دراساتصحيفة البعث

المنتدى الثالث لـ “الحزام والطريق” خطى ثابتة وثمان أعمال لشراكة عالمية مستقبلية مثمرة

بكين – بلال ديب

واحد من أهم المنتديات العالمية الساعية لرخاء البشرية بشكل جدي أنهى جلساته وفعالياته المرافقة اليوم، الحزام والطريق بنسخته الثالثة، يستعرض مسيرة عشر سنوات ذاخرة بتشييد أكثر من3000 مشروع تعاوني واستثمارات بقرابة تريليون دولار أمريكي، وحوالي 420 ألف فرصة عمل للدول المطلة على “الحزام والطريق”.

المبادرة التنموية العالمية التي اقترحها الرئيس شي جين بينغ والمدعومة الآن بأكثر من 100 دولة والعديد من المنظمات الدولية، لم تعد خططاً وحبراً على ورق بل باتت واقعاً ملموساً يتقدم بخطى ثابتة ويحظى بالمزيد من ثقة الدول والشعوب.

رئيس الدولة العظمى التي تتمسك بـ “طريق التنمية السلمية” في دستورها، استقبل في هذه المناسبة رؤساء دول وحكومات ومنظمات دولية حضروا إلى الصين ومعهم الكثير من الآمال بالمستقبل والمشاريع والمقترحات التي تعزز من الشراكة التي تسعى إليها الصين، فكانت اللقاءات والقمم المثمرة على هامش المنتدى واحدة من الأسس التي اعتمدت عليها  الصين لنجاح الانطلاقة الجديدة نحو مجتمع المستقبل المشترك للبشرية عبر تحديثها صيني النمط الذي تهديه للعالم ليكون مفيداً وخادماً للشعوب الراغبة بالنهضة التي تقوم على أكتاف ما يقارب من مليار وأربع مئة مليون مواطن شريك في تنمية بلاده، لتقول الصين أننا نريد الشراكة مع كل الشعوب لإحياء طريق الحرير القديم، والتركيز على التواصل والترابط، بما يضفي طاقة محركة جديدة على النمو الاقتصادي العالمي، ويفتح مجالاً جديداً للتنمية العالمية، ويشكل منصة جديدة للتعاون الاقتصادي الدولي.

“فلن تكون الصين بخير ما لم يكن العالم بخير؛ وسيكون العالم أفضل عندما تكون الصين بخير”.. عبارة جاءت في خطاب الرئيس الصيني خلال افتتاح المنتدى تدل بشكل صريح على رؤيته لارتباط المصير والترابط بين الصين والعالم ، ليؤكد أن باب انفتاح الصين على الخارج أوسع فأوسع، شارحاً ما حصل داخل بلاده عن تبدل أدوار المناطق التنموية ساحلاً وداخلاً فمن يعيش في الصين ويتجول في مناطقها الشاسعة سيلمس هذا الكلام، فستجد حقولاً كبيرة على مد النظر للفلفل مثلاً، وستجد معاملاً ضخمة للمنتجات الإلكترونية الدقيقة والحساسة والانترنت والذكاء الاصطناعي، ستجد موانئ ضخمة صديقة للبيئة وآلية بالكامل، وستجد أن الجميع يعمل بلا كلل من قبل بذوغ الشمس حتى وقت متأخر من الليل، فالعمل قيمة عليا عند الصينيين.

الصين دعم بناء “الحزام والطريق” بثمان أعمال بجودة عالية

لم يكتف الرئيس الصيني باستعراض السنوات العشر، والحديث عن حاضر المبادرة أو عن الأمنيات، بل طرح خطة العمل القادمة التي لخصها بثمان أعمال ستقوم بها الصين مع دول العالم تتمحور أول تلك الأعمال حول بناء شبكة “الحزام والطريق” الشاملة الأبعاد للتواصل والترابط، على أن يسرع الجانب الصيني في تطوير قطار الشحن بين الصين وأوروبا بجودة عالية، ويشارك في بناء ممر النقل الدولي عبر بحر قزوين، وينظم منتدى التعاون الدولي لقطار الشحن بين الصين وأوروبا بشكل جيد، ويعمل سوياً مع كافة الأطراف على بناء ممرات لوجستية جديدة في أوراسيا التي تكون دعامتها النقل المباشر بالسكك الحديدية والطرق العامة، وسيعمل على الدفع بالتطور المتكامل للميناء والطيران والتجارة في إطار “النقل البحري لطريق الحرير”، ويسرع في بناء الممر الجوي – البحري الجديد وطريق الحرير الجوي.

وأضاف شي أن بلاده ستدعم بناء الاقتصاد العالمي المنفتح حيث سينشئ الجانب الصيني منطقة التعاون الرائدة لـ”التجارة الإلكترونية في طريق الحرير”، ويتشاور مع مزيد من الدول لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة وحماية الاستثمار، وسيلغي كافة الإجراءات التي تقيد نفاذ الاستثمار الأجنبي إلى قطاع التصنيع، ويدفع بالانفتاح العالي المستوى لتجارة الخدمات والاستثمار عبر الحدود على نحو معمق، ويوسع نطاق نفاذ المنتجات الرقمية إلى السوق، ويعمق الإصلاح في مجالات الشركات المملوكة للدولة والاقتصاد الرقمي والملكية الفكرية والشراء الحكومي وغيرها، وذلك وفقاً للقواعد الاقتصادية والتجارية الدولية بالمعايير العالية. سينظم الجانب الصيني “المعرض العالمي للتجارة الرقمية” كل سنة. ومن المأمول أن يتجاوز إجمالي حجم الصادرات والواردات الصينية لتجارة السلع 32 تريليون دولار أمريكي، وتتجاوز تجارة الخدمات 5 تريليونات دولار أمريكي خلال السنوات الخمس القادمة (بين عامي 2024 و2028).

