ثقافةصحيفة البعث

اليوبيل الذهبي للدماء العربية فطرة وطنية لا نهائية

غالية خوجة

لم يختر أي إنسان أمه وأباه ووطنه، وهذا أمر بديهي في الحياة الطبيعية، وكتابها الفطرة التي توجب على كل إنسان أن يدافع عن نفسه وأمه وأبيه ووطنه كواجب فرض شرعي وتشريعي يصل المخلوق بالخالق وبوصلتها الكريمة “إن الله لا يحب كل خوان كفور”.

وتلمع هذه الفطرة الدفاعية في الدماء والمورثات والانتماء، لأنها وطن داخل الوطن، وهو حال كل إنسان عربي سوري، مرابط على الجبهات الواقعية والافتراضية، والمرابطة ليست بحمل السلاح فقط، بل بالأفعال والكلمات والسلوكيات والصبر مع الدفاع حتى النصر، وهو حال شعبنا المرابط، لذلك، قال سيادة الرئيس الدكتور بشار حافظ الأسد: “الوطن لمن يدافع عنه”.

وأكدت هذه الفطرة دماء الشهداء وجرحى الوطن والسوريون الصابرون الصامدون بما يستطيعون ولا يستطيعون على الحرب والحصارات والبغي والعدوان والظلمات، غير ناسين انتصاراتهم للحق في الحروب القديمة والحديثة ومنها حرب تشرين التحريرية المستمرة مع احتفالنا بيوبيلها الذهبي غير آبهة بالهدف الأساسي لأعدائنا ألا وهو كسر سورية والذبح البارد للشعب العربي تبعاً لتصريحات أحد الأعداء في تشرين التحرير، وهو ذاته الخلفية التدميرية لما حدث لسوريتنا الحبيبة في العشرية الإرهابية، إلاّ أنها انتصرت وستظل كما قال قائد التشرينين البطل القائد حافظ الأسد: “انتصاراتنا في حرب تشرين رصيد كبير ودائم لشعبنا وأمتنا، فلا انتصار مع الجهل، ولا انتصار مع الخوف، ولا انتصار مع التردد، ولا انتصار مع التخاذل”.

منذ 1973 والجندي المواطن العربي السوري الفينيق المنتصر كاسر الخرافات المعادية، والحق دماء عربية متآخية، وشمس ذاك اليوم مشرقة وشاهدة على التعاون العربي سواء الدعم بالجنود أو المعدات أو بتوظيف النفط كسلاح عربي، ولن ينسى التأريخ مقولة الشيخ زايد أول حاكم للإمارات العربية المتحدة: “النفط العربي ليس بأغلى من الدم العربي”، وكذا فعلت دول الخليج العربي إلى جانب شقيقاتها من الدول العربية لتكون روحاً واحدة وقلباً واحداً ودماً واحداً.

إضافة لكل ذلك، ساهم المشهد العربي بكافة فئات شعبه في هذا النصر، ومنهم المشهد الثقافي الأدبي والتشكيلي والموسيقي والفني مسرحياً وتلفازياً وإذاعياً وغنائياً، فتسابق الشعراء ومنهم سليمان العيسى، نزار قباني، والكتّاب ومنهم عبد السلام العجيلي، حنا مينه، كما تسابق الملحنون والسيناريستيون والروائيون والقصاصون ليعبّروا عن مشاعرهم في تجسيد هذا الحدث التأريخي الوطني العربي المتوهج كرامةً وعزة وفخراً بالانتماء، وهذا التوهج متوارث صبغياً من الأجداد والجدات، لأن العربي يأبى الذل لنفسه ومجتمعه ووطنه، وكرامة أرضه من كرامته ولا تعادلها إلاّ روحه الكريمة.

ومن منا ينسى الحكمة الواقعية لبطل فيلم “عواء الذئب” صلاح قصاص بدور أبو عمر: “ألف حبل مشنقة ولا يقولوا بو عمر خاين يا خديجة”، وهو فيلم درامي توثيقي لقصة حقيقية حدثت في الزبداني، وكان البطل هارباً من العدالة لكنه يتمكن من القبض على طيار صهيوني أسقط طائرته صاروخ سوري، ويسلمه للشرطة.

وبالمقابل، ظهرت من الأعمال الدرامية الوطنية على المستوى العربي العديد من الأعمال، وأشهرها “رأفت الهجان” بأجزائه الثلاثة، وبرزت مسرحية “أغلى جوهرة بالعالم”، وكتاب “سنوات الحب والحرب” للمؤلفة كوليت خوري حفيدة الوطني السياسي المفكر فارس الخوري الذي يردد التأريخ مقولته الشهيرة: “إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سورية لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا المسيحي من هذا المنبر أشهد “أن لا إله إلاّ الله”.

أمّا الأغاني فكثيرة وما زالت تتردد مع أشعة الشمس، مثل “بلادي بلادي” لسيد درويش، “أم البطل” لشريفة فاضل أم الشهيد، و”سورية يا حبيبتي” التي غادرتنا مطربتها العروبية نجاح سلام مؤخراً.