أخبارصحيفة البعث

سورية بوابة الصين إلى الشرق الأوسط

تقرير اخباري   

تشكل زيارة السيد الرئيس بشار الأسد على رأس وفد رفيع المستوى إلى الصين محطّة إستراتيجية هامة في مسار العلاقات السورية -الصينية التي تعود إلى عام 1956، والتي استمرت في ثباتها منذ ذلك الحين. كانت زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي في تموز من عام 2021 لدمشق ولقاءه الرئيس الأسد ضمن جولته على المنطقة، قد أعطت مؤشراً قوياً إلى تخلّي الصين التدريجي عن مراعاة الغربيين في ما يخصّ العلاقة الرسمية مع سورية، وإعلان مرحلة سياسية جديدة دخلتها دمشق وقتها بعد 10 سنوات من الحرب.

تأتي الزيارة في ظل وضع اقتصادي خانق تعانيه سورية إثر الحصار والعقوبات الأمريكية غير المباشرة، والاحتلال العسكري لمناطق في سورية والاستيلاء على مقدرات البلاد ونهب خيراتها بشكل مباشر، إلا أن موقف الصين كان بارزاً وهاماً، حيث قدمت منذ بداية الحرب على سورية- ولا تزال- دعماً دبلوماسياً لدمشق في المحافل الدولية، مع الحرص في الوقت ذاته على عدم التدخل في شؤون دولة تتمتع بالسيادة على أراضيها، والتأكيد على السيادة السورية، والتوسط في إعادة العلاقات العربية مع سورية رغم محاولات الأمريكيين عرقلة مسار المصالحات العربية – السورية، وحرمان الدولة السورية من استثمار التقدّم السياسي ببسط السيطرة الكاملة على أرضيها، وإيقاف الانهيار الاقتصادي والنزيف الاجتماعي وعرقلة أيّ جهود لإعادة الإعمار.

تأتي الزيارة إلى الصين، والتي تعتبر الأولى للرئيس الأسد منذ عام 2004، في سياق تعميق الثقة السياسية المتبادلة والتعاون في مجالات مختلفة بين البلدين، بما يدفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد، كما تعبر الزيارة عن رغبة الصين في توسيع دورها وحضورها في الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي كانت تقليدياً ضمن دائرة النفوذ الأمريكي، حيث تشكل سورية بالنسبة إلى بكين أهمية جيوسياسية، إضافة إلى أن البنية الفكرية لنظام الحكم في سورية تتناغم معها.

كما تقدم الزيارة جرعة قويّة إضافية للدور الصيني المتنامي في المنطقة، والذي  تجلى من خلال تحقيق المصالحة السعودية – الإيرانية ربيع هذا العام، بعد ثلاث قمم عقدها الرئيس الصيني في السعودية في كانون الأول 2022، في مؤشر جديد على التحول في سياسات الصين الخارجية. كما شهد العام الحالي تغيرات وتحولات على الساحة الدبلوماسية السورية تمثلت باستئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الرئيس الأسد في القمة العربية في جدّة في أيار للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.

لقد قدمت الصين على مدار السنوات الماضية دعماً كبيراً لسورية وتجلى مؤخراً بعد الزلزال المدمر الذي ضرب سورية في شهر شباط من العام الحالي، حيث قامت بإرسال مساعدات بقيمة 5.9 ملايين دولار، وعمال إغاثة متخصصين في المناطق الحضرية، وفرقاً طبية ومعدات طوارئ.

يرى المراقبون أن الصين التي تواجه محاولات أمريكية لمحاصرتها، ستحاول الرد على تلك الخطوات من خلال تعزيز حضورها السياسي والاقتصادي في الشرق الأوسط، وبالتأكيد سورية هي إحدى البوابات.

عناية ناصر