كما وعد الرئيس شي بإجراء التعاون العملي، لتنفذ الصين بالتناسق المشاريع المميزة والمشاريع “الصغيرة والنافعة” لمعيشة الشعب، وستنشئ نافذة التمويل بمبلغ 350 مليار يوان صيني لدى كل من بنك التنمية الصيني وبنك الصين للصادرات والواردات، وستضخ أموالاً جديدة بقيمة 80 مليار يوان صيني إلى صندوق طريق الحرير، بما يدعم مشاريع “الحزام والطريق” وفقاً لقواعد السوق والمبادئ التجارية، وتم التوصل إلى اتفاقيات التعاون لمشاريع بقيمة 97.2 مليار دولار أمريكي في مؤتمر رجال الأعمال الذي أقيم في إطار المنتدى، كما سينفذ الجانب الصيني 1000 مشروع صغير لتحسين المعيشة، ويعزز التعاون مع الدول الأخرى في مجال التعليم المهني عبر “ورشة لوبان” وغيرها، إضافة إلى العمل مع كافة الأطراف على تعزيز الضمان الأمني لمشاريع التعاون لبناء “الحزام والطريق”.

أما العمل الرابع سيتمحور حول تدعيم التنمية الخضراء، ليواصل الجانب الصيني تعميق التعاون في مجالات البنية التحتية الخضراء والطاقة الخضراء والمواصلات الخضراء وغيرها، ويعزز الدعم للاتحاد الدولي للتنمية الخضراء لـ “الحزام والطريق”، ويواصل تنظيم مؤتمر “الحزام الطريق” للابتكار الأخضر، وينشئ آلية التحاور والتواصل للصناعة الكهروضوئية وشبكة الخبراء في مجال التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون. وسيعمل على تنفيذ مبادئ الاستثمار الأخضر لـ”الحزام والطريق”، ويقوم بتدريب 100 ألف شخص للدول الشريكة لغاية 2030.

وخامس الأعمال يسعى للدفع بالابتكار التكنولوجي، فيواصل الجانب الصيني تنفيذ خطة العمل للابتكار التكنولوجي في إطار “الحزام والطريق”، وينظم الدورة الأولى لمؤتمر التواصل التكنولوجي لـ”الحزام والطريق”، ويرفع عدد المختبرات المشتركة التي يتم بناؤها بالتعاون مع مختلف الأطراف إلى 100 مختبر في السنوات الخمس المقبلة، ويدعم العلماء الشباب من دول العالم للعمل لمدة قصيرة في الصين. سيطرح الجانب الصيني مبادرة حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية في هذه الدورة للمنتدى، مع الحرص على تعزيز التواصل والحوار مع كافة الدول للعمل سوياً على تدعيم التطور السليم والمنتظم والآمن للذكاء الاصطناعي في العالم.

وكان بارزاً ما طرحه الرئيس شي حين بينغ في سادس الأعمال المعلنة حول دعم التواصل الشعبي، حيث سينظم الجانب الصيني طمنتدى ليانغ تشو” لتعميق الحوار الحضاري مع الدول المشاركة في بناء “الحزام والطريق”. وسينشئ رابطة المدن السياحية لطريق الحرير على أساس ما تم إنشاؤه من التحالفات الدولية بين المسارح والمهرجانات الفنية والمتاحف ومتاحف الفنون والمكتبات في إطار طريق الحرير، مع مواصلة تنفيذ مشروع المنح الدراسية الحكومية الصينية لـ”الحزام والطريق”.

وطرح الرئيس الصيني العمل حول بناء طريق النزاهة عبر تعاون الصين مع شركاء التعاون “المنجزات والآفاق لبناء النزاهة في إطار الحزام والطريق’” و”المبادئ العليا لبناء النزاهة في إطار الحزام والطريق”، وينشئ منظومة التقييم بشأن النزاهة والامتثال للشركات العاملة في إطار “الحزام والطريق”، ويقوم بالتعاون مع المنظمات الدولية بالبحث والتدريب بشأن النزاهة في إطار “الحزام والطريق” .

واختتم شي جين بينغ الأعمال الثمان باستكمال آليات التعاون الدولي بشأن “الحزام والطريق” بتعزيز بناء منصات التعاون المتعدد الأطراف مع الدول المشاركة في بناء طالحزام والطريق” في مجالات الطاقة والضريبة والمالية والتنمية الخضراء والحد من الكوارث ومكافحة الفساد والمراكز الفكرية ووسائل الإعلام والثقافة وغيرها. وسيواصل تنظيم منتدى “الحزام والطريق” للتعاون الدولي، إضافة إلى إنشاء الأمانة العامة للمنتدى.