واشنطن تختار بين “إسرائيل” وأوكرانيا
تقرير إخباري
على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت تطمح لتحويل أوكرانيا إلى “إسرائيل” أخرى داخل أوروبا تستخدمها بداية في استهداف روسيا، ثم تحوّلها إلى قاعدة كبيرة لقوّاتها وسوقاً سوداء لتصريف أسلحتها، وربّما فزاعة لمحيطها كما يحدث في المنطقة العربية، وبالتالي أغدقت عليها دعماً مادياً وعسكرياً كبيراً، إلا أن المشهد الحالي في فلسطين المحتلة بعد عملية “طوفان الأقصى” التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948 ربما جعل الساسة الأمريكيين يستيقظون على حقيقة أن واشنطن لا تستطيع أن تستمر في دعم النظام الأوكراني الذي فشل في تحقيق أهدافها إلى الآن، في الوقت الذي يعاني فيه الكيان الصهيوني من أكبر تهديد وجودي له تاريخياً، وخاصة مع إمكانية امتداد الحرب التي أعلنها على قطاع غزة المحاصر إلى سائر الجبهات، وتحوّلها إلى حرب إقليمية، وبالتالي الحاجة الماسة إلى تقديم الدعم العسكري له بكل الوسائل، وهذا بالفعل ما دفع الكثير من المراقبين إلى التشكيك بإمكانية قدرة الكونغرس على تقديم الدعم لأوكرانيا و”إسرائيل” معاً، وخاصة مع وجود تقارير عديدة تؤكّد النقص الكبير في مخزونات واشنطن من الذخيرة على خلفية الدعم المفتوح لكييف في مواجهة موسكو.
هذه الشكوك أكّدتها صحيفة “بوليتيكو” التي قالت: إن أعضاء مجلس النواب يشكّون بوجود عدد كافٍ من المشرّعين بالكونغرس الأمريكي لدعم المساعدات العسكرية لكل من أوكرانيا وإسرائيل كجزء من طلب محتمل من إدارة واشنطن، مشيرة إلى أنهم على استعداد لإرسال الأموال إلى “إسرائيل”، لكن المساعدة لأوكرانيا لا تزال تسبّب خلافاتٍ في صفوفهم.
وفي الوقت الذي لم يقدّم فيه الرئيس الأمريكي جو بايدن حتى الآن طلباً رسمياً إلى الكونغرس للحصول على أموال إضافية لـ”إسرائيل”، لا تزال الموافقة على طلب منفصل للحصول على مساعدات عسكرية لأوكرانيا بقيمة 24 مليار دولار دون ردّ من الكونغرس، وبالتالي فإذا كان هناك أفضلية للاختيار بين الطرفين فإنها ستكون لطلب “إسرائيل”، وهذا الأمر الذي ينبغي على كييف أن تدرسه جيّداً، وهي أن واشنطن لن تفضّل دعمها على حساب دعم “إسرائيل” كما طلب رئيس النظام الأوكراني فلاديمير زيلنسكي.
وفي جميع الأحوال، ازدادت في الداخل الأمريكي الأصوات المنادية بعدم إرسال مساعدات إضافية لكييف، وخاصة بعد انطلاق عملية “طوفان الأقصى” وإعلان “إسرائيل” الحرب على غزة، حيث من المرجّح أن تحظى المساعدات العسكرية لإسرائيل بموافقة سريعة من أعضاء الحزبين، بينما يشكّك بعض مؤيدي أوكرانيا في الموافقة على إرسال الأموال إلى البلدين كجزء من طلب مشترك.
ويؤكّد هذا التوجّه ما أعلن عنه منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، جون كيربي، من أن الولايات المتحدة لن تقدّم مساعداتٍ عسكرية لأوكرانيا إلى أجل غير مسمّى، حيث قال: “أعلنّا عن تخصيص 200 مليون، وسنستمر في المساعدة بقدر ما نستطيع، لكن المساعدة لن تكون إلى ما لا نهاية”.
ومن هنا يبدو واضحاً أن واشنطن لن تفضّل الاستمرار في دعم أوكرانيا على حساب دعم ربيبتها “إسرائيل”، وعلى الجانب الأوكراني وأوروبا من ورائه، أن يدركا معاً أن “إسرائيل” بالنسبة إلى واشنطن أهم من أوروبا بأكملها.
طلال ياسر الزعبي