مجلة البعث الأسبوعية

كرة اليد تمضي بلا دعم وشروط استعادة ألقها تتعدى اتحاد اللعبة!

البعث الأسبوعية- عماد درويش

يتفق جميع متابعي الرياضة السورية أن لعبة كرة اليد هي من أكثر الألعاب قدرة على التفوق وتحقيق الإنجازات على الصعيد العربي والآسيوي، ولو عدنا بالذاكرة لوجدنا أن يدنا كانت في مقدمة الدول العربية وحققت إنجازات كثيرة منها الفوز بالميدالية الذهبية في الدورة العربية الخامسة في دمشق عام 1976.

لكن بعد ذلك بدأ الخط البياني للعبة بالتراجع خاصة بعد هجرة معظم الكوادر التدريبية للدول المجاورة، وهناك ساهموا في تأسيس قواعد للعبة وعملوا على استقطاب عدد كبير من اللاعبين السوريين البارزين، وتجنيس بعضهم للعب مع المنتخبات الخليجية التي استفادت منهم وحققت إنجازات على الصعيد الآسيوي.

وللأسف واقع اللعبة حالياً لا يسر الخاطر حيث انحسرت ممارستها في عدد محدود جداً من المحافظات، واستطاعت بعض المحافظات عبر أنديتها استقطاب أبرز اللاعبين وتأهيلهم عسى أن تعود اللعبة لسابق عهدها.

خلافات ومشاكل

كذلك عصفت الخلافات والمشاكل الإدارية بين أبناء اللعبة حيث انقسم الغالبية إلى جماعات كل منها يحارب الأخر وانعكس ذلك على وضع اللعبة وتغيبت الأندية عن المشاركات، وأدى ذلك إلى إعادة تشكيل اتحاد كرة اليد أكثر من مرة نتيجة تلك الأجواء المشحونة بالخلافات التي أدت إلى تدخل الاتحاد الدولي لكرة اليد الذي أثمر بعد مخاض عسير عن انتخاب اتحاد جديد لقيادة اللعبة ضم العديد من الخبرات القديمة، وتبدو الخطوات الأولى للاتحاد الذي قام ببعض المبادرات والنشاطات مبشرة بعودة الهدوء للأجواء، وتجاوز المنغصات السابقة والبحث عن حلول لتنشيط اللعبة ودفع عجلتها للأمام.

لذلك عندما تولى الاتحاد الحالي مهامه أعلن عن جملة أفكار جميلة ينوي تنفيذها ومن أهمها إعادة بناء اللعبة على أسس صحيحة بعد أن انحسرت رقعتها و تقلصت إلى حدود محزنة، وأهم هذه الأفكار هي مشروع المواهب للأعمار الصغيرة حيث سيتم تنفيذه في عدة مناطق جغرافية لأعمار دون الـ14 عاماً ويتم اختيار اللاعبين من أصحاب المواهب، وسيقام بين التجمعات بطولات لإعطاء فرصة للمواهب لأثبات إمكانياتها، ثم يتم اختيار اللاعبين البارزين من خلال التجمعات وتشكيل المنتخب الوطني وإقامة معسكرات تدريبية له والمشاركة في البطولات العربية والقارية.

عدم اهتمام

أغلب خبراء اللعبة اتفقوا بأن كرة اليد لا تحظى بالاهتمام والمتابعة الجدية وهي بحاجة إلى المتابعة والبناء، والدعم المادي من قبل القيادة الرياضية وإدارات الأندية والتنفيذيات خاصة فيما يتعلق باحتواء الجميع من الخبرات، ورغم وجود محاولات جادة لتطويرها لكن لا زلنا بعيدين نتيجة الظروف المادية الصعبة التي تعاني منها الأندية بشكل عام، والهوة شاسعة بين الاهتمام بكرة القدم والسلة وبين كرة اليد، والمهمة ليست سهلة وبحاجة لتضافر كافة الجهود لتطويرها من جديد.

