الصفحة الاخيرةحديث الصباحصحيفة البعث

الك — ربا

عبد الكريم النّاعم 

لا تحتاج قراءة العنوان إلى نباهة، حتى يعلم أنّ المقصود (الكهرباء)، واخترنا العنوان أعلاه لِما فيه من دلالة على “الكرْب” الذي نعانيه، بنتائجه الماديّة، والمعنويّة.

أنا أعلم أنّ احتلال الأمريكان، وبالتعاون مع “قسد”، هو سبب رئيسيّ، فقد وضعوا يدهم على منابع النفط، وهم يسرقوننا جهاراً نهاراً، كما حرمونا من غلال القمح والغاز، وتسبّب هذا في أزمات مركّبة لم نعرفها من قبل؛ كما أعلم أنّ أيّ مُحتلّ لا يغادر البلاد التي احتلّها عن طيب خاطر، ويرى الكثيرون أنّ الأمريكان لا يعيدون النظر في خططهم إلاّ إذا بدأت نعوش جنودهم تصل تباعاً إلى مطارات مدنهم، وهذا أمر تعرفه القيادة العليا للبلاد التي تواجه الأزمات المتتالية المتراكبة، ولست بصدد التوسّع في هذا، بل أنا بصدد الواقع الحالي الذي نحن فيه بالنسبة (للك — ربا).

إنّ الخاسر الأكبر، فيما نحن فيه، كهربائياً، هي الحكومة، والمواطن، فالحكومة، في غياب الكهرباء تخسر دوران العديد من معامل الإنتاج التي يُعتمَد عليها في التصدير.

لقد نزحت أعداد فاعلة من أهل الصناعات عن سوريّة، وتوجّه معظمها إلى مصر، وينقل المسافرون أنّهم حقّقوا نجاحات مرموقة، إنْ في المعامل التي أنشؤوها، أو في المطاعم، وما ذلك بغريب على السوريين، وسيبقى المهاجرون في مهاجرهم حتى تتهيّأ لهم الظروف المناسبة ليفكّروا في العودة إلى بلدهم.

قبل زمن ليس بالبعيد، صرّح مصدر رفيع في وزارة الكهرباء، ولعلّه أهمّ مصدر فيها، أقول هذا حتى لا أقع في أيّ خطأ غير مقصود.. صرّح بأن وضع الكهرباء سيتحسّن، واستبشرنا خيراً، وكان سبق ذلك، أو تلاه، أنّ الكهرباء كانت تأتي لمدّة ساعتين، وتنقطع أربع ساعات، وهو أمر مقبول قياساً لِما هو أسوأ، بيد أنّ هذا لم يطل، فها نحن لا تأتينا (الك- – – ربا) أكثر من أربعين دقيقة، وغالباً أقلّ، وفي بعض المناطق ربع ساعة. فبالله عليكم، ما الذي يمكن الاستفادة منه في مثل هذه المدّة القصيرة؟!!

أعلم أنّه قد يخرج علينا مَن يقول مُدافعاً، أو مُوَضّحا، أنّ السبب هو الاحتلال الأمريكي، وقد قلنا أنّنا نعرف هذا! تُرى ألم يكن مَن صرّح بوعد التحسّن يعرف هذا؟ وبناءً على ماذا كان ذلك التصريح الذي فرحنا له؟!!

تُرىّّّّّّ!! أَوَلاَ يهم المسؤولين أن يتابع المواطن بعض فضائياته، ليتلقّى الأخبار من مصادرها، بدلاً تلقّيها عبر مواقع موبايلات لا نعرف مدى صدقها؟!!

ألا يكفي أنّ بعض فضائياتنا قد خسرت مَن كان يتابعها، نتيجة أنّ الفضائيّة في واد، والناس وهمومها في واد آخر؟!!

تُرى ما الذي يعنيني ممّا تقوله الأبراج؟ وهل ثمّة عاقل يأخذ بها؟ ونحن نردّد مع الرسول الأعظم (ص) وآله: “كذبَ المنجّمون ولو صدقوا”؟!!

تُرى ما الذي يهمّنا، نحن الأكثريّة الذين لا نستطيع تأمين لقمة اليوم إلاّ بشقّ النفس، أو بالصبر على الابتلاء.. صبر المُكرَه، لا صبر المحتسِب، وعند مَن نحتسبه؟!! عند الذين ساهموا في تجويعنا؟!!

ما الذي يهمّني من برامج الأكل، وتلك الأكلات التي تثير الشهيّة، وتحقن النفس بالقهر، فأية طبخة ممّا يجري الحديث عن مواده تأكل ثلاثة أرباع الراتب الشهري، إنْ لم يكنْ كلّه؟!! أم أنهم يعدّون ذلك للخمسة بالمئة التي أثرتْ في ظروف غير طبيعيّة، وراكمت ما سرقتْ، فهي مشغولة بلذائذها لا غير، وأمّا الوطن عندها فهو ما حصّلوه عن طرق الحرام، وتجويع الآخر؟!!

aaalnaem@gmail.com