دراساتصحيفة البعث

قلق غربي من تصعيد الحرب على غزة

ريا خوري

لم تتوقف الدول الغربية الأوروبية المنقادة للولايات المتحدة الأمريكية عن تقديم الدعم اللا محدود للكيان الصهيوني ، ففي الحرب الأخيرة على غزة إثر عملية طوفان الأقصى التي قامت بها المقاومة الفلسطينية ، لم تتردّد الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول الاتحاد الأوروبي في تجديد دعمها العسكري والسياسي والمالي للكيان الصهيوني، على الرغم مما ارتكبته قوات الكيان الصهيوني من مجازر بشعة ضد المدنيين والأبرياء، وما قامت وتقوم به من تطهير عرقي ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني في غزة.

لكن هذه الأطراف  المشاركة من الغرب الأوروبي- الأمريكي بدأت تتوجس بشأن المدى الزمني المحتمل للحرب وتأثيرها في مصالحها ومصالح بلدانها المنتشرة في معظم أنحاء العالم، خاصة في ظل ارتفاع الأصوات الشعبية  في معظم دول العالم المطالبة بوقف تلك المجازر البشعة والمرعبة.

فقد ورد على لسان عدد كبير من المسؤولين الغربيين عن حالة القلق مما جرى ومما يجري وتحديداً في دوائر الاستخبارات المركزية الأمريكية، حيث اعترفت الضابطة السابقة في وكالة الاستخبارات المركزية في الولايات المتحدة، ليندسي موران، بأنّ الوضع العام يفضي إلى أن الاستمرار على تلك الوتيرة من الجرائم سيتصاعد ليتسع مداه إلى العديد من الدول الإقليمية والعالمية، بخاصة بعد الهجمات التي تعرضت لها القوات الأمريكية في العراق، وفي منطقة التنف، مؤكدةً أنّ الولايات المتحدة ستقع في مستنقع خاص لا تستطيع الخروج منه بسهولة.

لقد أكَّدت الدوائر الاستخباراتية الأمريكية المركزية أن الولايات المتحدة الأمريكية لديها القدرة على التأثير لتأخير أي توغل بري على قطاع غزة، وإن الحرب الحالية في القطاع الفلسطيني لا يوجد فيها منتصر أبداً، وإن الضربات الجوية التي يقوم الكيان الصهيوني وما تتركه من خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات في الجانب الفلسطيني ليست هي الحل. وزعمت بعض الشخصيات الأمريكية النافذة أنَّ الولايات المتحدة – حكومةً وشعباً- ينظرون إلى الكارثة الإنسانية في قطاع غزة باعتبارها كارثة مريعة جداً.

كما جاء الحديث حول مسألة الدعم الأوروبي المطلق للكيان الصهيوني، بظهور أصوات بدأت ترتفع منتقدةً بشدّة هذا الانحياز  المفرط من قبل الحكومات الغربية، وانجرارها وراء الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في ظل تواصل المظاهرات المؤيدة لحق الشعب الفلسطيني في ظل المجازر البشعة التي يرتكبها الاحتلال بحق الأطفال والنساء في قطاع غزة، والتي وصلت إلى مستوى جرائم حرب .

لقد ربط عدد كبير من الخبراء والمحللين السياسيين والاستراتيجيين  موقف الحكومات الأوروبية الداعم للكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية بحرب أوكرانيا الساخنة، وبتصاعد اليمين  الشعبوي المتطرف في أوروبا المعادي للعرب، مبرزين أنَّ الأوروبيين والأميركيين يمكنهم أن يبذلوا قصارى جهودهم  لاحتواء الكثافة النيرانية في  قطاع غزة، على الرغم من توقعاتهم أن يستمر التصعيد العسكري الصهيوني لفترة طويلة غير محدودة.

ويتفق هؤلاء الخبراء والاستراتيجيين على أن الطرفين الأوروبي والأميركي لا يريدان اتساع الصدام، وحدوث انفجار في منطقة الشرق الأوسط، لكن السياسة الأميركية الحالية تسير على ما تم وصفه بحبل مشدود ضيق، فالولايات المتحدة وحلفائها الغربيين يستخدمون التهديد بالقوة العسكرية المفرطة لردع خصومهم في المنطقة، ولكنهم في الوقت نفسه لا يريدون التصعيد.

يذكر أن الولايات المتحدة قد أعلنت عن إرسال حاملتي طائراتها إلى المنطقة، مع رسالة من وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن جاء فيها: “لن نتردَّد في التحرك الفوري والعنيف ضد أي جهة تريد توسيع نطاق الحرب في الشرق الأوسط”.