فكرة اليد في طرطوس مثلاً لا تختلف عن بقية المحافظات وكما يصفها جماهيرها (اللعبة المنسية) بعدما كانت رائدة محلياً وعربياً أواخر الثمانينيات وخرّجت العديد من الأسماء التي بصمت في تاريخ اللعبة أمثال عصام الشمالي وإبراهيم سليمان وسليمان رحال وعلي الزعيم، وفي السيدات مارسيل محفوض كابتن المنتخب الوطني بالتسعينيات واللاعبة والحكمة ميرنا شحود ، لكن بدأت في بداية الألفية الجديدة بدأت اللعبة بالتراجع والانحسار لأسباب عدة.

بعض هذه الأسباب لخصها لـ”البعث الأسبوعية” المدرب المختص ورئيس نادي الدريكيش علي الزعيم بالقول: تراجع كرة اليد في طرطوس ينعكس سلباً على كرة اليد في الدريكيش لأنه واجهة كرة اليد في المحافظة والرافد الأول لمنتخب سورية المدرسي والوطني، ومن أسباب التراجع انحسار أندية المحافظة الممارسة للعبة مثل نادي بانياس العريق، وعدم الجدية بالعمل بنادي مصفاة بانياس، والحضور الخجول لنادي شرطة طرطوس، أما نادي الدريكيش فهو يتبنى هذه اللعبة ومستكمل لجميع الفئات بالذكور والإناث ولم ينقطع عن المشاركة منذ تأسيس النادي عام 1986، وتراجع اللعبة أنثوياً يعود حالياً لعدم وجود صالة رياضية تحتضن اللعبة، والملعب المكشوف أرضه من “الأسفلت” ولا يلبي تطور اللعبة، بالإضافة لانعدام التوازن بالمرحلة نفسها التي مرّ النادي فيها عام 2015 وحتى عام 2019 بسبب استبعادي من قبل القيادة الرياضية خلال هذه المرحلة، ما أدى لانهيار كرة اليد بعد أن كانت في القمة “وصيف دوري السيدات وبطل دوري الناشئات من عام 2008 وحتى 2014”.

تراجع حاد

وأضاف الزعيم: حالياً اللعبة تمر بمرحلة إعادة هيكلة وهي تشارك في الدوري بجميع الفئات (ذكور وإناث) دون النظر إلى النتائج، والمشاركة هي لإثبات هوية يد الدريكيش على أنها موجودة على خارطة كرة اليد السورية، وهي رافد حقيقي للمنتخبات الوطنية أي أنها تمرض لكن لا تموت وستعود قريباً إلى منصات التتويج.

وحول تراجع كرة اليد السورية بشكل عام أكد الزعيم أن انحسار ممارسة الأندية لهذه اللعبة بعد الأزمة سبب أساس في التراجع ، حيث كان هناك ثلاثين نادياً للذكور و15 للإناث مصنفين على الدرجات الثلاث، أما حالياً فهناك ثمانية أندية للسيدات ومثلها للرجال وعشرة أندية للشباب والشابات والناشئين والناشئات والأشبال والشبلات، وهذا الكم من الأندية لا يطور اللعبة ولا يصنع منتخبات وطنية جيدة، إضافة لغياب سورية عن المشاركات الخارجية (منتخبات وأندية) على المستوى العربي والقاري والمتوسطي.

حلول للتطوير

واقترح الزعيم بعض الحلول لتطوير اللعبة وعودتها كما كانت في الماضي منها إيجاد نظام جديد للدوري فالنظام المتبع حالياً لا يطورها في ظل عزوف الأندية عن المشاركة، والاحتراف حالياً لا يخدم اللعبة نظراً للظروف الاقتصادية التي تمر بها الأندية، وإذا كان هناك حل يمكن تطبيق الاحتراف الداخلي حسب ضوابط وأنظمة مالية تتناسب مع المستوى الفني للاعبين ومستوى صناديق الأندية وإعادة هيكلية البنى التحتية للمنشآت الرياضية، وبناء صالات أو “هنكارات” تدريبية خاصة بكرة اليد وتشييد ملاعب مكشوفة “تارتان” أسوة بكرة اليد المصرية، وصقل المدربين خارجياً أو داخلياً بدورات تدريبية متطورة تواكب كرة اليد الحديثة، وإعادة صياغة القوانين والأنظمة بما يتناسب مع تطور الرياضة العالمية، والعمل على روزنامة دوري تواكب تطور اللعبة والعودة للمشاركات العربية والآسيوية والمتوسطية.