ثقافةصحيفة البعث

فايا يونان الصوت الذهبي ومفردات العشق والانتماء من دار الأوبرا

ملده شويكاني

أبلغ عزيزاً في ثنايا القلب منزله

أنّي وإن كنتُ لا ألقاه ألقاه

وإنّ طرفي موصول برؤيته

وإنّ تباعد عن سكناي سكناه

ياليته يعلم أنّي لستُ أذكره

وكيف أذكره إذ لستُ أنساه

القصيدة الشهيرة للشاعر علي بن الجهم كانت بصوت فايا يونان الذي جمع بين العاطفة والقوة، ولم تكن بتقنية الأكابيلا – الغناء دون موسيقا – فقط، إذ شاركها جمهورها الكبير بالغناء على مسرح الأوبرا، الذي انطلقت منه لتعود إليه بعد ثماني سنوات بعد أن جالت العديد من الدول وشاركت  بمهرجانات القلعة في مصر، البتراء في الأردن، وفي تونس الجزائر والعراق وغيرها، وأصدرت ثلاثة ألبومات محمّلة بالحب والانتماء إلى الوطن، وبعدما نجحت بتبني مشروعها الفني بالغناء باللغة العربية الفصحى إلى جانب نشر اللهجة الشامية المحكية بأحلى وأرق مفردات العشق، كما عملت على إحياء التراث السرياني والآشوري. عادت لتغني “ما كنت أدري”، “فصول الحياة”، “يا ذهب”، وغيرها الكثير بمرافقة الفرقة الموسيقية بقيادة الموسيقي جورج طنوس، وبدور كبير للبيانو الركيزة الأساسية بموسيقاها–العازف إياد جناوي- مع الناي والتشيللو والقانون والغيتار في مواضع.

تجاوز الحدود

ولم تقتصر دعوة فايا يونان إلى تعزيز الانتماء إلى الوطن، وإنما عبّرت بألبومها أصواتنا عن الفنّ الذي يوحد الدول العربية ويعبْر الحدود والمسافات متجاوزاً كل الحواجز، فغنت باللهجة المصرية والخليجية والعراقية والجزائرية والتونسية وغيرها. واختارت الأغنية الجزائرية” حبك باقي ديماً ليا” لتغنيها بالحفل الرائع.

وفي نهاية الحفل أهدت سورية أغنيتها الشهيرة” بالعزّ معمرة” بعد أن غنت أغنية عاطفية من التراث السرياني.

شارة شبابيك

وأجمل ما في الحفل هو صوتها الدافئ في غناء شارة مسلسل شبابيك التي دعمت نجاح العمل ولامست قلوب كل المشاهدين: ” كل الشبابيك بتذكرني فيك”

الملفت أن الفئة العمرية الأكبر من جمهور فايا يونان من الشباب رغم أن أغلب أغنياتها باللغة العربية الفصحى، ما يؤكد أن اللغة العربية الفصحى قريبة من الذات وتستقطب الشباب.

مع الإعلاميين

ولا يعود نجاح فايا يونان فقط إلى صوتها وجمالها الذي لم يقترن بعمليات التجميل، وإنما إلى حضورها الآسر على المسرح وتواصلها القوي مع الجمهور ما جعلها موضع اهتمام وإعجاب.

وبعد الحفل أعربت عن سعادتها بالغناء على هذا المسرح العظيم وفي بلدها ومع أهلها في حديثها مع الإعلاميين: فأجابت عن سؤال لـ “البعث ” إلى أيّ مدى ساعدك الغناء باللغة العربية الفصحى على الانتشار؟

لديّ عشق للغة العربية الفصحى ليس فقط لأنها تفتح الباب لانتشار أوسع يتجاوز الحدود، فاللغة العربية توحد العرب كونها اللغة الجامعة، إضافة إلى ذلك توجد مشاعر لا يمكن التعبير عنها إلا بالفصحى، فهي لغة الشعر التي نغازل بعضنا من خلال مفرداتها.

ثم تابعت عن ألبوم أصواتنا: لقد منحني الكثير من الخبرة من خلال إيقاع اللهجات وطريقة الغناء واستخدام العُرب الصوتية وأنا فخورة بهذا المشروع الموسيقي، وسأتابع الغناء باللهجة المغربية وبلهجتي الجزراوية واللغة السريانية والآشورية.

الرقم الصعب

وانتقلت الأسئلة إلى مشروع التمثيل الذي دخلت غماره، فعقبت، سأخوض تجربة جديدة بمسلسل تاج مع عظماء الدراما السورية سواء أكان النجم بسام كوسا الذي يشكّل مدرسة بحد ذاته أم النجم تيم حسن، الذي هو اليوم الرقم الصعب بالدراما العربية كلها، فأتشرف بالعمل معهما وأشعر بحماس  لاسيما أن العمل بتوقيع المخرج الكبير سامر برقاوي.

وعن التخوف بأن يشتتها التمثيل ويبعدها عن الغناء؟ أجابت: أخاف أن أتعلق بالتمثيل، لكن لاشيء يمنعني عن الغناء، لأنه حلم الطفولة والشغف الذي لا يتجزأ من شخصيتي، في الوقت ذاته أتحمس للتمثيل، لأن التمثيل لا يحقق شهرة فقط، وإنما يجعلنا ندخل عوالم جديدة تثري تجربة الفنان، وفي مسلسل ” الدهب غالي” غنيت من خلال الشخصية أغنيات لأول مرة ووجدت مساحة لإطلاقها ضمن السياق الدرامي.

ما السرّ؟؟

فاجأها سؤال حول انتشارها بسرعة كبيرة، فما السر؟

فعلقت بأن ثماني سنوات من العمل تكفي لمن يملك الطموح، ومازلت أشعر أنني في بداية الطريق، ولديّ الكثير من الأحلام، وأمتلك الكثير من الطاقة، فلا يوجد سرّ محدد وراء نجاحي، ولا أحد يدعمني إلا موهبتي وإصراري وشغفي، فأول أسباب النجاح بالفن أن يمتلك الإنسان الموهبة إضافة إلى فريق عمل متمكن، والنجاح ليس مستحيلاً.

أنفي مقارنتي بـ فيروز

كما نفت أية مقارنة أو مقاربة بينها وبين فيروز رافضة هذه المقارنة التي انتشرت، فهي تأثرت بالسيدة فيروز وكبرت على صوتها وغنت لها في بداياتها لأنه لم يكن لديها عدد من الأغنيات الخاصة، وكل الفنانين يغنون بحفلاتهم لفيروز، وأنا ضد هذه المقارنة والمقاربة.

بلاد الشام

وعن وجود جمهور من لبنان والأردن والعراق، أشارت: هذا يعني الكثير بالنسبة إليّ، فأنا التي لا أؤمن بالحدود بين الدول العربية وخاصة بلاد الشام، كوني أعيش في بيروت ودائمة السفر للبلدان العربية وخاصة مصر وتونس، فأشعر بروابط ثقافية تاريخية تجمعنا ولا أشعر بأيّ فرق.

أما عن مشروعاتها القريبة فستحيي مجموعة حفلات في العراق ببغداد وعدة مدن وأمكنة، إذ تربطها بالشعب العراقي علاقة حب وطيدة، وبغداد موجودة بأغنياتها حتى المكتوبة باللهجة الشامية.