درجة حرارة أثناء النهار، خصوصاً أنّ أجسادنا تعالج نفسها في الليل عندما ننام، لذا، فإن درجات الحرارة الليلية الحارة تشكل ضغطاً كبيراً على جسم الإنسان.

يمكن أن تؤثر بعض الأطعمة والأدوية أيضاً على درجة حرارة الجسم، مثل الكحول والكافيين والسكر، وبالتالي يمكن أن يضعف نظام الجسم لتبريد نفسه.

هناك أشخاص معرضون بدرجة عالية لخطر الإصابة بأمراض مرتبطة بالحرارة، إذ يلعب عمر الشخص ووزنه دوراً في البقاء على قيد الحياة في درجات الحرارة المرتفعة.

كما أنّ الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً وأقل من عامين معرضون بشكل خاص لخطر الإصابة بالمرض بسبب الحرارة.

ويؤكد الخبراء إن على الجميع اتخاذ جملة من الخطوات للوقاية من الأمراض والإصابات والوفيات المرتبطة بالحرارة، عندما يكون الطقس شديد الحرارة، ومن أبرزها:

ابقَ بالداخل في مساحات رطبة قدر الإمكان.

اشرب الكثير من الماء حتى لو لم تشعر بالعطش.

ارتدِ ملابس فضفاضة وخفيفة الوزن وذات ألوان فاتحة واستخدم منتجات البشرة التي تحميك من حروق الشمس.

لا تحاول أن تبقى وقتاً طويلاً في الخارج.

حاول الاستحمام متى استطعت بالماء البارد لخفض درجة حرارة جسمك.

لا تترك الأطفال أو الحيوانات الأليفة في السيارات أبداً.

لا تستخدم عناصر التسخين، مثل المواقد الداخلية والأفران لطهي الطعام، فهذا سيجعلك أنت ومنزلك أكثر سخونة.